المقالات

قنابل دخانية” للإنسحاب من سورية – بقلم: حسان الحسن

بعد انقضاء نحو عام على الأزمة السورية، نظمت “المعارضة ” في بعض المناطق في سورية تجمعات شعبية محدودة تحت شعار “جمعة المقاومة الشعبية” بعدما كانت نظمت في مرحلةٍ فائتةٍ تجمعات مماثلة للمطالبة بالتدخل الخارجي.
إن أبرز ما يؤشر إليه رفع هذا الشعار الجديد، هو إنعدام فرص التدخل الدولي في سورية، إضافةً إلى أنه يعبّر عن حال الإرباك الذي تعانيه “المعارضة المذكورة” ومن يقف خلفها.
فالتراجع عن المطالبة بالتدخل الخارجي، لم يكن ناجماً عن صحوة ضمير لدى “مجلس اسطنبول”، بل عن اقتناعه بانسداد الأفق أمام أي عمل عسكري لتغيير الحكم في دمشق، لما لذلك من تبعاتٍ خطرةٍ على المنطقة برمتها.
والأمر المستغرب راهناً، هو استخدام المجلس المذكور شعار “المقاومة الشعبية” التي تكون عادةً لمواجهة عدو خارجي يعتدي على سيادة الأرض، فهل تحركات الجيش السوري على أراضي بلاده تشكل “احتلالاً” لسورية، يستوجب مقاومته؟!
إن الدعوة الأخيرة إلى إطلاق “المقاومة” ضد القوات المسلحة السورية، ربما تكون آخر تخبطات “المجلس الاسطنبولي” ورعاته، لانها  توحي بفقدان التوزان وانعدام الرؤى لدى هذا “المجلس”، لاسيما بعد نجاح العمليات الأمنية التي تنفذها الجهات المختصة لاستئصال البؤر الإرهابية في مختلف المحافظات السورية.
وفي هذا الصدد، يؤكد مرجع مطلع على حيثيات الواقع الميداني السوري أن القوات النظامية حققت الجزء الأكبر من أهدافها في مجال مكافحة الإرهاب، وأنها ماضية في مطاردة المجوعات المسلحة حتى عودة الأمور إلى طبيعتها واستتباب الاستقرار.
ويجزم بأن القوات المذكورة ستنجز الأهداف الرئيسية من عملية” الحسم الأمني” قبل 23 الجاري، قبيل موعد الاستفتاء على الدستور الجديد.
ويشير المرجع إلى أن الجيش يعتمد في مهماته طريقة “الجراحة الموضعية” لتطهير الأرض من البؤر المسلحة، حفاظاً على أرواح المدنيين والعسكريين، والتخفيف من الخسائر في الممتلكات أيضاً، لافتاً إلى نجاح العمليات الأمنية في غوطة دمشق وريف حلب اللتين ينعمان بالاستقرار راهناً.
وفي الوقت نفسه، لا تنفي مصادر سورية عليمة صعوبة القضاء على المجموعات المسلحة بالكامل في مرحلةٍ قريبة، لا سيما أنها تحظى بدعم مادي ولوجتسيٍ يفوق المعقول بحسب المصادر.
أما في شأن قرار إدانة العنف في سورية الصادر عن الجمعية العامة للأمم، فيؤكد خبير استراتيجي أن للقرار المذكور بعداً معنوياً ليس إلا، مستبعداً أي خطر على الحكم في دمشق، في ظل الدعم الروسي والصيني له في مجلس الأمن.
ناهيك بالتحالف الاستراتيجي بين سورية وإيران والمقاومة في لبنان، على ما قال الخبير الذي يرى أن الأزمة السورية شارفت نهايتها، عازياً الأسباب إلى قرب الإنتخابات الرئاسية الفرنسية والأميركية، ما يدفع الإدارتين الفرنسية والأميركية إلى التركيز على أوضاعهما الداخلية، والإنكفاء عن التدخل في شؤون المنطقة،  معتبراً أنه بات لدى المجتمع الغربي قناعة راسخة وضمنية بعدم جدوى اسقاط الحكم في دمشق.
ويلفت الخبير إلى أن تلميحات وكالة الاستخبارات الأميركية عن إمكان تورط تنظيم “القاعدة” في التفجيرين الانتحاريين اللذين استهدفا دمشق وحلب، هو بمثابة تراجع للإدارة الأميركية عن مشروعها في سورية، مشيراً إلى أن إتهام القاعدة هو للإيحاء بان سورية باتت مسرحاً لعمليات “القاعدة”، وبالتالي فأن هذا الأمر يدفع واشنطن إلى التراجع عن دعم “المعارضة المسلحة” في سورية، لكي لا يؤدي ذلك إلى تأمين أرض خصبة لنشاطات “القاعدة”.
ويختم بالقول: ” إن هذا الكلام أشبه بقنابل دخانية لتغطية الإنسحاب”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى