المقالات

لبنان… إلى أين؟ -16- كتب: عبدالله خالد

جاء إنفجار المرفأ الذي ترافق مع تشديد الحصار وزيادة العقوبات على سوريا ولبنان في محاولة لزيادة الضغوط عليهما ليشكل نقلة جديدة في المشروع الأمريكي-الصهيوني الذي يستهدف المنطقة عبر تصريحات تشير إلى مرحلة جديدة على صعيد التطبيع العربي الرسمي مع الكيان الصهيوني وصولا إلى التحالف وتوحي بأن الإدارة الأمريكية ستبقى في سوريا للهيمنة على ثرواتها النفطية وتشجيع داعش والأكراد لإبقاء الحرب الكونية على سوريا بأسلوب مختلف مستهدفا دورها الذي يعيق تنفيذ صفقة القرن الهادفة لتصفية قضية فلسطين وتثبيت الهيمنة الأمريكية على ثروات المنطقة والسعي على الصعيد اللبناني لتسريع عملية ترسيم الحدود البرية والبحرية لمصلحة الكيان الصهيوني الطامع في سرقة المزيد من الثروة النفطية المكتشفة بعد أن ظهرت مؤشرات على إمكانية بدء استثمارها قريبا بعد أن تكونت لديها قناعة بأن الإنهيار الإقتصادي والمالي سيجبر لبنان على الخضوع للإملاءات الأمريكية في موضوع الترسيم بعد التلويح بأن هذا الخضوع من شأنه أن يرفع الفيتو عن تقديم المساعدات الدولية المقررة بموجب توصيات “سيدر” التي ربطت بإصلاحات تتبناها الحكومة اللبنانية بعد أن تبخرت مساعدات باريس 1 و 2 و3.
ضمن هذا المناخ برزت المبادرة الفرنسية بتنسيق كامل مع الإدارة الأمريكية التي كانت تراقب تحرك الرئيس ماكرون وغيره من الموفدين الفرنسيين عبر تواجد موفد أمريكي لمتابعة ما يجري لضمان نجاح المخطط الأمريكي-الفرنسي المعتمد. وهذا ما ضخم الدور الخارجي وقلص الدور الداخلي خصوصا بعد أن نجح لقاء قصر الصنوبر الذي جمع الرئيس ماكرون مع مجموعة من السياسيين في تبني المبادرة الفرنسية بعد أن قدم الرئيس الفرنسي ورقة تبنتها أغلبية الحضور واعتمدت كنواة لبيان وزاري لحكومة سميت حكومة مهمة لمدة ستة أشهر تتبنى الإصلاحات وتتشكل من اختصاصيين من غير الحزبيين وكلف السفير د.مصطفى أديب بتشكيل الحكومة إنطلاقا من الورقة التي اعتمدت في قصر الصنوبر وقد لاقى تكليف السفير أديب بتشكيل الحكومة الجديدة ارتياحا كبيرا لما يتمتع به من مواصفات مناقبية وخلقية وعلمية بعد نجاحه في حياته العملية كأستاذ جامعي ومؤسس لمركز دراسات استراتيجية ومديرا لمكتب رئيس الحكومة بالإضافة إلى نجاحه في الحقل الديبلوماسي كسفير يضاف إلى ذلك فإنه ليس من أعضاء الشبكة الحاكمة الأمر الذي كان من شأنه أن يوفر تشكيل حكومة من إختصاصيين غير حزبيين رئيسا ووزراء لتبدأ مسيرة إصلاح جادة توصل البلاد إلى بر الأمان وهذا ما ترفضه الشبكة الحاكمة التي امتهنت الفساد والهدر ونهب المال العام والمحاصصة واعتماد الإستدانة كمدخل لتأجيل الإنفجار عبر اعتماد وصفات صندوق النقد الدولي التي تستند إلى فرض الضرائب ورفع الدعم عن مواد أساسية تصب لمصلحة الفقراء وذوي الدخل المحدود. وهكذا تلاقت المصالح لتضع العصي في دواليب التأليف الأمر الذي دفع الرئيس المكلف للإعتذار عن الإستمرار في عملية التشكيل والعودة إلى مقر عمله في ألمانيا.
ورغم ترشيح أكثر من شخصية للتكليف إلا أن عقبات غير مرئية بدأت تظهر لتدفع تلك الشخصيات إلى الإعتذار الأمر الذي طرح أكثر من علامة استفهام بقيت دون أجوبة مقنعة ترافقت مع بدء فرض عقوبات اقتصادية على أكثر من شخصية سياسية أحدثت ارباكا في مسيرة مساعي التكليف والتشكيل لتعود إلى نقطة الصفر الأمر الذي أوحى بوجود مخطط ضاغط يعيق عملية التشكيل إلا بمواصفات محددة سلفا.
عبدالله خالد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى