المقالات

للفشل آباء كتب: د. قصي الحسين

أغراني هذا العنوان الذي تصدر الصفحة الأولى من جريدة الأخبار اللبنانية: 23/6/2021. وجدته يتحدث عن معاناة “
كرة القدم” اللبنانية، منذ تاريخها القديم، وحتى اليوم.
وجدت مشابهة تقع بين الكرة السياسية، والكرة الرياضية. كلاهما كرة، تتقاذفها الأيدي، وتتقاذفها الأرجل. ويدير الحكم اللعبتين من الخلف.
مكمن الفشل من حيث المبدأ، إنما يقع عادة، على عاتق الحكم، أو على عاتق اللاعبين. وقلما يشذ الأمر عن ذلك، ويتجاوز إلى الظروف وإلى الطبيعة، وما يتصل بهما، من عوائق، ومن إحتمالات وتخمينات خاطئة.
وإذا كان وجه الفشل واحدا في اللعبتين، فإنما الأمر عندنا، هو في ثمن الفشل الذي يدفعه اللاعبون والجمهور على الأرض.
تاريخ الكرة السياسية: هذة اللعبة التي يلعبها رجالها، منذ تأسيس الكيان، إنما يتأسس على إزدواجية مشبوهة. تدوال هذة الكرة السياسية بين الداخل والخارج.
داخل منقسم على نفسه، منشعب إلى عدد عظيم من الطوائف، يستحيل الجمع بينها، على وضع قوانين موحدة للعبة. وخارج منقسم، ومنشعب إلى دول عظمى وصغرى. وإلى محاور . تتضارب كل يوم فيما بينها، على السياسة في الإقليم، وعلى الموقف منها في كل حين.
قلما نجد متعهدين دائمين للعبة السياسية، إلا في لبنان. وقلما نجد إجتماع عواصم ومحاور، في وطن سيد حر مستقل، لتقدم واجهة اللعبة السياسية فيه، إلا في لبنان.
طوائف تفضل اللعب السياسي، في الأوحال، وعلى أرض الملاعب الرخوة، على أن تذهب للعب النظيف.
اللعب السياسي النظيف، له شروطه العلمية الدقيقة. له شروطه الصحية السليمة. وهو لا يقبل التشويه، ولا يقبل التمويه ولا التزوير.
طوائف منقسمة على نفسها. غير مندمجة فيما بينها، يتقدمها لاعبون سياسيون. يثيرون النعرات الطائفية، لأجل شد العصب لأجل الحشد والتحشيد.
يرهنون اللعبة السياسية كلها، على الإنقسام والتشتت، لا على الإجتماع والتوحد لبناء الوطن الواحد.
فكيف نلعب بالسياسة، لأجل وحدة الدولة، لأجل وحدة شعبها، لأجل وحدة مؤسساتها، لأجل وحدة الموقف في الدفاع عن حدودها، عن سيادتها، عن مستقبلها، بأبطال طائفيين مغامرين تقسيميين.
لعبتهم؛ سداها ولحمتها، الطائفية والعصبية والإنقسام والحشد والتحشييد على كره الآخر في المواطنية الواحدة.
للفشل آباؤه إذا، حين يتم بناء اللعبة السياسية على أساس فاسد. فما بالكم إذا إستكمل الفاسدون والفاشلون والطائفيون والتقسيميون لعبهم المشبوه مع الخارج.
تراهم يتطلعون إلى الخارج، للإستقواء به، على خصومهم في المواطنية في الداخل. يدخلون في محاور مشبوهة، لا تجر إلا المتاعب للبلاد. ولا تخدم في حاجة، ولا تروج لأمر، إلا لأمر من أمور الفساد.
للفشل آباؤه، حين يتم إستدراج دول للتسيد في لبنان. حين يتم إستدراج دول لإحتلال لبنان. حين يؤسس الطائفيون، دولة خاصة بهم، مدعومة من محور. مدعومة من عاصمة. حين يأتيهم الدعم مشروطا، بالإنتماء وبالولاء.
مال خارجي، وسلاح خارجي وولاء خرجي، لكل طائفة. ولكل زعيم طائفة.
تقتتل الدول والعواصم والمحاور فيما بينها. فيتم بعث الرسائل من لبنان، لأنه الأقل كلفة. ولأنه الأكثر مأمنا. ثم يتحدثون عن الفشل السياسي، في إدارة لبنان.
كيف يتم البناء على أساس من الفساد. كيف يتم البناء على الفشل. كيف تكون نهاية اللعبة السياسية، حين يكون اللاعبون السياسيون هم إنفسهم، آباء الفشل.
للفشل آباؤه، طيلة قرن من الزمن. للفشل آباؤه، منذ تأسيس الكيان.
لماذا لا ننزه السياسة عن الطائفة. لماذا لا ننزه السياسة عن الإرتهان.
للفشل آباؤه إذا، ما دامت الكرة السياسية محكومة، بالطائفية، ما دام اللاعبون طائفيين. وما دامنا نرى الكرة نفسها تتدحرج خارج الملعب، ونصر على أنها لعبة داخلية. ونصر على إعتبارهاملعوبة بلا إرتهان.

د. قصي الحسين
أستاذ في الجامعة اللبنانية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى