المقالات

تحت وطأة التقدير العشوائي… رفع رسوم بلدية بيروت 10 أضعاف؟ \ ندى الحوت \ المصدر موقع /www.grandlb.com

ضرائب عشوائية يفاجأ بها اللبناني مع فشل الحكومة والدولة في التوصل الى حلول جذرية لمكافحة الفساد والرشوة في الدوائر الرسمية وإقفال المعابر غير الشرعية؛ ومع غياب دور الدوائر العقارية والتي تعتبر المصدر الثاني لايرادات الدولة يدفع اللبناني الثمن عبر مواجهته تحديات الواقع الاقتصادي وآخرها فرض رسوم من بلدية بيروت تقضي بأن يدفع المواطن عشرة أضعاف ما كان يدفعه من رسوم في السابق.

وأوضح محافظ بيروت القاضي مروان عبود خلال لقائه فاعليات اجتماعية أنه سينظر في أمر الرسوم لذوي الدخل المحدود والبيوت الصغيرة، مشيراً الى أن الزيادة ستختلف بالنسبة الى أصحاب المطاعم والمنتجعات السياحية والمجمعات التجارية.

وأكد النائب ابراهيم منيمنة الذي شارك في اللقاء أنه يعمل على متابعة هذا الموضوع، وأن على بلدية بيروت ووزارة المالية الاتفاق على قيمة تأجيرية موحدة “وهذا ما أقوم به كخطوات لحل جزء من المشكلة”.

وبحسب الرأي القانوني حول هذا الموضوع، فانه لا يمكن فرض الرسوم بناء على عشوائية التقدير.

وشدد المحامي رامز مصطفى حمود في حديث لموقع “لبنان الكبير” على وجوب “أن يستند تعديل الرسوم البلدية وفرضها بالمبدأ إلى معايير علمية وفنية كما هو محدد في قانون الرسوم والعلاوات البلدية الصادر بموجب القانون رقم 60/ 88، الذي صدر في حالة مماثلة للمرحلة التي تمرّ بها البلاد اليوم، حين حصل انخفاض مماثل لقيمة النقد الوطني وطرأت حالات مفصلية في الحياة العامة في لبنان كما نشهد اليوم”.

وأوضح حمّود أن “الرسوم البلدية تم إحصاؤها بموجب القانون المذكور، وحصرها على وجه التحديد بشكل يشمل كل ما تتممه البلديات من جبايات بصورة مباشرة، وكذلك ما تجبيه الدولة لحساب البلديات. وفي حال تطبيق القانون المذكور في الجباية فإن من البديهي القول ان جميع البلديات في لبنان سوف تتمكن من القيام بواجبها على أفضل حال على الرغم من انخفاض قيمة النقد الوطني وقوته الشرائية”.

وقال: “إذا نظرنا خارج إطار العقلية السائدة حالياً في لبنان والتي تشبّعت بغاية التحصيل المالي النقدي، لوجدنا أن بعض المدن والعواصم أصبحت تستخرج التكليف عبر استخدام خوارزميات معدّة من أخصائيين في تقدير كلفة الخدمة التي تؤدى في النطاق البلدي على سبيل المثال: نظراً الى مكان وجود العقار، مساحته، ابتعاده أو قربه من مركز المدينة أو الموانئ الجوية والبحرية، غاية استخدام العقار، النسبة الممكن فرضها على شاغل العقار. وعلى ذلك، يمكن أن تكون الخدمة البلدية المؤداة لشاغلي العقارات متناسبة ومقدّرة مع مقدار الرسم التي تجبيه تلك البلديات، لا أن تجبي الأخيرة رسوم خدمات هي غير قادرة على تقديمها فعلياً، أو أن تكون الغاية تكديس أموال لإنفاقها في غايات لا تتواءم مع طموحات أبناء تلك البلديات أو المستفيدين من خدماتها”.

ورداً على سؤال عما اذا ستتمكن البلديات من جباية الرسوم التي ستحددها بناء على عشوائية التقدير، أجاب حمود: “من المعروف أن بعض الرسوم يتم تحديده بقيمة نقدية معينة بالليرة اللبنانية، ولكن الرسوم الأهم هي المحتسبة بالنسبة المئوية أي استناداً الى قيمة الكلفة الفعلية، والتي تحدد وفقاً للأسعار الرائجة والواقعية. من هنا نجد أن البلديات تعرض ماليتها إلى تهديد حقيقي في عملية الجباية في حال قامت برفع قيمة الرسوم عشوائياً أو تقديرياً أو بناءً على ما هو رائج اليوم في لبنان في ظل الأزمة القائمة عملاً بنظرية النسبة والتناسب، بين ما كان قائماً سابقاً حين تثبيت سعر الصرف الرسمي للدولار الأميركي على سعر 1500 ليرة لبنانية للدولار الواحد. فلا يمكن لولرة الرسوم ولا دولرتها لأن في ذلك ارتكاباً لخطأين فادحين، الأول يتمثّل في انحسار جباية الرسوم وما سيعكسه عجز البلديات عن تأدية الخدمات التي تقابلها، إما عبر تعريض سكان البلديات إلى التهجير من أماكن سكنهم أو عملهم وبالتالي حرمان البلديات من حالة الإشغال في المباني السكنية وغير السكنية وما يعكسه من توجّب رسوم الخدمات البلدية وسواها، وإما عبر تشجيع التهرب من تسديد الرسوم وبالطبع جميعنا يعلم أن التحصيل الجبري للرسوم لن يتم وفقاً لأحكام القانون في أي مدى منظور. وهذا ما سيحدث في الحالتين فقراً في المالية العامة للبلديات وبالتالي إفقاراً لقدراتها الانتاجية والخدماتية، وتباعاً تدنّياً في القيمة العقارية وما يعكسه من تدن في قيمة الرسوم المتوجبة”.

أضاف: “الخطأ الثاني يتمثّل في خلق قاعدة وأثمان تحت بند رسوم مستحدثة لا تعكس الواقع الحقيقي لطبيعة الخدمات البلدية ومستواها في ظلّ التفلّت البيئي – الاجتماعي (والأمني في بعض الأحيان) لمعظم المناطق اللبنانية، فأي ارتفاع في الرسوم يجب أن يراعي المستوى الخدماتي الذي يؤدى مقابلها وليس ارتكازاً على الواقع في المرحلة الانتقالية التي تعيشها البلاد، والتي ستستمر على الأقل للسنوات الخمس المقبلة. وغاية البلديات هي التطلع إلى الارتقاء بمستوى الخدمات، وهذا لا يمكن أن يتم من دون وضع خطط مستقبيلة ورؤى قابلة للتحقيق”.

ورأى أن “البلديات يفترض أن تضع أطراً عملية تراعي الأسس العلمية والواقعية والتنموية التي تنظرها كل بلدية لنطاقها البلدي، بناء على تصوّر تنموي لاقتصادها وليس بناء على ما تضعها بلديات أخرى قد ترتكز على مقومات انتاجية أو سكنية مختلفة بصورة كلية أو جزئية”.

وأكد حمّود أن “كل بلدية يقتضي أن تراعي الطابع الاجتماعي والقدرة الاقتصادية لمعظم القاطنين فيها وتضع سلّم أولويات في الجباية، هادفة إلى المحافظة على المستوى الخدماتي لمالكي العقارات والقاطنين المستفيدين من خدماتها التي تؤديها وليس استناداً إلى المواسم الاقتصادية المتقطعة”.

وفي الخلاصة، اعتبر حمّود أن “فرض أية رسوم أو تعديل أي منها دون سواها هو الأجدى والأكثر واقعية ويتوافق مع إمكانات البلديات في الجباية المباشرة والسريعة نسبياً، ويقتضي بالبلديات أن تلتفت إلى واجبها الأساس ألا وهو الإنماء والتحسين بحسب طبيعة القاطنين في كل منها وليس استهداف الجباية المرتفعة وغير الواقعية من دون وضع سلّم أولويات، والتي قد لا تبصر أي قبول من الشاغلين لأجل السكن أو تسريع عجلة الإنتاج في المناطق كافة، والتي نحن بحاجة إليها في وضعنا الراهن”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى