التحقيقات

حول إعلان بيروت عاصمة الإعلام العربي كتب : اسامة اسماعيل

كلمة الإعلام في اللغة هي مزيد الثلاثي عَلم.وجاء
في “لسان العرب” لابن منظور. العلم نقيض الجهل، علم علما”، وعلمت الشيء: عرفته. وأعلمه إعلاما” نقل المعرفة. فالإعلام في الأصل هو نقل العلم والمعرفة من شخص إلى آخر ويقول فرنان ترّو في كتابه “الإعلام” (L’information) :”الإعلام هو نشر عناصر المعرفة أو الأحكام في صيغة مناسبة”. فهذا المعنى يرتدي َطابعا”معرفيا” وثقافيا”نخبويا”، ولكن تطورات التكنولوجيا التي حدثت وانتقال الإعلام من الطور المعرفي النخبوي إلى الطور الجماهيري وحالة ما يطلبه الجمهور، أضعفت الوظيفة المعرفية والثقافية والإرشادية والتغييرية للإعلام.
أصبحت معظم وسائل الإعلام، وخاصة المحلية تقدّم الوظيفة الإخبارية والترويجية على الوظيفة المعرفية والثقافية والتغييرية. ومعظم محتواها يندرج في سياق نقل أخبار السياسة الآنية والإنتخابية والدعاية السياسية وفي حالات معينة الدعاية الدينية المذهبية بالإضافة إلى بعض البرامج الإجتماعية والترفيهية السطحية والمتكررة والمملة،فيغيب عن المحتوى الإتجاه النخبوي التغييري المستقل الذي ينتقد ويعالج الظواهر الدينية والسياسية والإجتماعية والإقتصادية التي تتعارض مع الإيمان الحقيقي والعقل والإرادة الفرديين والحرية والإستقلال والتوازن والعدالة والتنمية، بل إن المحتوى يسهم في تشجيع هذه الظواهر واستمرارها وازديادها. ومع إعلان بيروت عاصمة الإعلام العربي تطرح تساؤلات : أين وسائل الإعلام التي يوجد معظمها في بيروت من الوظيفة المعرفية والإرشادية والتغييرية وأين هي وسائل الإعلام المحلية المتخصصة ؟ وأين حصة المناطق اللبنانية الأخرى من هذا الإعلام؟ وهل يجد المتخرج من كلية الإعلام والصحافة صاحب الكفاءة والخبرة فرصة عمل أو وظيفة بدخل يكفي حاجاته ومتطلباته؟ وهل وسائل الإعلام ذات الإمكانات الكبيرة في لبنان، ومعظمها موجود في العاصمة بيروت منفتحة على توظيف المتخرج صاحب الإختصاص والكفاءة المستقل أو التعامل معه أم أن الأبواب مفتوحة للتابع والمحسوب والمتملق ومتسلقي النجومية والشهرة فحسب؟ وهل تلفزيون لبنان وهو تلفزيون الدولة الموجود في العاصمة بيروت ينال حقه من الإهتمام والدعم مثلما تنال التلفزيونات الخاصة التي يملك بعضها أو يسهم فيها مسؤولون في الدولة حتى لاتبقى برامجه مقتصرة على عرض ما لديه من محفوظات وأرشيف متكرر؟ وهل الحرية الإعلامية والفكرية والثقافية في لبنان هي في صحة جيدة وعافية، فإذا أراد الإعلامي والصحافي والكاتب والمثقف النخبوي المستقل أن ينتقد النظام السياسي والإجتماعي والإقتصادي والسلطات الدينية المذهبية والسياسية والأحزاب ومن يسمون “الزعماء” والمجتمع ألايتعرض للتضييق على رزقه ومصلحته المادية وحريته و الإزعاج الإزعاج والأذى وخاصة أن أكثر من نصف الصحافيين و”المحررين” (الكتٌاب) اللبنانيين لاينتمون إلى نقابة المحررين اللبنانية المعنية بحماية هؤلاء وحقوقهم وخاصة حق العمل والإرتزاق والإحترام وحرية التعبير والرأي والدفاع عنها لاتقييدها وحصرها بالمنتسبين إلى النقابة القادرين على دفع رسم الإنتساب السنوي والمحظيين فحسب؟ وإذا انتقد الظواهر الدينية المذهبية والسياسية والإجتماعية والإقتصادية التي لاتتوافق مع عقله وإرادته واقتناعاته ومصلحته ألايتعرض أيضاً للتضييق والإزعاج والأذى؟ فالجمهور كما يقول غوستاف لوبون في كتابه “سيكولوجيا الجماهير”, “لايتحمل الإعتراض والمناقشة”.
إن هذا الواقع هو نتيجة الضعف الذي يعتري الوظيفة المعرفية والثقافية والتغييرية للإعلام في هذا البلد وحرية الفكر والتعبير والإعلام والصحافة والإستقلال. فالإعلام وفق ولبر شرام :”ليس نقل معلومات فحسب بل إنه يساعد على تغيير الإتجاهات لتحقيق الأهداف الصحيحة المرجوة،.” وعرّف الإعلام بأنه عامل رئيس في تحقيق التنمية الشاملة وعامل حاسم في تطوير سلوك الإنسان هدف التنمية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى