المقالات

النوّاب التغييريّون: 10 في اليد..و3 على الشجرة! كتب :جوزاف وهبه

لا تظلموهم كثيراً في اختلافاتهم وتباين مواقفهم، ولو أدّت الى خسارات موضعية لن تبدّل تبديلا في المشهد السياسي القائم والقاتم.فهم أصلاً لم يصلوا الى المجلس النيابي ككتلة سياسية متراصة المبادئ والعناوين والاستهدافات الطويلة الأمد.إنّهم زبد متنوّع من عصف 17 تشرين، فلا بدّ أن تشهد مسيرتهم تعثّرات وإخفاقات وتناقضات، خاصة وأنّهم سيتعرّضون لإغراءات أهل السلطة من جهة، ولعملية احتضان شبه قسريّة من أهل المعارضة الأكثر نضجاً وتماسكاً من جهة أخرى!
الإنقسام العلني الذي بدا جليّاً في الاستشارات الوزارية الأخيرة (10 في يد نوّاف سلام و3 على شجرة لا تسمية) لا يثير الخوف، وربّما هو محطة طبيعية لا بدّ منها في مسيرة اشتداد عودهم السياسي وامتلاكهم التدريجي للقدرة على المناورة والانتقال من الاستعراض الى الفعل والتأثير.
ولكن بات ضرورياً البحث عن بعض الاجراءات الفكرية، إذا صحّ التعبير، كي لا يصلوا هم، ويصل معهم جمهورهم الحالم (وهو من الجيل الشاب) الى الحائط المسدود.
عمليّا، لقد انتهت الحقبة الأولى من ثورة 17 تشرين، وأثمرت 13 نائباً وخلخلة في النظام الحاكم، وهذا يدخل في إطار ردّة الفعل.وبات لزاماً على نتاج هذه الثورة (أي ال 13 نائباً) أن ينتقلوا الى الفعل، وذلك على أكثر من مستوى ومن إتجاه.وكل يوم تأخير في تظهير هذا الفعل، إنّما هو خسارة تؤدّي الى التفكّك في أمال الشباب المعلّقة على ما أنتجته إنتفاضتهم وأصواتهم الانتخابية.الأمال، وهي أقرب الى الأحلام، لا تنتظر كثيراً.سرعان ما تتحوّل الى خيبات وهجرة ورفض للواقع وللمستقبل، وربّما ندم على ما فعلوه وما حلموا به في الماضي القريب..أمّا المطلوب فيمكن اختصاره (كقراءة أولى) في مهمتين مصيريتين:
-الأولى، المسارعة الى قيادة الجيل الشاب الناخب (هو يفترض أنّه اختار النخبة والقادة) بخطاب جديد مسؤول قد يعاكس طراوتهم ونقاوتهم، وذلك بالتخلّي الواعي عن الحسابات الشعبوية، دونما الخوف من خسارة الأصوات التي أوصلتهم الى البرلمان.النيابة ليست هدفاً دائماً، بمعنى عدم التمسّك بمقولة “الشباب عايز كده” حفاظاً على مقعد ما بعد 4 سنوات.المطلوب الجرأة في مخالفة حماس الشباب والتأثير في أفكارهم لتكون أقرب الى الواقع، وبالتالي أكثر تأثيراً في هذا الواقع، إنتقالاً من ردّة الفعل الإنفعالية الى ما نسمّيه القدرة المادية والملموسة على فعل التغيير، وانتقالاً من النظرية الى التطبيق.ببساطة على مجموعة ال 13 أن تصيغ خطاباً من معطيات التحوّل الجديد، أي معطيات الدخول في لعبة السلطة والنظام.لا تخافوا من بعض التنازلات الشكلية، والتي لا بدّ منها.لم تعودوا أبطال شوارع 17 تشرين، بل ممثلي هذه الشوارع في سلطة شديدة الدهاء والتعقيد والإغراء!
-الثانية، الموالاة والمعارضة مساحات واسعة ومتعدّدة.عليكم الإصطفاف (وليس الإلتحاق) في واحدة منهما.وطبعاً المعارضة هي المساحة الأقرب.التراجع عن شعار “كلن يعني كلن” خطوة موضوعية الى الوراء، كي تتمكّنوا من التقدّم خطوتين ناجحتين الى الأمام.شعارات الشارع مرحلة قد لا تصلح في تراكيب السلطة وفي قيادة المرحلة الجديدة.مدّ اليد بوضوح وجرأة الى من يشبهكم في هذه المرحلة “شرّ” لا بدّ منه، وإلّا تتوالى الخسائر، كما في نيابة رئاسة المجلس وفي رئاسة الحكومة.وإذا ما تكرّرت الخسائر ولو المحدودة قد تبلغ حدّ الهزيمة.الخسارة قد تجوز، أمّا الهزيمة فهي قاتلة لجيل بكامله، جيل عقد الأمل الساطع عليكم.إفتحوا عقولكم (والمصالح المشتركة) على القوات اللبنانية والكتائب والشخصيات السيادية، أمثال أشرف ريفي وميشال معوض ونعمة افرام وغيرهم.لا أمل بالتغيير دونما التنسيق مع جميع تلاوين المعارضة.قد يراه البعض “سُمّاً”، ولكن تأكّدوا من وجوب تجرّع هذا السُمّ..في طريق الشفاء البطيء والطويل!
جوزاف وهبه – جريدة الدوائر العدد 522 تاريخ 30 حزيران 2022

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى