المقالات

حماة الديار …..

إنتشر الاسلام بين الأمم بالمحبة والتسامح والتآخي بين أفراد المجتمع , بالعدل بين الفقير والغني والمساواة بين الأبيض والأسود والعربي والأعجمي وما كانت الحملات والغزوات الإسلامية تشن عدوانا ًوقهرا ً بل لرفع  الظلم عن الشعوب وتوضيح سماحة الدين السماوي وأسسه المبنية على العدل واحترام الآخر وحق الشعوب وحرية معتنقاتها  , خلافاً لما تصوره بعض الجماعات والمنظمات التكفيرية المعاصرة التي تدعي الاسلام وهي تجهل عظمته وترفع راية التوحيد وتتجاهل حرمة العباد وحرمة قتل الأبرياء وترويع الآمنين .
وهذه المقدمة ما هي إلا لتبيان أهمية احترام كافة الديانات والعبادات والتبعية الدينية , فمنذ مئات السنين وبعد استكمال الفتوحات الإسلامية كان التعايش الإسلامي مع سائر المجموعات والشعوب التي تعتنق الأديان المختلفة, ولم نشهد على مدار هذه السنين الطويلة تهجيراً طائفياً أو مذهبياً حتى عهد تقسيم السلطنة العثمانية وتقطيع البلاد الى مجموعات والسعي لتفتيت وشرزمة الشعوب لعدم التمكن من إعادة بناء الهيكلية الإسلامية العربية التي تهدد بتشكيل قوة إسلامية متكافلة متضامنة تعيد نشر الحضارة الإسلامية المدموجة بالتطور العلمي لأنهم على يقين بأن الحق الذي تتمتع به العقيدة الإسلامية لا ينقصه إلا شباب واعٍ ورجال عازم على الدعوة ومجتمع متحضر يَمضي في أعمار الأرض ضمن الشريعة الإسلامية والضوابط الشرعية  ….
ومن هنا ننتقل إلى المأساة التي نجح المتآمرون بزرع بذورها في هذه الدول, واعني بالدول العراق وسوريا والأردن ولبنان ومصر…. فبعد أن حاولوا زرع الفتنة بين المسلمين والمسحيين وفشلوا فيها لعدة اسباب أولها : التزام الأكثرية المسلمة بوعيها الديني ,
وثانيها العقيدة الإسلامية التي تنص على أن اقرب الناس الى الاسلام هم الذين قالوا انا نصارى وثالثاً بأن المجتمع المسحي يتمتع بقدرة عالية لكشف المكائد وتفكيك المؤامرات….
فمن أجل ذلك كان المخطط الاقوى لضرب هذه الدول هو عبر سحب وتهجير المسيحيين من هذه الدول ,  فكل دولة يريدون تفتيتها ونشر الفوضى داخلها يهجرون المسيحيين منها إما بترغيبهم بالعمل خارج البلاد وإما بترهيبهم عبر الاعتداء المسلح على بعض المسيحيين وعلى مراكزهم وأماكن العبادة الخاصة بهم لرسم صورة الاعتداء باسم  الإسلام  …
فهذا ما جرى بالعراق ُفرّغَ من مسيحييه عبر التفجيرات المتنقلة التي استهدفت المراكز المسيحية وأماكن تواجدهم وتجمعاتهم وبعد ذلك بوشِر  بتحقيق الهدف الأساسي وهو الفوضى

والتفكيك فكان دعم الفتنة السنية الشيعية حجة كافية لوضع العراق في مهب الريح  ( وكل ذلك  لتفتيت هذه الدول التي نتجت عن تفكك السلطة العثمانية الى دويلات ) .
وما يحدث الآن في مصر ليس بعيداً عن هذا المخطط ألتقسيمي ولكن الصورة تختلف طبعاً لأنه من المحال  تهجير جميع الأقباط كونهم أهل البلاد ونظرا ً للأعداد الكبيرة   فكان القرار اجاد الخلاف وتعميقة بين المسلمين والاقباط للوصول الى مطالبة الاقباط بدولة قبطية مستقلة  مما سيؤدي إلى الهدف بعينه وهو تقسيم الدول الى دويلات طائفية ….
وبالعودة إلى لبنان فنحن  نقول  لإخواننا المسيحيين في هذا البلد اليوم انتم حماة الديار,
أنتم ترسخون وجود دولة لبنان ,  فالدعم الأوروبي والغربي للبنان انتم غايته  ووجودكم هو السبب الأقوى للحفاظ على هذا الوطن , أنتم الورقة الأصعب باللعبة ومن ملكها ملك نصاب التوازن , ويجب على كل الأفرقاء في لبنان الاستفادة من هذا الواقع فالمسيحيون مطالبون باستعادة لعب الدور الأساسي لهذه الطائفة لأن التوازن في لبنان لا يقوم على العدد بل يقوم على التوافق والتنسيق بين الطوائف, ولا يظنن أحد بأن ما نقوله صعب التحقيق تحت شعار أن لبنان أصغر من أن يقسم  فلبنان هو الهدف الأول بالتقسيم لإلغاء مثال  التعايش الطائفي في المنطقة واستبداله بدويلات طائفية تخدم المخطط اليهودي     …..

مدير المركز الاسلامي
طرابلس
الشيخ رامي أحمد الفرّي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى