المقالات

أضرار جانبية د. محمد أمين الميداني المصدر: موقع الجريدة

يتم التذكير عادة بوجود «أضرار جانبية» نتيجة الحروب والكوارث، وتتولد عن هذه الأضرار، في الكثير من الحالات، نتائج سلبية وخطيرة تصل إلى العديد من البلدان! ولعلنا نرصد بعض الأضرار الجانبية الناتجة عن الغزو الروسي لأوكرانيا واحتلال بعض أجزاء من أراضيه والدمار والخراب والقصف والقتل واللجوء الذي نراه على الشاشات ونقرأ ونسمع عنه منذ نهاية الشهر الثاني من هذا العام. وسيقتصر الحديث عن الدول الأوروبية المجاورة وغير البعيدة عن مسرح العمليات العسكرية، ونبدأ بموجة النزوح الداخلي التي عرفتها بعض المدن الأوكرانية، واللجوء منها إلى عدة دول أوروبية وبخاصة تلك المجاورة لأوكرانيا، حيث قصد الآلاف من الأوكرانيين، ومن الذين كانوا مقيمين في مختلف مدنها من جنسيات مختلفة كانوا ضحايا أضرار جانبية فليس لهم في هذه الحرب الأوروبية لا عير ولا نفير، إلى دول مثل: بولونيا، وسلوفاكيا، ورومانيا، ومولدافيا، وهنغاريا، ناهيك عن الأوكرانيين والمقيمين الذين توزعوا في العديد من البلدان الأوروبية الأخرى. كما تضررت بعض المناطق البولونية القريبة من الحدود الأوكرانية من نتائج القصف الجوي وأضراره، وحبست الدول الأوروبية وبخاصة تلك الأعضاء في منظمة حلف شمال حلف الأطلسي (الناتو) أنفاسها بانتظار التأكد من نتائج هذا القصف ومن المسؤول عنه؟ وطُرحت تساؤلات: هل يجب تفعيل المادة (4) من ميثاق حلف شمال الأطلسي، التي تنص على إجراء مشاورات طارئة في حالة تهديد إحدى الدول الأعضاء في الحلف ونقصد بولونيا، أم يجب تفعيل المادة (5) من ميثاق هذه المنظمة، والتي تعتبر الاعتداء على عضو فيها اعتداء عليها جميعاً، وتوجب على أعضاء الحلف تقديم كل مساعدة ممكنة للدولة المعتدى عليها؟ ولكن تبددت المخاوف وتم التأكد من أن ما حدث هو «ضرر جانبي»، نتيجة محاولة التصدي لأحد الصواريخ مما نتج عنه سقوط أجزاء منه في الأراضي البولونية! أما في الدول غير المجاورة لأوكرانيا، مثل ألمانيا وفرنسا، فتجلت الأضرار الجانبية بأزمات تتعلق بالمحروقات وارتفاع أسعارها والنقص في الإمدادات، بالإضافة إلى ارتفاع حاد في كثير من الأسعار، وبعض النقص في مواد غذائية، ويدور الحديث هذه الأيام عن ضرورة ترشيد استهلاك المحروقات، والعمل على توفير الطاقة والاقتصاد في استهلاكها، بل أصبحنا نسمع عن إمكانية قطع الكهرباء في أوقات محددة عن بعض الخدمات والمدن إذا استدعت ذلك الظروف! وبيّن الرئيس الفرنسي في الشهر الثامن من هذا العام أن الوفرة التي اعتاد عليها مثلاً الشعب الفرنسي لم تعد كما كانت عليها، ولعله يقصد أن ذلك يستدعي مزيداً من الانتباه والحذر وعدم الإهمال أو الاستهتار الذي يمكن أن يولد آثاراً سلبية فيما يتعلق بالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والبيئية للشعب الفرنسي. تزيد «الأضرار الجانبية» الأوضاع سوءاً، وتتفاقم هذه الأضرار مع استمرار أي نزاع أو حرب، وكلما تم تفادي الاستمرار في الاعتداءات واستهداف البنى التحتية وحياة السكان وأسباب معيشتهم تم حصر هذه الأضرار والحد من نتائجها الخطيرة والسلبية على كل المستويات، ويجب ألا يغيب عن الأذهان أنه لا مبرر لأي غزو لأراضي دولة أخرى، ولا يشفع للمعتدي وقد أوقد نيران حرب أي أعذار أو مبررات في وقت يسعى فيه المجتمع الدولي بمختلف دوله ومنظماته إلى إيجاد حلول سلمية وتسوية لما ينشأ من نزاعات وصراعات بين الدول تفادياً لما سيلحق بمناطق النزاع وسكانه، ودول غير بعيدة عنه، من قتل وخراب وتدمير وتشريد. * أكاديمي وكاتب سوري مقيم بفرنسا.
نشر في 13-12-2022

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى