المقالات

“حَسَن الإمام” كَشاش حَمام؟؟ l المحامي عبدالله الحموي

بَعد هَزيمَة حُزيران ١٩٦٧ حَطَت غالبية شركات الانتاج السينمائي المصرية رِحالَها في العاصِمَة اللبنانية “بيروت”, حيث وَقَّع المُخرِج “حَسَن الإمام” مع الفنانة اللبنانية السيدة ” ليلى كَرم” عَقداً للمُشارَكَة في أحد افلامِه.

ومِن المَعروف عن الفنانة” ليلى كَرَم” دِقَّتَها وانضباتيتها واحترامِها للمواعيد حتى أنها كانت تَقرأ السيناريو عدة مرات وتحفظ دورها عن ظاهِر قلب مع اهتمامِها شخصياً بأدق التفاصيل من اختيار الملابس والألوان بغية إعطاء الدور حقه الى أبعد مدى.

وأثناء تصوير أحد مشاهِد فيلم ” كُلُنا فدائيون” وقعت فاجعة حيث كان يتم تصوير المشهد داخل “ستيريو” في بَلدَة “الحازمية” شَرقي “بيروت”. وكان المُخرِج ” غاري كاربتيان” قد أعد قنبلة صوتية ليتم تفجيرها داخل “الستيريو” لزوم المشهد. وبِحُكم جَهلِه أن جدران المكان مُغطاة بالاسفنج حدث ما لم يكن في الحسبان. فبمجرد تفجير القنبلة الصوتية حصل احتكاك كهربائي أدى الى اشتعال الاسفنج بسرعة لم تُمكن أحداً مِن المتواجدين داخل “الستريو” من الخروج. فقضوا نحبهم سريعاً ومن ضمنهم المُخرِج الذي كان بإمكانِه النجاة لولا محاولته اليائسة لإنقاذ العالقين بين النيران.

إزاء فاجِعة هزت الوسط الفني كان من واجب الفنانة ” ليلى كرم” المشاركة في مَراسِم العزاء. ما سبب تأخرُها عن موعد التصوير مدة عشرين دقيقة. أمر جعل المُخرِج ” حسن الإمام” يستشيط غيظاً ويرشق هَجرَ الكلام ذات اليمين وذات الشمال حتى إذا وصلت الفنانة ” كرم” الى استديو التصوير بدأ يكيل لها من الشتائم والإهانات ما لا يتحمله إنسان وهي تنظر اليه صابِرَةً صامِتَة في انتظار فروغه من ثورة الغضب. وما أن انتهى من الصراخ وشرحت له اسباب التأخير معتقدة أنه سيتفهم الأمر حتى صعقها جوابه إذ قال:
” ما كانش لازم تعزي بالفقيد ابداً .. أصل المُخرج ده مات حمار”
كلام وقع على مسامِع ” ليلى كَرَم” وقوع الصاعقة فما كان مِنها , ولدهشة المُخرج وفريق التصوير, إلا أن أخرجت مسدساً من حقيبتِها وشهرته في وجه ” مُخرِج الروائع” صارِخَةً:
” إنتا مُخرِج تافه ولا تراعي حُرمَةَ المَوت, اركع ولاه احسن ما قوصك”
عقدت المفاجأة لسان المُخرج الذي سارع للجثو على ركبتيه قائلاً” ” أنا …”
فقاطعته ” ليلى كرم”: أنتا ستين حمار يا عيب الشوم عليك بلا اخلاق” قبل أن تهم بمغادرة مكان التصوير فيناديها المُخرج بعد وقوفه: ” يا ليلى هانم انتي رايحة فين”؟؟ فالتفت اليه التفاتة تحمل في وضوحها كل مشاعر الاحتِقار وهي تقول: ” يا حيف عليك , العقد اللي بيني وبينك بلو وشراب ميتو .. أنتا مش المُخرج ” حَسن الإمام” إنتا كَشاش حمام”.

تَحِيَة لروح الفنانة القديرة السيَدَة ” ليلى كَرم” التي نضحت سيرتها ومسيرتها الفنية بحقيقة أن الأخلاق مُقَدَمة على المَوهِبَة في عالم الفَن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى