المقالات

تداعيات الازمة المصرية الفلسطينية وتداعياتها – بقلم: سميح خلف.

قد يلاحظ المواطن البسيط ما يحدث من عملية صب الزيت على النار التي تمارس من قبل الإعلام المصري وترويج من بعض أطراف فلسطينية أيضا ، وكلا الطرفين المروجين لهذه الحمم من لهيب النار المستعر والمتسارع يوصفون بالمتطرفين وهم ذات علاقة ومصلحة في الوضع المضطرب والملتهب في الساحتين المصرية والفلسطينية.

لقد تجاوز الضغط في إتجاه رسم خطوط عدائية وخاصة من جانب بعض الإعلام المصري وهو معروف التوجهات ونظرته للصراع العربي الصهيوني منذ عهد حسني مبارك وعهد السادات ايضا ، وبالمقابل هناك أطراف فلسطينية تعتقد أن نهج حسني مبارك ونهج السادات يتلائم مع طموحاتهم وبرنامجهم السياسي القائم على إنهاء الثقافة الفلسطينية المنضبطة والواعية سواء كانت ثقافة قومية أو إسلامية أو ثقافة وحدوية منضبطة بأصول الصراع العربي الصهيوني.

من الملاحظ أيضا أن الساحة المصرية خرجت عن السيطرة وأصبحت تنفذ أجندات أمنية مختلفة صهيونية وأمريكية وأوروبية وألمانية وبريطانية وفرنسية وأيضا عربية  ، والكل يعبث في الشأن المصري وسياسة ضرب عصفورين بحجر واحد .

مصر خرجت عن تطورات الربيع العربي المهتكة والمدمرة من تجزءة وعصبوية وعشائرية وقبلية ، وإنهاء حالة الهيبة للمؤسسات السيادية في تلك الدول وحمدنا الله أن مصر خرجت معافية من تلك الظواهر من شعبها المثقف الواعي العالي الوطنية ، ولكن يبدو أن العبث الأمني تجاوز حدوده وبدأ المخاض يتحور ويتدور للهدف الرئيسي من هذا الربيع بإنهاء الدولة وتفرق الشعب شيعا وأحزابا وإستهداف الجيش وتدميره بحجة الديمقراطية والتعنت والحزبية ، ومازالت تجربة الجزائر ماثلة أمامنا ومازالت تجربة غزةم اثلة أيضا والدول العربية التي لحقت بالربيع العربي.

من المؤكد أيضا أن الشعب الفلسطيني هو من أخلص الشعوب لهويته العربية ولمصر ، والتحريض الإعلامي وإن إستهدف فيه فصيل معين كحماس فهي كلمة حق يراد باطل ، فهو إستهداف للشعب الفلسطيني في غزة وإستهداف لإرادته وصموده في تناغم مباشر مع متطلبات الإحتلال ورغباته في خفض الهامة الفلسطينية الصامدة في غزة لبرنامج تسووي الكل يعرفه تقوده رام الله ويقوده محمود عباس شخصيا ، وهو الإنحراف بالبوصلة الوطنية والتجنح عنها لحل إقتصادي أمني مع إسرائيل ينتهك الجغرافيا الفلسطينية وينتهك حقوقها في عبث مباشر تجمع له كل الطاقات بعدم حدوث إنتفاضة لتكنس الإحتلال أو عمل عسكري يحدث نوع من التوازن الأمني مع الإحتلال ويردعه لينسحب من الضفة وليتمكن الشعب الفلسطيني من متابعة عملية تحرير أرضه وحقوقه بالطرق التي يفهمها العدو الصهيوني.

أما قضية دحلان وقصته الطويلة ومحاولة التنفيث وإلحاق التهم بهذا الرجل سواء في عمليات تخريبية قامت بها مخابرات أجنبية في مصر أو في عمليات تحريض يقال أن دحلان يقودها لتخريب العلاقة مع مصر ، فلا أعتقد أن دحلان يتجه بهذا النحو في تفكيره ولأن لدحلان أهداف وطنية تتنافى مع وجود الإحتلال وتتنافى مع حصار غزة أيضا بعكس ما يطرحه أبومازن.

قضية دحلان التي لو تفجرت أنبوبة مياه أو إنقطاع للكهرباء أو رجل طلق زوجته أصبح من الدارج وقبل أن نقرأ ما تعلق عليه الصحف سيجيب المتتبع لتلك الأحداث أن الناتج هو دحلان ، ويبدو أن هذا الرجل يمثل معادلة صعبة في الوضع الذاتي الفلسطيني والإقليمي ولذلك تشابكت الخطوط والتهم في عملية تناقض واضح بين ما يطرحون من مسؤولية عن عمليات تخريبية وفي آن واحد العبث في شأن مصر وحكم مصر وشعب مصر .

إذا هناك كيانيتين مستهدفتين في الساحة الفلسطينية ، كيانية حماس وكيانية محمد دحلان التي يعبر عنها بقاعدة جماهيرية ليست بقليلة في غزة وكثير منها في الضفة والخارج.

إذا لماذا هذا الإستهداف لهاتين الكيانيتين ، إنني أعتقد ومن خلال قرائتي للساحة السياسية والأمنية أن هناك ذهاب بالضفة إلى برنامج سياسي محدد وانفصالي وتطبيقي وتعميمي مع العدو الصهيوني وتبقى غزة المعضلة ، ولا بد من إحداث خلخلة واضحة  في كيانية غزة وكيانية شعبها الذي ثقافته تربت على المباديء الثورية منذ الرعيل الأول الذي قاده عبد الناصر بالنفس الثوريو الذي تمخض عنه إنطلاقة حركة فتح بما كان هناك من حرية لحزاب في غزة تعمل كلها من أجل تحرير فلسطين ، كانت تلك ارهاصات لإنطلاقة حركة التحرر الوطني الفلسطيني فتح.

إذا الإستهداف لحماس والإستهداف لمحمد دحلان لعدم الوصول إلى نقطة لقاء أو تواصل أو وحدة لبرنامج مرحلي في قطاع غزة ليلتئم الجرح ويتوحد الشعب تحت راية البناء والمقاومة، هذا هو الإستهداف ، أولا تخريب علاقة مصر مع حماس ، وتخريب علاقة دحلان مع مصر ، وتخريب ما يمكن لأن يكون هناك علاقة مستقبلية لتفاهمات تنعكس على وحدة غزة وعلى أرضها ، وهذا التصور لو حدث فإن غزة ستقود المشروع الوطني في ظل تجنح البرنامج السياسي في الضفة الغربية.

إذا المعادلة الأمنية شائكة جدا ويعبث بها عدة أطراف ويقصد بها كل الأطراف في قطاع غزة سواء كانت حماس أو فتح أو قوى وطنية فالكل مستهدف ولأن غزة يمكن أن تصنع موقف وطني مغاير للبرنامج الإسرائيلي والأمريكي الذي يصبو إلى تشكيل كيانية سياسية مهلهلة في الضفة الغربية كل الظواهر تقول أنها تتجه نحو إسرائيل.

المواجهة ليست سهلة ولكن دراسة الظواهر مهمة جدا التي يحركها الإعلام المصري ويتجاوب معها بعض الأطراف ذات الشأن وذات المصلحة والمتفقة مع رغبات ما يطرح في بعض الإعلام المصري لخلخلة الوضع في غزة وحصار غزة من جديد وفرض شروط عليها تكاد تكود مشابهة لبرنامج رام الله وإلحاقها في مرحلة أخرى للإطار السياسي المتفاهم عليه إسرائيليا وسلطويا وبعض القوى الإقليمية .

ولكننا نقول هنا بإمكان شعب غزة والقوى الوطنية والإسلامية على هذا القطاع الشامخ أن تفوت الفرصة وتعقد تآلفا وطنيا قويا لمواجهة التحديات والعبث الأمني المختلط الذي تقوده الدوائر المشبوهة لتخريب العلاقات الوطنية وزيادة التشرذم في الساحة الفلسطينية تحت تقليب الماضي ورسم سيناريوهات من العبث المختلط في عملية إتهامية لا يصدقها عاقل بل هي عمليات إعلامية متناقضة في إدعاءاتها سواء عملية قتل الجنود المصريين العرب والضحايا في عملية مفبركة ومفهومة محدداتها وأهدافها ويتداولها الإعلام يوميا بالإضافة إلى تناول بعض الظواهر الأخرى مثل بيع الوقود والملابس والغذاء وعندما تكلف أجهزة الأمن شحن الشارع المصري من سائق السيارة إلى العامل في القهوة أن ذلك يذهب إلى غزة ولو قطعت الكهرباء في ضاحية في القاهرة أو في الأقاليم يقولون أن هذا من أجل غزة حتى أصبح الشارع المصري محقون ليس ضد فصيل ولكن ضد الشعب الفلسطيني في غزة.

ومن هنا ونتاج هذا المقال ندعو كل القوى المؤثرة والقادرة على تحقيق وحدة الشعب أن تلتئم وأن تتفق لمرحلة قاسية لا يراد فيها وحدة الشعب الفلسطيني في غزة ووحدة البناء ووحدة المقاومة ولا يراد لعلاقات أخوة وحسن جوار وتكافل مع الشعب المصري الذي هو دمه دم فلسطيني والدم الفلسطيني هو الدم المصري وكلنا يحافظ على الآخر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى