المقالات

الوطني الحر يعيد النظر في نطامه والعبرة تبقى في التطبيق بقلم :حسان الحسن – البناء

الوطني الحر” يعيد النظر في نطامه
والعبرة تبقى في التطبيق
بقلم :حسان الحسن – البناء
من الصعب جداً إيجاد نظامٍ حزبيٍ داخليٍ مثاليٍ لتنظيم حالٍ مماثلةٍ لحال “التيار الوطني الحر”، ومن المستحيل أيضاً تطبيق أي نظامٍ بحذافيره عليه، نظراً لانتقاله الفوري من حركة شعبية رفعت لواء السيادة والاستقلال، وناضلت في سبيل استعادة القرار الحر، إلى حزبٍ سياسيٍ اخترق جدار العائلية والطائفية والمذهبية وكل أشكال التقليد، فلاقى تأييداً واسعاً من مختلف شرائح المجتمع اللبناني، وبالتالي انتشاراً على كامل الأراضي اللبنانية تقريباً، وهكذا تحول التيار إلى مكوّنٍ أساسيٍ في الحياة السياسية اللبنانية، وبات ممثلاً بكتلةٍ نيابيةٍ وازنةٍ، ومشاركاً في الحكومة على رأس وزاراتٍ مهمةٍ، ناهيك عن نمو هذا الحزب الناشىء الذي ترافق مع الاحداث السياسية التي عصفت بلبنان في السنوات الخمس الماضية، والتي أعاقت تطبيق نظامه الداخلي بشكلٍ كاملٍ، ما أدى الى بروز بعض الأصوات المعترضة على السياسة الداخلية الراهنة للتيار انطلاقاً من حرصها عليه. خصوصاً في المرحلتين الأخيرة والحالية عقب اختيار ممثليه في الحكومة، وفي ضوء التطورات الراهنة، وفي مقدمها: التعيينات الإدارية والانتخابات البلدية والاختيارية. علماً أنه من البديهي أن تعلو هكذا أصوات في إطار تنظيمٍ سياسيٍ يختزن الطاقات الفكرية والثقافية المتنوعة.
لكن الأمر المستجد تمثل بإعادة النظر في النظام الداخلي الراهن للتيار، بعدما بات عرضة للإنتقاد من مجموعة من المفكرين والباحثين في الشؤون الحزبية، الذين شددوا على ضرورة تعديله لمواكبة نمو التيار المطرد.
وكان هذا النظام، الذي نال موافقة غالبية بسيطة من أصوات الهيئة التأسيسية، التي انعقدت في مجمع “ريمال” في نهر الكلب بحضور العماد ميشال عون في حزيران 2006 ، وأتت النسبة الضئيلة المرجحة لهذه الصيغة، على رغم إعلان “الجنرال” صراحةً رغبته باعتمادها، وهذا ما يؤكد صحة الحياة الديموقراطية فيه.
أما الآن وفي انتظار ولادة النظام الجديد وبالتالي إجراء الانتخابات الحزبية المرتقبة. أعلن العماد عون تأليف لجنتين: واحدة لمتابعة شؤون التيار وانتشاره في الأقضية والمناطق، وثانية لمتابعة سير التحضير للإنتخابات البلدية والاختيارية. والمعياران الأساسيان في انتقاء أعضاء اللجنتين هما: الخبرة في العمل الحزبي، وامتلاك الاعضاء فسحة من الوقت تسمح لهم بتأدية مهماتهم.
أما في عدّة العمل، فخطة اللجنة الأولى تقتضي العمل بالتعاون مع منسقي الأقضية، والقيام بمسحٍ للعمل الحزبي في مختلف المناطق، ثم رفع تقرير تقويميٍ للعماد عون عن سير العمل على الأرض. ولعل النقلة النوعية التي ستقوم بها، تكمن بالاستنارة بآراء جميج الناشطين السابقين والحاليين في التيار للتوصل إلى مقاربةٍ واقعية، تصحح مكامن الخلل فيه، لتشكل انطلاقةً جديدةً في الحياة الحزبية. وستضع في سبيل ذلك، خطة عمل ٍمشتركة مع المنسقين بعد الاطلاع على آراء الكوادر.
من جهتها اللجنة الثانية، أي لجنة “البلديات”،فستتابع أوضاع مرشحي التيار في المناطق كافة، كأولوية أولى، ثم المدعومين منه كأولوية ثانية، إضافة إلى مساعدة أصحاب الكفاءة والمقربين من التيار في الاستحقاق المرتقب.
وسط انطلاق العمل في هاتين اللجنتين، ثمة علامات استفهام تطرح حول الهدف في اختيار أعضاء اللجنة الأولى من خارج أقضيتهم ، فكيف يتسنى لابن المتن معرفة تفاصيل سير العمل الحزبي في كسروان؟ وكم تستغرق من الوقت معرفة ذلك؟ وفي حال كان العضو مشروع مرشح للإنتخابات النيابية المقبلة، الا يشكل اهتمامه بقضاء آخر، استنفاد طاقة في غير محلها؟
هنا تجدر الاشارة إلى أن اختيار الأعضاء من خارج مناطقهم يعطيهم نوعاً من الحياد، ويكبح جماح غايات معينة في نفوسهم.
في نهاية المطاف يبقى سؤال واحد مطروح وبقوة، هل سيسلك التيار طريق الديموقراطية التي تتبعها الأحزاب العريقة، ويقدم نموذجاً في العمل الحزبي الراقي يليق بنضالاته وطروحاته؟ أم سيكون رقماً إضافياً للاحزاب التقليدية المتقهقرة، كالأحزاب العائلية والأحزاب ذات القرار الأحادي).
الجواب ستقدمه الإنتخابات الحزبية التي بإمكانها أن تدحض كل القلاقل في حق التيار، وتبقى العبرة في التطبيق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى