المقالات

ناجح النجار يكتب: بعد وقفه كليًا.. ما هى بدائل أوروبا للغاز الروسي؟

دفعت قرارات الزعماء الأوروبيون بوقف الغاز الروسي الذي يُعد الأرخص؛ مقارنة بالأسعار العالمية أو بالغاز المسال الأمريكي إلى زيادة معاناة المواطن الأوروبي واللجوء إلى الوسائل الأخرى التقليدية للتدفئة والإنتاج، كالفحم والأخشاب، بعد أن ارتفع سعر الغاز في أوروبا بنسبة 30 أو 40% في بورصة إنتركونتيننتال إكستشينج الأمريكية.
نقص الغاز دفع سكان ألمانيا التي تعد أكبر اقتصادًا في أوروبا إلى شراء الفحم الذي صار الآن سلعة نادرة على الرغم من الأضرار الكبيرة التي يمكن أن تسببها وسيلة التدفئة الملوثة هذه للبيئة، إذ يقوم قرابة 10 آلاف مواطن من سكان برلين العاصمة بالاعتماد على الأخشاب والفحم للتدفئة، من أصل مليوني منزل في المدينة.
وبالتالي، ليس أمام الأوروبيين الكثير من الوقت لتعويض نحو 150 مليار متر مكعب من الغاز الروسي الذي توقف خلال الشتاء الجاري، ناهيك أن درجات الحرارة التي انخفضت بشكل كبير، مما يتطلب من زعماء دول القارة، إعادة النظر في وقف الإمدادات الروسية وإتقاذ ما يمكن من حالة الركود الوشيكة التي قد تضرب بالاقتصاد الأوروبي بعد توقف عشرات المصانع عن الإنتاج.
كما أن الكميات الفائضة والمتوفرة من الغاز في السوق الدولية لا تكفي جميعها لتغطية 40% من حصة روسيا من الواردات الأوروبية، لذا فأوروبا مضطرة بل ربما تكون مجبرة، لإيجاد حلول مبتكرة وسريعة قبل فوات الأوان.
وبالرغم من صعوبة التعويل على الغاز الأمريكي والجزائري وحتى الغاز القطري والأسعار الأمريكية المرتفعة للغاية لتغطية حصة الغاز الروسي، من حيث الكمية أو السعر، إلا أن من شأن زيادة الإمدادات من دول الإنتاج الأخرى أن تسهم في تخفيف حدة الأزمة.
تتجه أوروبا وبقوة نحو خطط تقشفية قاسية أثارت غضب ورفض المواطنين لديها، وحتى من بعض رجال الأعمال وأصحاب المصانع، لأن من شأنها تخفيض معدلات الإنتاج، وزيادة التضخم.
وعلى سبيل المثال، تخشى دولة التشيك من إغلاق أبوابها بسبب أزمة الطاقة، خاصة تلك التي تعتمد على الغاز بشكل أساسي، إذ يرى خبراء أن نقص هذه المواد في مخزونات الدولة، ستكون الأولوية لمتطلبات المستشفيات والمنازل وليس للشركات، لاسيما بعدما ارتفعت أسعار الغاز “خمسة أضعاف” نتيجة وقف الغاز الروسي.
أصبحت الولايات المتحدة الأمريكية ضمن أكبر الدول المصدرة للغاز المسال في العالم، وجهت 71% من صادراتها من الغاز إلى الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة، خلال الأشهر الخمسة الأولى من 2022، مقارنة بنحو 30% في 2021، وفق بيانات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية.
ولكن بالطبع من الصعب تغطية العجز من الغاز الروسي، لاسيما أن غاز الأسواق الدولية الأخرى هو الأعلى سعرًا من الغاز الروسي بنسبة تصل إلى 70% أو أكثر، وذلك لبعد المسافة ومصاريف النقل والشحن، مما قد يؤثر سلبًا على الاقتصاد الأوروبي.
يؤكد محللو “برنشتاين” أن روسيا تقدم في الوقت الحالي 86 مليون متر مكعب يوميًا إلى شمال غرب أوروبا عبر بولندا وأوكرانيا، مقارنة بمتوسط 360 مليون متر مكعب يوميا العام الماضي، بانخفاض يصل إلى 80%.
وحققت دول عربية مثل الجزائر وقطر ومصر أرباحًا مالية وثقلا سياسيًا بفضل صادرات الغاز إلى أوروبا في العام 2022، وفق تقارير دولية.
وذكرت التقارير، أن عام 2022 أن لدى العرب سلاحا اقتصاديا استراتيجيا لا يقل أهمية عن النفط، حيث أن الأوضاع في أوكرانيا أبرزت الدور الحيوي الذي يمثله الغاز الطبيعي في الاقتصادات الأوروبية المتعطشة لكل قطرة منه.
وفي هذه المرحلة الفارقة من أزمة الطاقة العالمية، برز الدور العربي – ممثلا بثلاث دول رئيسة مصدرة للغاز – في إبقاء أوروبا دافئة، مع إمكانية أن يتصاعد هذا الدور بفعالية أكبر على عدة صعد في 2023، سواء من حيث زيادة حجم الصادرات، أو دخول دول عربية جديدة نادي مصدري الغاز.
ومن بين الدول العربية المصدرة للغاز كان للجزائر وقطر ومصر الدور الأبرز في تعويض جزء من الغاز الطبيعي إلى أوروبا، خاصة بعد تفجير خطي نورد ستريم 1 و2.
ولعبت الاكتشافات المصرية في حقول الغاز الطبيعي دورًا كبيرًا في تعظيم الإيرادات من النقد الأجنبي، إذ تضاعفت الصادرات المصرية من الغاز بنسبة كبيرة.
وحققت مصر رقمًا قياسيًا فى صادرات الغاز الطبيعي لتصل إلى 8 مليون طن خلال عام 2022 مقارنة بنحو 7 مليون طن العام السابق، كما بلغت قيمة ما تم تصديره من الغاز الطبيعى خلال العام حوالى 8.4 مليار دولار، أي بنسبة تقدر بـ 171% عن عام 2021.
ناجح مصطفى النجار
كاتب صحفي- باحث في الاقتصاد والعلاقات الدولية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى