المقالات

كتب الإعلامي د. باسم عساف في جريدة الشرق – بيروت :

  *الأوَُلُ من آب ...  يُزيلُ الإكتآب ...*
*عيد الجيش الثامن والسبعون ، الذي يعرفه اللبنانيون عبر العهود والسنون ، بأنه رمز للإحتفالات الوطنية ، التي يتباهى فيها الجميع على أن مؤسسة الجيش ، هي الحصن الحصين للبلاد والعباد من كل الفئآت والعائلات في لبنان ، وأنها المؤسسة الوحيدة الباقية والشامخة والمستمرة بمهماتها ومسؤولياتها على أكمل وجه ، رغم كل الصعوبات والضغوطات والأزمات ، التي إستطاعت أن تنخر باقي المؤسسات والأجهزة في دولتنا العلية ، والتي عبثت بها الأيادي السياسية لمصالح أنانية وشخصية، ولكنها مغلفة بشعار (لبنان أولاً) ، والذي تأكد من ممارساتهم أن فئآتهم وأحزابهم وتياراتهم (هي أولاً) ...*
  مع أجواء العيد الداكنة والمكفهرة ، يبقى المواطن مشدوهاً بالجيش الذي بات ملاذه وأمله ، وأن شعاره :*( شرف ، تضحية ، وفاء ،)* بات شعار كل اللبنانيين ، حيث يتلمسوها في يومياتهم ، وينتظرونها عند سماع أي حدث ، أو تتبع أي خبر أمني أو إشكال جماعي أو فردي ، لأن الناس على أعصابها تتلمس الفرج من هذه الأزمات ، أو تتمنى الأمان والإطمئنان من أن تفلت الأمور على الأرض ، بعد أن تفلتت في الساحة السياسية ، وتعاظم التراشق الكلامي والفضائح والإتهامات ، حيث لم ينج منها أحد ، وأكدوا هُم شعار : *(كلن يعني كلن )*...
    *الخوف ، كل الخوف أن تمتد أيادي هؤلاء على ساحة مؤسسة الجيش ويبدأ معها العبث والفساد من خلال التدخل بالتعيينات والتشكيلات ، وإعتماد فلان ليمثل الطائفة هذه أو تلك ، أو الفئة الفلانية لهذا المركز ، والفلانية لمراكز أخرى ، مستغلين التوقيت لتقاعد القائد ، الذي وضع الخطوط الحمر لهم وأوقفهم على حدودهم بالتدخلات ، ضمن نظام محكم بالتراتبية والترتيبات والترقيات ، قد وضع حداً للتداول بهكذا أمور ، وهي تعني مؤسسة الجيش وحدها ، وأهل مكَّة أدرى بشعابها ...*
    (شرف ، تضحية ، وفاء) ، هي الأقانيم الثلاثة التي بنيت عليها الحياة العسكرية في لبنان ، ولم تعد شعاراً للتغني والطرب في كلماتها ، إنما تعني ما تعنيه من معاني الشرف للجنود والعسكريين وعائلاتهم حيث يستميتون في الدفاع عن الوطن والمواطنين بكل بسالة وقوة وشجاعة ، وهم يعلمون جيداً بأن رواتبهم لا تساوي جهد يوم واحد من حماية الوطن إن كان القياس مادياً على وزن الراتب ،إنما القياس عندهم بفضل توجيهات القيادة الحكيمة بات على قياس الشرف والتضحية والوفاء وهي التي تساوي كنوز الدنيا ، وإعجاب كل الدول التي أسرعت للوقوف إلى جانب هذه المؤسسة الباهرة...
    *إن التضحية لا تقاس بالأمور المالية ، لأنه مهما بلغ الرقم بالقيمة الورقية أو الذهبية فهي آيلة للنفاذ ، إنما التضحية الحقيقية هي المرافقة للشعور والأحاسيس بقيمة هذه التضحية المعنوية ، التي ترفع المستوى إلى مصاف الوجود الإنساني بكرامته وعزته ومنعته ، التي تطيح بكل السلع والعروضات ، التي تتساوى بإنحطاط عروض الدنيا نسبة للحياة الحرة الكريمة للأوطان وأبنائها ، ومن هنا تتمايز الشعوب الحرة ، من الشعوبِ المقهورةِ بإحتلال أو إعتلال أو إستغلال ...*
    الوفاء من قيادة الجيش وضباطه وعناصره إلى الدولة ومؤسساتها ، وإلى الشعب وفئآته كلها ، هو الذي يجسد وطنيته وإنتماءه وهيبته ، ليدخل في نفوسهم أنه بخدمتهم وتأمين حاجاتهم الأمنية ، وشعورهم بالأمان والإطمئنان ، وبالتالي الإستقرار في أجواء الألفة والتفاهم والتضامن ، الذي يجسد الوحدة الوطنية ، التي إفتقدوها مع السياسيين المتقاتلين على المناصب والكراسي ومراكز القوى وإستخدام السلاح المتفلت لها ...
*من هنا فإن الأول من آب ، وعيد الجيش بالذات محطة للعودة بالذاكرة لأمجاد حصن الوطن وحرس الحدود ، وقد أضيفت إليه مهمات متعددة بالداخل تدعو إلى إستتباب الأمن وفرض هيبة الدولة في ظل الصراع الداخلي على المصالح الخاصة والمحاصصات بالأرض والشعب والمؤسسات ، وهي المهمة الأصعب للجيش التي تُوصِل إلى الحيرَة والإكتئآب ، من ظلم ذوي القربى ، على صدِّ العدوان الخارجي ، حيث يُعرف إتجاهُه وفاعليِه ، ولهم وحدهُم أصحابُ من يستحقُُ الإحتفالَ بالأوَُلِ من آب...*

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى