المقالات

المحكمة الدولية في خدمة من ؟ بقلم : الدكتور محمد علي الحلبي

“قد ألنا وايل علينا” مثل عربي قديم ورد في كتاب (معجم الأمثال)،ومعناه قد سُسنا وساسنا غيرنا،والإيالة:السياسة.

أمام هذه الحكمة القديمة يُطرح سؤال:إلى أي مدى تتحكم هذه المقولة بالعلاقات الدولية؟!….وإلى أي حدّ تؤثر بنا في عالمنا العربي؟!…..

الواقع المعاصر بفعل عوامل التقرب والتقارب أصبح في حوّمة الصراع بين ثلاث سياسات متلازمة ومترابطة لحدّ كبير:محلية، إقليمية، ودولية…..والنظرة إلى واحدة بمعزل عن الباقيتين يضعفها، ويجعلها قاصرة عن معرفة الحقائق، وبالتالي إدراكها ، فالتداخل بينها كبير،ولا يمكن فصم،أو عزل إحداها عن الأخرى،وعلاقاتها شبه الدائمة تتحدّ في إطارين:

1.     جدلية العلاقة التنافسية والتوافقية،وهي العلامة المميزة لسياسات الدول سيما الإمبريالية منها فهي تتلاقى في نقاط محددة عند تطابق مصالحها،كما وأنها تفترق عند تباينها،ففرنسا وأمريكا تتطابقان في سياستيهما إلى حدّ كبير تجاه لبنان،وفي ذات المستوى تتلاقى فيه سياستا أمريكا وبريطانيا في القطر العراقي وفي مصر لأن الأخيرة استعمرتهما في القرن الماضي لفترة طال أمدها،كما استعمرت فرنسا لبنان  من أجل أن تعزز قدراتها الذاتية لمزيد من القوة والسيطرة.

2.     التناقض الأبدي و التنابذ الدائم بين الدول الاستعمارية،والدول الصغيرة في حجمها وإمكاناتها،فإن نقاط التلاقي شبه منعدمة،بل معدومة حتماً بينهما،وهم في حالة تنابذ دائم لا ينتهي إلا بانتهاء السبب الذي كثيراً ما يترك رواسب آلام وأحقاد لدى الشعوب  المغبونة حقوقها ،وحقوق جميع المستضعفين في الأرض حيث تبقى ردحاً من الزمن.

في أحداث التاريخ وشواهده القديمة تتلاقى السببية وجدلية التنافس،والتوافق،والتناقض بتسميات تختلف وفق عامليّ الزمن والواقع،وتاريخ لبنان القديم يكشف لنا عن البدايات،ففي القرن التاسع عشر وتحديداً في عام1860حدث ما بات يُعرف بــ”طوشة الستين”.

لقد تصادم الموارنة القادمون من سوريا،والذين عملوا لدى الدروز إقطاعي منطقة “جبل لبنان” وبمنطق ما يُعرف بالصراع الطبقي بين طرفين-المستغلون والمستغلين-ذهب ضحية هذا الصدام قتلى وجرحى…..يومها تداعت الدول الغربية الأربع:
فرنسا،إنكلترا،النمسا،وروسيا لحماية المسحيين،ونجحوا في وقف التصادم،وأقاموا عنوة ما يُسمى بنظام المتصرفية،وأعطي جبل لبنان الحق بحكم ذاتي في ظل الدولة العثمانية لكن دوراً جديداً ومباشراً برز للدول المتدخلة في حماية الطوائف فكانت حماية الموارنة لفرنسا،والأرثوذكس لروسيا،والكاثوليك للنمسا،والدروز لإنكلترا،وتُرك السنّة والشيعة تحت رعاية السلطة العثمانية،وبذلك دٌقّ الإسفين الأول للتقسيم الطائفي،وفي عام1920 ضمت فرنسا الدولة المُستعمرة لسوريا ولبنان بعد اتفاقية سايكس-بيكو عام1916مناطق أربع من سوريا إلى جبل لبنان،وهي طرابلس،البقاع،بيروت،والجنوب….وفي عام1946وتحديداً في30كانون الأول-ديسمبر-انسحب الجيش الفرنسي واستقل لبنان،وفي النصف الأول من القرن الماضي وَضحت محاباة فرنسا لإسرائيل على حساب الحقوق العربية،وعلى حساب أمن المنطقة….لقد قال”شمعون بيريز”رئيس إسرائيل في3/3/2008في حديث له لجريدة(الفيغارو الفرنسية):”لا أعرف أي بلد آخر ساعد إسرائيل كما ساعدتها فرنسا”.

كان المشروع النووي الإسرائيلي فرنسياً بالكامل….خبراء وتقنيات،كما وأضافت فرنسا إلى تاريخها التآمري انضمامها لإنكلترا وإسرائيل في عدوانهم عام1956على مصر.

وماذا عن أمريكا وإستراتيجيتها للمنطقة العربية، ودورها في لبنان؟!…..
الحديث عن ذلك ذو شجون،ففي15تموز1985دخلت قوات أمريكية تعدادها14000جندي العاصمة بيروت،وتمركزت في مطارها….كان الغرض من ذلك مساندة الرئيس”كميل شمعون”الموالي يومها لحلف بغداد الأمريكي وخوفاً من انضمام لبنان إلى الجمهورية العربية المتحدة،وللهدف ذاته دخلت قوات بريطانية إلى الأردن،لكن القوات الأمريكية انسحبت بعد أيام قلائل  إثر هجوم للمقاومة اللبنانية عليها،وقد عبّر عن الحادثة  “كولن باول”  وكان رئيساً لأركان القوات الأمريكية وعن مشاعره وآلامه وهو يغادر مطار بيروت وجثث الأمريكيين مبعثرة فيه،ومع الانسحاب الأمريكي انسحبت أيضاً القوات البريطانية من الأردن ،  ويشرح الرئيس الأمريكي”جيمي كارتر” في مذكراته طبيعة الصراع في لبنان ليقول:”لقد كان خطر الحرب بين إسرائيل وجيرانها ،وكان الوضع في لبنان من هذه الناحية يُضاعف القلق،ويشغل البال….لقد كانت الانشقاقات السياسية والدينية قد مزقت هذا البلد التعيس فجعلت منه وهو الذي   يتواجد فيه في ساحة أقفلت آفاقها أعداد تدعم إسرائيل فريقاً منها من جهة،وتدعم الفريق الثاني الدول العربية”وأمام   – تأسي الرئيس على لبنان،وحنوّه عليه – يُصرح مستشاره للأمن القومي”زيغينو بريجنسكي”قائلا ً:”نحن ليست لنا أهداف في المنطقة،ويعني-الشرق الأوسط –  لكننا سنسعى من أجل إجراء تغيرات هيكلية عميقة تثبت على مدى ثلاث،أو أربع سنوات”ومعنى التغيرات الهيكلية العميقة لا العادية  تغيرات في البنى الاجتماعية التي باتت واضحةً مرتسماتها،ومنذ تلك الفترة راحت المشاهد تؤكد ذلك.

وقبلا ً،وفي كتاب مذكرات الرئيس”نيكسون”يقول مترجمه الدكتور”سهيل زكار”وفي مقدمة الكتاب في معرض حديثه عن دفاع الرئيس عن نفسه في بعض السياسات التي نفذها”نراه يُحمل منظمة التحرير الفلسطينية مسؤولية إثارة الحرب الأهلية في لبنان عام1976متجاهلا ًتركيبة لبنان الخاصة،والدور الذي قامت به الإدارة الأمريكية أيامه في تشجيعها للأقليات وخاصة بعض الموارنة لإقامة دولة مورانية بإقناعهم أن الانتماء المذهبي يكفي لأن يكون قاعدة لقيام حركة قومية،ومتغاضياً عن دور إسرائيل في لبنان والمنطقة مع المساعدات المادية،والأسلحة التي زودت بها الإدارة الأمريكية الكتائب اللبنانية” ولنتذكر أن وزير خارجيته كان”هنري كيسنجر”المحرك الأساسي للفتنة والاقتتال الطائفي في لبنان عام1975،وعلى مرّ الزمن،وتغيير الرؤساء والإدارات الأمريكية تبقى إستراتيجيتها المعادية للأمة العربية ثابتة مع تطوير لأساليبها التطبيقية،فزمن الرئيس السابق”بوش”أطلقت”كونداليزا رايس”وزيرة الخارجية نظرية ماسُمي”بالفوضى الخلاقة”وعن شرح لها كتب الباحث الأمريكي في مجلة(البوليسي ريفيو)قال:”علينا أن تسعى الولايات المتحدة إلى التغيير”وحَدد الخطوط الواجب إتباعها:

1.     التزام الإدارة بمبدأ”الحرية”والترويج لها.

2.     أن تتضمن نصائح الإدارة عن”الفوضى الخلاقة”معنيين…الأول:التدمير،والثاني:البناء.

3.     العدو الذي يجب تدميره بالدرجة الأولى هو إيديولوجي،وهو الشمولية الإسلامية.

ويبدو لنا أن أمريكا نجحت كعادتها،وإلى حدّ ما بالشق الأول  –   التدمير – ،ومدير معهد واشنطن”روبرت ستالون”وفي تقرير له عن السياسة الأمريكية تجاه لبنان في إطار التحول من الاستقرار إلى الفوضى يطلب من الرئيس التركيز على بند واحد من القرار1559،وهو بند انسحاب القوات السورية من لبنان،وضرورة إخضاع الانتخابات اللبنانية للمرة الأولى لإشراف دولي،أما البنود الأخرى من القرار القاضية بسحب سلاح الميليشيات اللبنانية والسلاح الفلسطيني فتنفيذها يتم في الزمان والمكان المناسبين،ومعلومات إضافية تُظهر مدى تلاقي النفوس المريضة مع المخططات التآمرية،فاللوبي اللبناني في أمريكا قدّم للمحافظين أيامها مشروعاً متكاملا ًوموثقاً يقع في18صفحة هدفه إقامة دولتين في لبنان…..واحدة مسيحية،والثانية مسلمة على غرار قبرص،واللوبي يرى أن توطين اللاجئين الفلسطينيين الطريق لتحقيق التقسيم.

في إطار ما حددناه في المقدمة حول جدلية العلاقة التنافسية والتوافقية لسياسات الدول الإمبريالية،تتبدى  نقطة هامة تتعلق بردود الأفعال الرسمية العربية لبعض الأنظمة العربية على السياسات الأمريكية،فلقد تبيّن للرئيس الفرنسي السابق”جاك شيراك”أنهم يزدادون ولعاً بودّ واشنطن كلما ازداد دعمها لإسرائيل ، ذلك  حدا به للاقتداء بنفس المنهج….لقد عارض وبشدة احتلال العراق لكنه تبيّن له أن ذلك سيفقده صدقة أمريكا وعدم كسب العرب ،لقد بدأ التعاون الفعلي بين البيت الأبيض وقصر الإليزيه منذ آذار2004إذ قال للأمريكيين:”إنه نظراً لأن”بوش”يريد نشر الديمقراطية في الشرق الأوسط،وأنه اجتاح العراق لأجل ذلك فإن المثال الذي يمكن أن يسوقه يكمن في حماية الديمقراطية الضعيفة في لبنان،وذلك عبر وقف الاحتلال السوري لهذا البلد” و في”بروكسل”في21شباط    2005    اجتمع مع الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش  لتوحيد ما أمكن من مواقف بلديهما تجاه القضايا المشتركة،مظهرا عداءه الشديد لسوريا….وهكذا فمنذ ربيع2004ثم صيف2005بدأ العمل على صياغة القرار1559بين الفرنسيين والأمريكيين لتحقيق الانسحاب السوري من جهة،ووقف التدخل السوري في لبنان،وبالتالي ” تركيع النظام السوري “. و”شيراك”أراد يومها لا تركيع النظام السوري  فحسب،بل هَدف إلى إسقاطه…..كان ذلك قبل اغتيال”الحريري”

المرجع:كتاب(سرّ الرؤساء)لمؤلفه الفرنسي”فنسان نوزي”

كما قال مؤلف الكتاب”فنسان”وفي مقابلة له مع قناة الجزيرة:”أن الرئيس”شيراك”وخصوصاً وخلال لقائه مع وزيرة الخارجية السابقة”رايس”في تشرين الأول2005كان يراهن كثيراً على تقرير”ميلتس”،ويقول:”أن سوريا لم تتعاون معه ليزيد ضغوطه عليها، و يقترح إقامة محكمة دولية”.

وعن إسرائيل الحليف الاستراتيجي لأمريكا وفرنسا المعادية أبداً للأمة العربية في إطار معتقدات دينية وإيديولوجية طاغية على الفكر الصهيوني  في منتصف القرن الماضي شنّت أربعة حروب على لبنان في أقل من ربع قرن خلقت فيها المآسي لشعبه من شهداء وجرحى أثرت تأثيراً كبيراً على بنيانه الخدمي والاقتصادي،ففي28كانون الأول-ديسمبر-1968شنّت قوات إسرائيلية هجوماً على مطار بيروت الدولي،ودمرت أسطولا ًمن12طائرة كدنية،وبعد خمسة أعوام وتحديداً في6حزيران1982اجتاحت القوات الإسرائيلية لبنان بحجة إبعاد المقاومة الفلسطينية عن جنوبه لكن سرعان ما وضحت نواياها،ففي11أيلول-سبتمبر-كانت بيروت مطوقة،ودام حصارها100يوم انسحبت القوات بعدها تحت وطأة نيران المقاومة،وفي16أيلول-سبتمبر-من ذات العام أقدمت على مذبحتي”صبرا وشاتيلا”قتلت فيهما العديد من المدنيين والأبرياء،والتاريخ يُحدثنا عن مساعدات قدمت لها من عملاء لبنانيين،وفي حزيران-يوليو-2006شنّت إسرائيل حرباً جديدة دامت32يوماًخسرتها،وانتصرت المقاومة اللبنانية المتمثلة بحزب الله،وتقرير”فينوغراد”يؤكد أن إسرائيل لم تحقق أي هدف من أهدافها السياسية والعسكرية،والمقاومة نالت يومها وعن جدارة كل معاني العفة والطهارة والوطنية ،والتحالف الاستراتيجي الأمريكي-الإسرائيلي بدا واضحاً أثناءها في محاولات”رايس”وزيرة الخارجية الأمريكية عرقلة مجلس الأمن في اتخاذ قرار بوقف إطلاق النار على أمل أن تحقق القوات الإسرائيلية أي نجاح لها لتستثمره”رايس”والإسرائيليون في أية مباحثات قادمة،لكن أمانيها فشلت،وانتصر لبنان عبر مقاومته.

لقد وضح منذ البدء العداء الإسرائيلي للبنان عندما نشرت رسائل”بن غوريون”إلى”شاريت”عام1952،وكان”شاريت”يومها رئيساً للوزراء أوضحت الرسائل كيف كان الأول يحضه على إثارة الفتن الطائفية في لبنان بهدف تمزيقه،وكان جواب”شاريت”بتأكيد وتأييد الفكرة لكن لا تتوفر لديه الاعتمادات المالية اللازمة،وجاء الرد بأن عليه أن يقتطع المبالغ من اعتمادات وزارة الحرب لأن ذلك يضمن لهم الأمن المنشود،وإضعاف عدوهم،وزيادة قوتهم.

تؤكد ذلك التوجه الكاتبة الإسرائيلية”ليفيا روكاش”في دراستها لمذكرات”شاريت”لتقول:”لإسرائيل طموحً قديمً لتقسيم لبنان،وفصله عن العرب”،والمفكر الأمريكي”نعوم تشوسكي”في مقدمة الكتاب يقول:”إن بين إسرائيل والولايات المتحدة علاقة خاصة يمكن أن نقيسها بتدفق رأس المال،والأسلحة،والدعم الدبلوماسي،أو بالعمليات المشتركة إذ تتحرك إسرائيل للدفاع عن المصالح الأمريكية”،وبكل الوقاحة التي عُرفت عن الإسرائيليين،وفي جريدة(الكفاح الإسلامي)لعام1955العدد الثاني من نيسان تنقل قول”بن غوريون”:إن أخشى ما أخشاه أن يظهر في العالم العربي محمد جديد”.

ضمن هذه الأجواء التآمرية المدعّمة بالحقائق والتي طال أمدها من قِبل الحلفاء الثلاثة:أمريكا،فرنسا،وإسرائيل صدر قرار إنشاء المحكمة الدولية،واستنتاجاً لم يكن إطلاقاً هدفها البحث عن الحقيقة في اغتيال الرئيس”الحريري”،بل كانت لأغراض سياسية بامتياز،وما رمى إليه مبتكروها أصبح واضحاً فمسيرتها حافلة بالتخبطات،وقد وضح ذلك من خلال:

1.     المحققون الدوليون،والمفترض أنهم بارعون في التحقيق،مضت خمس سنوات ولم يتوصلوا إلى تحديد للمتهمين.

2.     المحقق الأول ملآ الدنيا ضجة،واعتمد أقوال شهود الزور،واتهم سوريا،وبذا لبى الطلب الذي كان يريده الرئيس”شيراك”وداعموه ، في إطار غاياتهم  .

3.     عادت المحكمة مجدداً إلى محققين جدد،وبعد فترة تريث طويلة بدأت الاتهامات تُوجه إلى حزب الله لأن ثلاثي التآمر غيّر توجهاته،لكن الدائرة المحددة بقيت كما هي….إنها العلاقة النضالية التعاضدية بين الحزب وسوريا في مواجهة العدوان الإسرائيلي المتحفز دائماً لصبّ ناره،وتدمير ركائز الحياة في الوطن العربي بكامله ، والمقاومة العربية بكل مسمياتها باتت  مستهدفة تحت عنوان الإرهاب .

ورغم كل ما أوردناه، ففي الجوانب الحقوقية القانونية يسأل سؤال في   البدء عند البحث عن الحقيقة….من المستفيد من العملية؟!…..والجواب الحتمي،والذي لا يحتاج إلى انتظار وطول مراجعة أنها إسرائيل أولا ً،ومبدعو”الفوضى الخلاقة”،والملتحقين بهم.

لقد عرض السيد حسن نصر الله الأمين العام للحزب،وأثناء حديث له صوراً التقطتها طائرات التجسس الإسرائيلية،ونادراً ما كانت تبرح سماء لبنان،وقدّمها كقرائن لا كأدلة واعداً بتقديم المزيد منها لتعزيز اتهام إسرائيل،وقبله صدر كتاب للمؤلف الألماني”يوجين كاين كوليه”الخبير في علوم الجرائم السياسية تحت عنوان(ملف الحريري وإخفاء الأدلة في لبنان)وضّح فيه تورط”الموساد”في اغتياله،بالإضافة إلى تورط الإدارة الأمريكية،ورئيس لجنة التحقيق الأولية”ديتليف ميليس” في تحريف الحقائق.

لقد اثبت الكاتب أن أجهزة التشويش التي استخدمها موكب”الحريري”بشكل دائم تعطلت قبل ساعة واحدة من الاغتيال…لقد توقف عمل الجهاز الإلكتروني للموكب الخاص بتعطيل استقبال وإرسال أية ذبذبات ليس فقط لأجهزة التليفون المحمول،بل وأية أجهزة تحكم معروفة،وتُستخدم للتفجير عن بُعد،ويؤكد أن لهذه الأجهزة خاصية حسبما بيّنت الاختبارات التقنية بعد ذلك ولا يمكن تعطيلها إلا من الشبكة المركزية للتحكم في النظام الإلكتروني لها،والتي يؤكد الكاتب أنها شركة إسرائيلية اغفل”ميليتس”ذكرها نهائياً،والكاتب يبين أنه تحدث مع أحد  أصحاب هذه الشركة،واكتشف أنه عمل حتى سنوات مضت في جهاز المخابرات الحربية الإسرائيلية ،ويُبدي المؤلف تشككه في تورط سوريا في تلك الحادثة إلا أنه يقول وبعد طول بحث وتنقيب،ولقاءات،وتحليلات توصل إلى نتائج معاكسة لتلك الفرضية”متهماً الأمين العام للأمم المتحدة بتبني فرضية الولايات المتحدة في الاتهام في وقت لم تبرد الجثة بعد،مشيراً إلى أن هذه كانت فرصة”أنان”الوحيدة لإنقاذ سمعته ومنصبه من الضياع بعد الاتهامات المُبرهن عليها خاصة بتورط ابنه في فضيحة رشاوى النفط مقابل الغذاء،ويُكمل استنتاجه بأن”ميليس”وتماماً وكما طُلب منه استكمل تقريرين لا يصلحان حتى كسيناريو متواضع لأحد الأفلام البوليسية للهواة،والسيئ الذكر ميليتس يشك كثير من الألمان في نزاهته أثناء تحقيقه في قضية تفجير مقهى”لابيل”الألماني،وقضية تفجير مقرّ الجمعية العربية الألمانية،وقضية اغتيال زوجة”عصام العطار”بمنزلها،كما ويورد تعزيزاً للنتائج الاتهامية التي توصل إليها فلقد تحدث مع أحد المهاجرين اللبنانيين في أمريكا وهو رئيس اللجنة الأمريكية لتحرير لبنان،ورجل البنوك اللبناني”زياد عبد النور”الذي تضمنت قائمة السياسيين لديه الواجب التخلص منهم”رفيق الحريري”وما يعرفه اللبنانيون والعرب منذ أمد أن”لعبد النور”اتصالات مع الإدارة الأمريكية وأجهزتها المختلفة إلى حدّ أنه معروف في الأوساط السياسية والمالية اللبنانية بأنه”أحمد الجلبي”اللبناني،وهو الصديق الصدوق للمحافظ كاره العرب”دانيال بابيس”.

إنها قرائن،بل شواهد تدعو للتوقف عندها في أجواء من لهيب السياسات التآمرية،ولا يمكن القبول بغيرها،فلقد فشل اتهام سوريا،والأيام الحالية تحمل نذر اتهام المقاومة اللبنانية ببعض قادتها،وانحدار القيم والمثل واضح كل الوضوح في ذلك…..إنها المصالح،ولخلق الفتن في لبنان من أجل تمزيقه،واستمراراً لمنهجية”شيراك”في تنفيذ البند الأول من القرار1559بانسحاب سوريا،وقد تمّ،ومن ثم سحب سلاح الميلشيات اللبنانية والفلسطينية في الوقت المناسب،والمنفذون يظنون أنه الوقت المناسب لمتابعة المزيد من حماية إسرائيل،والصمت على جرائمها التجسسية،وفي تقديرنا أن توقعاتهم ضالة خائبة،فحلف المقاومة مع سوريا وإيران،ومع الشعب العربي أقوى من حلقات التآمر.

في الختام نطرح سؤالا ً….هل المحكمة ابتكار سياسي جديد؟!….والجواب نعود لنؤكده نعم وألف نعم،لأنها لو اعتمدت النهج القانوني الصرف لحققت مع شهود الزور،ومن ثم مع من فبركهم،و مع من كان وراء الجميع لمعرفة الحقيقة وتحقيق العدالة.

لا غرابة أن تموّل أمريكا نفقات المحكمة،ولا غرابة أيضاً أن يؤيدها بعض اللبنانيين ….فلو عدنا إلى ماضي بعضهم القريب لوجدنا لوثات شائنة ارتكبوها بحق بلدهم وشعبهم.

المقاومة باقية لأنها تستمد جذورها من أماني وأدعية الشرفاء العرب،ودعمهم لها،ولأنها  ومعها قوات الجيش اللبناني على موعد للحفاظ على حقوق الوطن اللبناني في نفطه وغازه في المياه الإقليمية التي ستحاول إسرائيل وكعادتها نهبها،والحل الدائم  يكمن في استراتيجية من ثلاث نقاط:

1.     الوحدة الداخلية اللبنانية،وعزل ومحاسبة العملاء وقد ظهر ذلك جليا في تكوين الداعمين للمقاومة من كل الطوائف وفي طليعتهم شرفاء الموارنة .

2.     علاقات متينة ومتطورة مع الجوار الإقليمي المعادي للثلاثي المذكور أعلاه.

3.     علاقات مع الدول العالمية الرئيسية الداعمة للحقوق الوطنية.

في المقدمة قلنا:”قد ألنا وايل علينا”وسياسة من ابتلينا بهم  ستفشل كفشل  إسرائيل في حرب2006أمام حزب الله،وأمريكا هُزمت في العراق،وما زالت تُهزم في أفغانستان ومعها فرنسا مرددين مع الشاعر اللبناني”خليل مطران”الذي عاش ما بين1871-1949قوله:

أبطال صدق ما بهم من لوثة       يوم الحفاظ وما لهم أقران

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى