المقالات

الهجوم على الجيش يهدف إلى تسهيل حركة الإرهابيين”.لماذا طُلب من” 14 آذر” عدم زيارة المناطق الحدودية مرة أخرى؟ – بقلم: حسان الحسن-

لا ريب أن كلام وزير الدفاع فايز غصن عن وجود عناصر من تنظيم القاعدة في لبنان، الذي لا تزال تردداته تتفاعل حتى الساعة، له أثره الإيجابي على الواقع الأمني اللبناني، خصوصاً أن الكلام الآنف الذكر صادر عن مرجع سياسيٍ معني بشؤون الجيش والدفاع، ومخوّل قانوناً التحدث بالشؤون الأمنية التي تتهدد الأمن القومي للبلاد، والتي تشكل خرقاً للمعاهدات الدولية بين الحكومة اللبنانية والدول الصديقة.

ولم يخفِ غصن سراً أن جلّ ما دفعه إلى تبني المعلومات عن وجود “القاعدة” هما سببان:

أولاً: أنها صادرة عن الجيش اللبناني البعيد عن التجاذبات السياسية، الذي قدّمها بدوره إلى وزير الدفاع عبر تقارير مبنية على وقائع ملموسة.

ثانياً: نأي المؤسسة العسكرية عن السجال السياسي الدائر في البلد في ضوء سعي تيار “المستقبل” وملحقاته إلى استهدافها وتحجيم دورها من خلال محاولة إقحامها في خلافات مذهبية مصطنعة، تنفيداً لأجندات خارجية.

لا ريب أن الصدمة الإيجابية التي أحدثها غصن في معلوماته الموثقة التي وضعها برسم مجلس الوزراء، تمثلت في أمرين:

أولاً: تراجع بعض الجهات المسؤولة عن كلامها على عدم وجود “قاعدة” في لبنان، وتأكيدها أنه يشكل ممراً وليس مقراً للتنظيم المذكور، ما يفسر أن هذا التراجع الجزئي، هو بمنزلة إقرار لمعلومات وزير الدفاع،  وأن هذا الإقرار يدفع الأجهزة الأمنية إلى أن تكون أكثر يقظةً لمواجهة اي طارىء.

ثانياً: انعقاد مجلس الدفاع الأعلى لبحث الوضع الأمني، وبالتالي تشديده على ضرورة ضبط عمليات تهريب السلاح من وإلى لبنان، ما أدى إلى تراجع حركة تصدير الإرهاب وعدته إلى سورية.

ولكن ما يثير الدهشة، هي التصريحات المضادة والفورية لكلام غصن، حتى قبل سؤاله عن معلوماته ومصدرها، ما يؤكد صحة ما أثاره النائب سليمان فرنجية في مؤتمره الصحفي الأخير أن المستهدف الأساس من خلال الهجمة الإعلامية على غصن، هو الجيش اللبناني، وكالعادة محاولة الإنقضاض عليه من خلف جدار مذهبي، فكلما تحرك الجيش لتنفيذ القانون وتوقيف أحد الإرهابيين، ينبري “المستقبل” للهجوم على المؤسسة العسكرية، ويحاول إيهام الرأي العام بأنها تستهدف أهل السنة والجماعة.

وفي هذا الصدد، يحذر مرجع لبناني مقرّب من دمشق من محاولة سعي “المستقبل” وملحقاته لإقامة مناطق عازلة في الأراضي اللبناني، تشكل قاعدة لاستهداف العمق السوري، من خلال استهداف دور الجيش ومحاولة زجه في تجاذبات مذهبية، وبالتالي إحراجه، لثنيه عن الدخول إلى بعض المناطق ذات اللون المذهبي الواحد، في سبيل إراحة الإرهابيين وتسهيل حركتهم، وتقديم مختلف أشكال الدعم لهم، إسهاماً في تنفيذ المخطط الدولي الذي يستهدف سورية.

ويرى المرجع أن زيارة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون المرتقبة للبنان في الأيام القليلة المقبلة تصب في المسعى المذكور، مرجحاً أن يطالب كي مون المسؤولين اللبنانيين تأمين “ممر إنساني” أو مخيمات لحماية “المدنيين النازحين من سورية”، تتحول لاحقاً إلى قواعد للمسلحين.

وفي جديد نشاط الإرهابيين على الحدود اللبنانية – السورية، أكدت مصادر مطلعة، أن التنظيمات المسلحة بعثت برسالة عبر قنواتها الخاصة إلى فريق 14 آذار تمنت عليه عدم تفقد المناطق الحدودية، بعد الزيارة الأخيرة التي قام بها الفريق المذكور برفقة الإعلاميين إلى عرسال، خشية من انكشاف البؤر المسلحة أمام الإعلام، ما يحتم على الأجهزة المختصة ملاحقتها.

يبدو أنه بعد فشل محاولة إقامة منطقة عازلة على الحدود السورية- التركية، إن الجهود منصبة راهناً لإقامتها على الأراضي اللبنانية، ولكن من المحتوم أنها ستلقى نفس المصير الذي لاقته على الحدود المذكورة، بفضل رفض لبنان الرسمي أي زعزعة للأمن السوري انطلاقاً من أراضيه التزاماً باتفاقية الأخوة والتنسيق مع سورية.

واذا لم يبقَ أمام القوى الإقليمية والدولية إلا اختيار الأراضي اللبنانية لاستهداف الجارة الأقرب، فيعني حتماً أن الأزمة السورية شارفت النهاية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى