التحقيقات

الأزمة الحالية تعبر عن التعامل السيء مع الاختلاف \ أسامة اسماعيل

الاختلاف بالتفكيروالشخصية والرأي والتعبير ووضع العاطفة والغريزة والمصلحة المادية في النطاق الفردي والشخصي تحت اشراف العقل والارادة، أمور لا تؤدي الى الفوضى والاستبداد والتسلط والتعدي بل ان محاولة اجبار الناس كلهم على تبني معتقدات واراء واحدة وحالة عاطفية جماعية واحدة،تربط بها المصلحة المادية هو الأمر الذي يؤدي الى الفوضى والاستبداد الناتجين من عدم الاقتناع والجمود والتضجر والضغوط النفسية والاجتماعية والاقتصادية وتضارب المصالح وتفاوتها بين الأفراد والمجموعات.وهذا ما يحدث اليوم في هذا البلد من فوضى وتسيب واستبداد وتعصب،ويشجع على ذلك النظام الديموقراطي الانتخابي الطائفي الحزبي العشائري واللعبة الدولية الاقليمية.
الأزمة الحالية تعبر عن التعامل السيء مع الاختلاف بالتفكير والشخصية والرأي والتعبير والمصالح واخراج الاختلاف من دائرة الفكر والعلم والثقافة النخبوية وادخاله في دائرة السياسة الانية ومسرحياتها وأخذه الى النطاق الطائفي والمذهبي والايديولوجي والشعبي والحزبي،حيث لامكان للعقل والارادة الفرديين ولا قيمة للفرد المستقل النخبوي بل هما للمعتقدات الجاهزة والجامدة والعواطف والغرائز الجماعية وتربط المصالح المادية بهذه الدائرة، وبخاصة وسط أزمة مالية ونقدية واقتصادية وانمائية شديدة وضاغطة جدا”على ذي الدخل المحدود والمنخفض بالليرة اللبنانية التي تدنت قيمتها الى أكثر من 90 في المئة مقابل الدولار الأميركي،وقد تكون هذه القيمة وهمية قياسا”على تعدد أسعار الدولار الأميركي في لبنان،وان كان سعر السوق السوداء الأكثر ارتفاعا”هو الأكثر تداولا”،يليه سعر “صيرفة”،ولكن هذه الجزئية هي من نتائج السياسة والادارة السيئة التي تفضل الانتخابات والرئاسة والمناصب والزعامة والحصص والسيطرة والنفوذ والشعبية على تحسين الأوضاع والتنمية وقيمة الفرد المواطن وحقوقه وعلى حل الأزمة التي افتعلوها لأجل الغايات المذكورة.وهي أيضا”من نتائج التعامل السيء مع الاختلاف والاهمال والتسيب والفوضى والهدر وتهريب الأموال،مما أدى الى انخفاض احتياطي مصرف لبنان بالدولار الأميركي الى أقل من 10 مليارات دولار.
اللعبة السياسية والحزبية والانتخابية الانية والطائفية ومصالح أشخاص وفئات معينة ودول خارجية سخرت المال والنقد والاقتصاد والمرافق العامة لأجلها،وكذلك حالة القطيع الطائفي والحزبي والعشائري والشعبي أسهمت في حدوث هذه الأزمة وتفاقمها عبر ردات الفعل أوالاستجابة لهذه
الأزمة ومسببيها ومفتعليها دون وضوح في الرؤية ودون منهاج علمي بل تراوحت ردات الفعل بين التظاهرات الشعبية واقتحام بعض المصارف، وما يسمى “طوابير الذل”،والمسارعة الى بيع الدولار الأميركي للسوق السوداء ،مما يسهم في ارتفاع سعره أكثر فأكثر،فيما يعالج المسؤولون و”السياسيون”الأزمة ببعض أسبابها مثل الادارة السيئة وقلة الضوابط، وزيادة الهدر،وزيادة الأعباء على ذي الدخل المحدود والمنخفض عبر رفع الدعم عن أكثر السلع والمواد الضرورية والأدوية وزيادة تعرفة الخدمات مثل الاتصالات والاستشفاء،وزيادة الدولرة وتشجيع سعر السوق السوداء للدولار،وطباعة المزيد من الأوراق النقدية لليرة اللبنانية حتى وصلت الى أكثر من 5تريليون ليرة بدلا”من العمل على رفع قيمة الليرة وتخفيض سعر الدولار وتثبيته عند حد معين مقبول ومحمول،مما يؤدي الى زيادة التضخم النقدي وارتفاع أسعار السلع والمواد والأدوية والخدمات مع ارتفاع سعر الدولار في السوق السوداء بشكل مضطرد ،وتفاقم أزمة الكهرباء وانقطاعها المستمر.
السياسة السيئة والادارة السيئة وحالة القطيع هي سبب الأزمة الحالية بأبعادها المختلفة،ويتم التعامل معها من قبل المسؤولين و”السياسيين” بطريقة جزئية وترقيعية وبالتنصل والتأجيل والتباطؤ واطلاق وعود وانتظار ما يوصي به صندوق النقد الدولي وما يسمى “المجتمع الدولي”عدا انتظار انتخاب رئيس الجمهورية وتأليف الحكومة رغم تغيير حكومتين منذ بداية الأزمة واجراء انتخابات نيابية ولم تحل ولم تتحسن الأوضاع!!!
أسامة اسماعيل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى