المجتمع المدني

كلية الآداب – الفرع الثالث (طرابلس) والاتحاد الفلسفي العربي

يُحييان تظاهرة بحثية فلسفية حول “الفلسفة والمدينة” برعاية وحضور رئيس الجامعة اللبنانية د. عدنان السيد حسين، أقام قسم الفلسفة في كلية الآداب (طرابلس) والاتحاد الفلسفي العربي بالتعاون مع اتحاد بلديات الفيحاء ومؤسسة الصفدي مؤتمراً فلسفياً، هو السادس في سلسلة المؤتمرات الفلسفية اللبنانية- العربية، وهو بعنوان” الفلسفة والمدينة”.

إلى صاحب الرعاية، حضر المؤتمر في جلسته الافتتاحية سفير المملكة المغربية في لبنان د. علي أومليل، د.  زهيدة درويش جبور الأمينة العامة للجنة الوطنية للأونيسكو ممثلةً وزير الثقافة، عميدة كلية الآداب د. وفاء بري، ممثل الهيئة التنفيذية لرابطة الأساتذة المتفرعين د. حميد حكم، نائب رئيس المجلس الدستوري القاضي طارق زيادة، المفتش العام للمحاكم الشرعية في لبنان القاضي نبيل صاري، رئيس اتحاد بلديات الفيحاء رئيس بلدية طرابلس د. نادر الغزال، رئيس بلدية الميناء د. محمد عيسى، رئيس الاتحاد الفلسفي العربي د. أدونيس العكرة، ممثل مؤسسة الصفدي د. مصطفى الحلوة، إلى عدد من عمداء ومدراء الجامعة اللبنانية والجامعات الخاصة في طرابلس والشمال وممثلي فاعليات تربوية واجتماعية وثقافية وأهلية، وإلى أساتذة وطلاب  من أقسام الفلسفة الخمسة في الجامعة اللبنانية.

وهذا المؤتمر تتوزع أعماله على يومين، عبر ست جلسات، إضافةً إلى الجلسة الافتتاحية والجلسة الختامية. ويتشارك فيه خمسة وعشرون باحثاً، في عدادهم أحد عشر مشتغلاً بالفلسفة من تسع دول عربية.

كلمة د. حلوة الافتتاحية :
استهل المؤتمر بالنشيد الوطني اللبناني ونشيد الجامعة اللبنانية، وكانت كلمة تمهيدية لمدير الجلسة الافتتاحية د. مصطفى الحلوة جاء فيها أن ثمة دوافع جوهرية أمْلَتْ على الهيئتين الداعيتين إلى المؤتمر تخيُّر سؤال “الفلسفة والمدينة” كونه في الصميم من قضايا البشرية: قديمها وراهنها، بل هو يزداد أهمية وخطراً في مطالع هذا القرن الذي يُرى إليه أنه قرنُ المدن.

وأشار د. حلوة إلى أننا اليوم بإزاء تحولٍ سريع من التنمية المادية إلى التنمية القائمة على المعرفة. ومن تجليات هذا التحول ما نشهد من انبعاث نمطٍ جديد منا لمدن هي ” مدن المعرفة”. وقد غدا مفهوم مدينة المعرفة شمولياً يستوعب مختلف مناحي الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية لمدينة ما. وهي تُفيد من التوسع الهائل الرقمي وتطبيقات مجتمع المعلوماتية .

كلمة د. أحمد الأمين:
منسق المؤتمر ورئيس قسم الفلسفة- الفرع الثالث د. أحمد الأمين نوّه بانعقاد هذه التظاهرة البحثية ي عاصمة الشمال كي تبقى مدينة للعلم والعلماء، وأضاف أن الوطن هو نتاج التفاعل والتشارك بين مكونات الاجتماع المديني الذي تُشكل الـ”أغورا” الإغريقية، بالمعنى الفكري كما الجغرافي، مكاناً للحوار وتنظيم الاختلاف وصناعة المشترك.

وأنهى بأننا، إذ نعقد هذا المؤتمر تحت عنوان “الفلسفة والمدينة”، فإنما بهدف الذهاب من موقع الفلسفة إلى قراءة المصطلح في تاريخيتِهِ  وراهنيتِهِ الفكريتين  ورصد محمولاته الفلسفية ومدى حضوره في نطاق الفكر الفلسفي العربي المعاصر توافقاً أو تعارضاً مع القوانين الوضعية والشرع المنزّل والدعوات الملحاحة لاعتماد العقل والعقلانية  ونشر الديمقراطية عربياً، فضلاً عن مطلب النهوض بالأمة ومستلزمات هذا النهوض.
كلمة د. جان جبور:
مدير كلية الآداب- الفرع الثالث د. جان جبور استهل قائلاً: إن من بين شروط قيام المدينة إلزامات فلسفية، كالديمقراطية والمواطنة وحقوق الإنسان والتسامح والحق والواجب والحرية؛ وهي ضرورات أصبحت ضاغطة علينا بعد أن عمّ التطرف والتعصب واستبيحت القيم، خاصة في منطقتنا العربية التي تشهد مخاضاَ عسيراً نأمل في أن تكون الغلبة في نهايته ما يصبو إليه أهل الفلسفة من تغليب للعقل والانفتاح على الآخر المختلف.

ورأى د. جبور أنه في كل يوم ينعقد فيه مؤتمر أو ندوة في الفرع الثالث لكلية الآداب ينتابنا فرح لكوننا نخرج من العملية التعليمية البحتة إلى تفعيل دور هذه الكلية كمركز للبحث وتعزيز الفكر النقدي . وتوجه جبور بالشكر لرُعاة المؤتمر، بدءاً برئيس الجامعة اللبنانية الذي تولى الأنشطة الأكاديمية الأهمية القصوى، مروراً بقسم الفلسفة- الفرع الثالث والاتحاد الفلسفي العربي وانتهاءً بالهيئات الداعمة مادياً، وهي تتمثل باتحاد بلديات الفيحاء ومؤسسة الصفدي والمركز الدولي لعلوم الإنسان- جبيل. وخَصَّ بالشكر وزير الثقافة الذي ارتأى أن تكون هذه الكلية المكان الذي يُكرّم فيه ثلاثة من المبدعين العرب في الفكر الفلسفي. وختم بتوجيه الشكر إلى الباحثين الآتين من الأقطار العربية ومن مختلف الفروع الجامعية في لبنان.

كلمة العميدة د. وفاء بري:
تساءلت العميدة في مستهل كلمتها: على أية مدينة نتكلّم؟ وأجابت: بفعل التكنولوجيا تبخّرت المسافات، قرُب البعيد وبعُدَ الجار القريب، وبعدت معه المدينة التي حاكت شيئاً من هويتنا.. والمدينة التي كبرنا على أصواتها وروائحها وألوانها تبددت  حدودها وتمدَّد معها انتماؤنا. وأضافت د. بري: أنه على الفلسفة أن تساعد في فهم كل هذه التغيرات المتسارعة، فتسهل علينا التأقلم في مدينة اتسعت حتى التوحد. لذلك على الفلسفة أن تتقبل هي تحوّلها فتخلع انطواءها وتخرج إلى المدينة، ناسجة علاقات جديدة مع محيطها ومبتكرةً خطاباً يبني التواصل مع الجميع.

وتابعت قائلةً: في عالم متفكك، للفلسفة دور في إعادة تجميع شتات المدينة ولملمة إنسانها وناسها،÷ وذلك من خلال استنهاض  القدرات الفكرية وإعادة تدوير شيء من الوقت الذي يُهدرُ لاستعماله في صياغة مفهوم جديد لسكن المدينة.

وأنهت بتساؤل هام: يبدأ العمر وينتهي بسؤال فلسفي، وتبدأ العلوم وتنتهي بسؤال فلسفي، فهل تكونين أيتها المدينة جسر عبور ما بين السؤال والجواب؟

كلمة د. أدونيس  العكرة:
رئيس الاتحاد الفلسفي العربي والمشرف على المركز الدولي لعلوم الإنسان- بيبلوس د. أدونيس العكرة أضاء على المسيرة التي كرستها الداعيتان إلى المؤتمر والتي أنتجت حتى تاريخه ستة مؤتمرات فلسفية لبنانية- عربية أكبت، من منظور الفلسفة الشمولي، على إشكاليات تقارب  قضايا تهم الإنسان بعامة وإنساننا العربي بشكل خاص وهذا ما يجعل الفلسفة مواكِبةٌ للحياة المعيشة، وهذا هو أحد الأدوار الأساسية التي نُدِبتْ  الفلسفة له عبر العصور.

وفيما يخص مؤتمر ” الفلسفة والمدينة”، رأى د. العكرة أن الموضوعات التي تندرج  تحته تحاصر المسألة من جوانب عديدة، ولا بد أن تضيء على السؤال الذي يأتي في وقت تشهد فيه الساحات العربية، بل المدن العربية، حراكاً كبيراً سينجلي عن مشهدياتٍ جديدة على مختلف الصُعُد.

وقد توقف د. العكرة ملياً عند الدعم الذي لقيه هذا المؤتمر، ولا سيما من رئاسة الجامعة اللبنانية ومن وزارة الثقافة، ممثلةً بالمركز الدولي لعلوم الإنسان في جبيل، كما نوّه ببلدية طرابلس واتحاد بلديات الفيحاء اللذين ما غابا يوماً عن دعم المؤتمرات  الستة التي أقامتها الهيئتان الداعيتان إلى هذه التظاهرة البحثية اليوم. إضافةً إلى مؤسسة الصفدي. ولم ينس د. العكرة التنويه بدعم سابق من قبل جمعية المستقبل وجمعية العزم والسعادة الاجتماعية.

كلمة د. نادر الغزال:
استهل د. الغزال قائلاً بأن  عنوان المؤتمر لفتهُ، إذْ يجمع بين العلم والعمل. وهذا أمر مهم ودقيق وليس بسهل. بل ليس سهلاً أن تكون أكاديمياً  ناجحاً وعاملاً منجزاً في الوقت عينه.

وأشار د. غزال أن مهمات البلدية، أية بلدية، لا تحصر في تعاطي البنى التحتية للمدينة ومرافقها، على أهمية هذه المهمات. بل إن في صُلب اهتماماتها الأساسية تكوين روح المواطنة لدى ساكنيها.

وعلى هذا الصعيد ذهب د. غزال إلى أن من أولويات بلدية طرابلس واتحاد بلديات الفيحاء بناء ثقافة المواطنة، وقد قطعنا شوطاً في هذا المجال.

وتابع قائلاً: إننا في الاتحاد، يسعدنا ويشرفنا بل لزامٌ علينا أن نكون إلى جانب الفلسفة والعلميين والحضاريين الذين يسعون إلى الارتقاء بمجتمعنا. ونحن، كبلديين، نتشارك في هذه المهمة الجليلة. إن الفلاسفة والعلماء يُشعروننا بالأمان، لأننا من خلال رؤاهم نستشوف مستقبلا ً أكثر إشراقاً ورقياً واندراجاً في معارج التطور.

وتوقف د. غزال عند إنجاز استراتيجية واعدة، هي استراتيجية مدن الفيحاء، وهذه الاستراتيجية تُترجم بورش عمل سوف تكب على سؤال مركزي مآله: هل نصل إلى تغيير ثقافة المواطن عبر خلق بيئة حاضنة لهذه الثقافة؟

وأنهى متمنياً النجاج للمؤتمر ومعاهداً على مواصلة دعم أي حراك ثقافي أو فكري، ولا سيما إذا كان القائمون به هم أبناء الجامعة اللبنانية، وهو واحدٌ منهم.

كلمة رئيس الجامعة اللبنانية:
أكد رئيس الجامعة اللبنانية على أهمية الموضوع الذي يُطرح عَبْرَ سؤال “الفلسفة والمدينة” ، ولا سيما في ظل الحراك أو الثورات التي يشهدها العديد من البلاد العربية.

وقد شدد د. حسين، فيما يخص هذا الحراك، على اعتماد العقلانية التي تشكل ضمانة للتغيير البناء الذي تتطلع إليه الشعوب العربية. وأضاف أن كل دعوة تُضاد العقلانية سوف تؤدي إلى نتائج سلبية لا تُحمد عقباها.

وعن المؤتمر وكل التظاهرات البحثية التي تقوم بها الجامعة اللبنانية، شدد د. حسين على إبراز هذه الفعاليات إعلامياً، وبما يؤكد على البُعد البحثي للجامعة. فالجامعة تقوى بحراكها الفكري والبحثي وبذا تخرج من أسوارها في ظل هذا العصر المعولم والذي يتميز بثورة الاتصالات الكاسحة التي تتنامى باطراد.

وتوجه د. حسين إلى المؤتمرين قائلاً أنه منهمك حالياً في معالجة ملفات عديدة تعود للجامعة اللبنانية،وهو يُعيرها الاهتمام اللازم وسوف يكون لنا حديث معكم حول هذه القضايا في مناسبات أخرى.

وأنهى د. حسين، متوجهاً بالتهنئة إلى الأعلام المكرمين الذين يحظون بتكريم مزدوج: من قبل الجامعة اللبنانية ومن قبل وزارة الثقافة. وقد تعهد ختاماً بدعم كل المجهودات والمبادرات التي ترقى بالجامعة اللبنانية، فهي جامعة الوطن ، وهي أحد أهم المصاهر لوحدة اللبنانيين وعيشهم المشترك.

– في ختام الجلسة الافتتاحية جرى تكريم الأعلام الثلاثة: مطاع صفدي، ناصيف نصار وعلى أومليل.
وقد القت د. زهيدة درويش جبور كلمة عرَّفت فيها بهؤلاء الأعلام، مستعرضةً مسيرتهم الفلسفية ومتوقفةً عند عطاءاتهم الفكرية التي أغنت المكتبة العربية والفكر العربي.

وقد سلمت د. جبور المكرمين، باسم وزير الثقافة، دروعاً تكريمية. كما تم تسليمهم ” وسام الإبداع والتميُّز” من قبل العميدة د. وفاء بري باسم كلية الآداب والعلوم الإنسانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى