المقالات

حكاية حرية … كتبت: سارة مراد

منذ ولادتنا ونحن هاجعون تحت سقف العادات والتقاليد

… ثم دخلنا المدارس فوجدنا كلمة ” الحرية ” ، في كتاب التربية المدنية . أثير اهتمامنا .. ثم بدأ الأستاذ بشرحها … وتفصيلها …. وأبعادها .. فصفعتنا الدهشة والغبطة .. لما عرج اليه خيالنا في فضاء الحرية الشاسع …. وعند انتهاء حصته قال لنا أعيدوا ما أخذتم … ولتعيدوا ” الكلمة ” الى سجن الكتاب … ولا تنسوا اغلاق الغلاف . اقتات الحزن وجهنا وبدأت علامات الاستفهام تجتاحنا … تربكنا…. ترمينا على ميناء التعجب الأكبر …. ألم يبطل ما قال بهذا التصرف ؟! ألم يسلب حريتنا بالاحتفاظ بها ؟! لما هذا التناقض والهوة العظمى …. حاول كل منا أن يسأل كل من حوله ….. فلم نلقى سوى الأجوبة ” الدبلوماسية ” .. و الردود الغامضة المبهمة … والكل يتوقف عند كلمة ” ولكن ” ….. فيبتلع لسانه ويبدأ بتلويح كفه مختصرا ب ” الخ ” .. ما معنى “الخ ” في مصطلح الحرية ؟ ومن هو القادر على تعبئة هذا الفراغ الكبير ؟؟ …… وماذا عن كلمة ” ولكن ” ؟ ولكن في بلداننا … ولكن في دولتنا … ولكن في العالم الثالث …. ولكن في عصرنا …. ولكن في ظلمنا … وجهلنا … وانحطاطنا الفكري و الاجتماعي …. ولكن تكمن في عقولنا القديمة المستوردة من قمقم الجهل والفساد …. تكمن في حقدنا المتوارث و جشعنا … وعبوديتنا للمال …. للعمى .. أخشى أن أنطق بكلمة حرة …. استنادا ” للحريات العامة ” التي تحددها السلطات العامة …. والتي يضمنها لي حقي الطبيعي المرتبط بكرامتي … وكينونتي ….. أخشى … أن تعود بصدى مثقل بالفراغ بين جمع من الشعب اﻷصم ….. وهذا البعض من الكل …. الذي يجب علي اخفاؤه بحكم ال ” الخ ” وال ” لكن ” …كي لا نضطر لاضافة ” والا ” ……… لحصر الحرية . وماذا عن هذا الحقد والكره المنتشر بين أبناء الوطن الواحد وابناء المدينة الواحدة والحي الواحد … حالة من الكره والنفور بين الناس .. لم يعد السؤال ما اسمك ؟! أصبح ما دينك ؟ ما طائفتك ؟ ما مذهبك ؟ هل أنت شيعي ؟ أم سني أم علوي .. لا بد أنك درزي ، أرثوذكسي ، ماروني …. قل لي ﻷعلم من تكون . وان كان طارح السؤال مثقف وضد الطائفية .. ومنفتح … ومتفهم فيستبدل السؤال ب ” ما هو تيارك السياسي ؟ ما هو حزبك ؟ من تؤيد ؟ من تعارض ؟ من وما ومن وما ……. ﻷعرف كيف أتعامل معك فاما نحن على اتفاق أم أنه لا مجال للتفاهم فخير لنا أن لا نتناقش تفاديا للمشاكل . .. وحدث ولا حرج ان وقعت المشاكل والخلافات والسباب والصراخ في كل مكان في المنازل في الشوارع في اﻷماكن العامة على المواقع الاجتماعية على ” الواتساب ” حتى في سيارات اﻷجرة …. موجة من البغض والتعصب والطائفية والقتل والاجرام والدم الواحد السائل على اﻷرض …. باسم شهيد ؟!!! شهيد ماذا ؟ ولماذا ؟! وما معنى الشهادة في نظركم ؟!! …… فلنستفيق من هذا الجهل والغباء البحت … كيف تتعامل مع ” انسان ” استنادا على فكر معين أو دين ؟! لم يعد في هذه الغبراء متسعا لك وله ؟! اما هو ام انت .. فتقتله ؟! او يقتلك … والبقاء للأقوى …. في هذي الغابة ….. فبأي معادلة تتعاملون ؟ تعيشون ؟ وتتقاتلون …. لا دين يبرر هذي الكراهية وهذه العداوة و هذا القتل العشوائي .. السلاح بين اليدين والغشاوة على العينين والعمى على البصيرة والقلوب … وقد قال أحدهم ” من أوقد نار الفتنة اشتعلت به ” كم أخشى اشتعال المدينة … والبلد كله …. ويبقى رماد الجهل قابلا للانبعاث من جديد

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى