الأخبار اللبنانية

كلمة النائب روبير فاضل في مجلس النواب

دولة الرئيس، أيها الزملاء
11 شهر./
احتاجت ولادة هالحكومة 11 شهر / أو 334 يوم إذا بَدْنا نكون دقيقين.
11 شهر من المفاوضات والمماطلة بظلّ أزمة أمنية ومعيشية خطيرة / وتدفق ميات آلاف اللاجئين / وارتفاع غير مسبوق بمستوى الفقر والبطالة.
11 شهر استنزفت أعصاب اللبنانيين وكشفت حَجم الخَلل بالنظام، وخلِّتنا نِلمس مدى انهيار الدولة ومؤسساتها.
11 شهر/ تساءوا خلالا اللبنانين إذا صارت دولتن دولة فاشلة، بوجود برلمان ممدَّد إلو، وحكومة تصريف أعمال، وموقع رئاسة جمهورية مهدّد بالفراغ.
وفجأة /
وفجأة، وكأنّو بسحر ساحر، تحلحلت كل العقد، وحَلِّت النية الحسنة محلّ الخلافات، وقدّم كل فريق تنازلات مؤلمة… فَـــــوُلدت الحكومة.
ما في شك إنّو ولادة الحكومة خلّفت ارتياح، ولكن إذا راقبنا ردود فعل اللبنانيين على تشكيل هالحكومة، وسمعنا يلي عم ينقال بالشارع وتابعنا وسائل التواصل الاجتماعي، منلاقي إنّو ورا هالارتياح النسبي، في غضب عارم واستغراب.
هناك فئة واسعة جداً من اللبنانين، وخاصة عند الشباب، ما عم يفهمو كيف زعماؤن بيتخاصمو وبيرجعو بيتصالحو، بيتبادلو الشتايم ومن بعدا بيتصافحو، وشو هيي الأسباب يللي بتفرّقن / وبترجع بتجمعن.
هناك اغلبية صامتة بترفض الطريقة اللبنانية لإدارة الشأن العام، والتسويات يللي ما بتحلّ أي مشكلة ما عدا تمرير الوقت وتوزيع الحصص / بينما البلد عم بيغرق بوحل الخلافات.
انقال إنو هيدي الحكومة تشكلت على قاعدة الشعار اللبناني المعروف / “لا غالب ولا مغلوب”.
هيدا المبدأ ضروري، ونحنا منحيّي صاحب هالشعار الرئيس صائب سلام. الاعتدال شرط استمرار لبنان، وبالطبع ما ممكن لفريق إنّو يلغي الآخر.
ولكن كتار عم بيشعروا بأنو هيدا الأمر فيهُ كتير من الخِبث وإنو نحنا اليوم بالواقع قدام غالب ومغلوب.
الغالبين هنّي، مثل العادة، أفراد الطبقة السياسية التقليدية، وبالأخص قادة الطوائف والاقطاع وعرابينن الخارجيين. بنظرن نحنا السياسيين منعرف دايماً، متخاصمين كنّا أو متوافقين، كيف نحمي مصالحنا وكيف نعيد إنتاج هالنظام إلى ما لا نهاية.
أما المغلوبين فهنّي، مثل العادة، اللبنانيين يلّي عم بيعانو بصمت، وعم بِكدّو ويجاهدو لتأمين لقمة العيش وتعليم ولادن وتوفير الطبابة لأهلن.
المغلوبين هني الشباب، هالجيل المليان بالحماس والنشاط والأفكار والابداع، ويلي عم بواجهو سوق عمل متأزّم بسبب انعدام الفرص والإنماء غير المتوازن وعجز الدولة عن تأمين استقرار سياسي وأمني.
المغلوبين هني اللبنانيين يلي ما عندن أي واسطة، وما بيتبعو أي زعيم سياسي، ويلي ما بتسمحلن عزة نفسن إنو يطلبو خدمة أو مساعدة.
المغلوبين هني النساء يلي عم بيسقطو الوحدة ورا التانية على أيدي أزواجن، بالوقت يلي مجلس النواب ما عم بقوم بابسط واجباته لحماية بناتنا وخياتنا من خلال إقرار مشروع قانون العنف الأُسَري.
المغلوبين هني أصحاب المؤسسات الزغيرة يلي وظفوا إمكانياتن المحدودة بشغلن ليلاقو حالُن على شفير الإفلاس بسبب تدهور الحالة الاقتصادية والسياحية.
والمغلوب اخيراً / هو كل مواطن عم بيعلق ساعات بزحمة السير، وعم بيشوف النفايات عم تتراكم بشارعو، وعم يدفع الفواتير المزدوجة للكهربا والمولّدات، وما بيعرف اذا اكله أو الادوية أو المياه يلّي عيشربها صالحة او ملوّثة. وبهالوقت زعيمه عم يتجاهل هالمعاناة اليومية وبحاضرو بصراعات اقليمية ودولية وهواجس طائفية ليغطّي على عجزه.
نعم دولة الرئيس، هناك غالب ومغلوب.
والشعب يلّي فرضياً عمن مثلو عم بيشعر بإنّا نحنا هون مننتمي للفريق الأول، الفريق الغالب، بينما تخطّت معاناتو كل حدود الممكن والمقبول.
وإذا بدنا نستعيد ثقتن، اضعف الايمان انو نهتم اكثر بمشاكلن اليومية بدل ما نلهين بخطابات رنانة وغرائز طائفية. كفى الاستخفاف بعقول الناس.
واذا ما قدرنا نتفق على المشاكل الكبيرة مثل طبيعة النظام والمحاور الاقليمية والتدخل في سوريا وغيرها فلنتواضع ونحلّ المشاكل الاصغر مثل النفايات والطرقات والكهرباء والتلوث وغيرها.
واذا نوجدت الارادات الطّيبة فينا نروح ابعد ونستغل وجود مظلّة دولية لحماية لبنان تنسعى لوضع أسس متينة لبناء مستقبل أفضل.
خلّينا ما نتخبى ورا إصبعنا: لبنان عم يواجه اليوم تهديد وجودي، حتى إنّو الكيان اللبناني صار على المحك.
وهون بدّي اتوجه لفئة من اللبنانية:
الحق يقال، من بعد ما لِعبت معظم القيادات المسيحية والسنية دور سلبي خلال الحرب الأهلية بقيام ودعم مؤسسات وقوى عسكرية بديلة عن الدولة، وبإقحام الدول القريبة والبعيدة بزواريب السياسة اللبنانية، عمبيكتمل اليوم النصاب والإجماع اللبناني لاغتيال مشروع لبنان الدولة من خلال خَيارات وسياسات معظم القيادات الشيعية.
فلإلُن قبل غيرُن منوجّه دعوة تنرجع للغة العقل والتواضع ونوقّف التخوين وندعم الاعتدال بكل طايفة ونتفق على دور المقاومة ورؤية وِحدة للبنان، مبنية على مصالح اللبنانيين فقط وبتحمين من العواصف الاقليمية والدولية.
3 سنين من التدخل العسكري المباشر بسوريا وصّل البلاد على حافة الانفجار والحروب المذهبية والانهيار الاقتصادي. بحجّة حماية الضيع الحدودية والاماكن المقدّسة، دخل الحزب للعمق السوري ضارباً بالحيط رأي جزء كبير من شعبه ومقررات طاولة الحوار. والمطلوب منه اليوم اكثر من البارحة انو يرجع للبنان ويرجع معه الامن والازدهار لكل المناطق اللبنانية بما فيها الضاحية الجنوبية.
وبالعودة لبرنامج الحكومة،
نحنا منعرف إنّو مدة هالحكومة رح تكون قصيرة نسبياً، وبالتالي ما منتوقع مِنها المُعجزات. ولكن منتأمّل منها على الأقل إنّو تعالج بعض الاولويات:
بدايةً، نجاح هيدي الحكومة أو فشلها بيتحدد على أساس مهمة وحدة وهيي إجراء الانتخابات الرئاسية ضمن المهل الدستورية في جوّ من الامن والاستقرار.
ولكن الانتخابات والامن ما بيكفوا لمعالجة القضايا الاجتماعية والاقتصادية الملّحة يلي المطلوب التركيز عليها.

كلنا منعرف ان بغياب أي صدمة ايجابية بتعيد الحركة الاقتصادية والسواح، وبغياب رؤية مالية وموازنة سليمة، من المتوقع إنّو تقوم المؤسسات الدولية، قبل هذا الصيف، بإعادة النظر وربّما تخفيض تصنيف لبنان.
موضوع تصنيف لبنان ما بيتعلق بس بنقاش تقني على المالية العامة، و مش مجرد مشكلة اقتصادية، وإنما هوي مسألة سيادية.
نعم، منقول ومنكرر، إذا ما رجعنا سريعاً للمسار الصحيح، سيادة لبنان رح تدخل دايرة الخطر وبسرعة رح نلاقي حالنا تحت وصاية المنظمات الدولية يللي رح تشترط أي مساعدة للبنان ببرنامج إصلاحي واسع وجذري ما إلنا علاقة فيه ولاتأثير عليه.

واستعادة الثقة بتعني عدم معالجة قضايا حساسة مثل سلسلة الرواتب على أساس الحسابات السياسية والمصالح الانتخابية. ما في شك أنو زيادة الرواتب مطلب مشروع، ولكن من غير المقبول إعادة تقييم الرواتب بغياب رؤية شاملة وإصلاح جوهري للإدارات العامة بتاخذ بعين الاعتبار ضرورات إنتاجية القطاع العام ومعالجة الفساد من جهة وإمكانات الدولة من جهة ثانية. بهالطريقة فقط رح نقدر نقدم للموظفين الأجور والرواتب يلي بيستحقوها. وإذا مرّرنا سلسلة جديدة بدون إصلاحات، رح نلاقي حالنا بعد سنة قدام مشكلة أكبر بظل اقتصاد ومالية عامة أسوىء.
استعادة الثقة بتعني كمان التحرر من قيود الإيديولوجية أو من المصالح الضيّقة، وخاصة بموضوع إصلاح قطاع الكهرباء. ملياري دولار اميركي عم تندفع سنوياً من الموازنة لكهرباء لبنان بدل ما تندفع لمكافحة الفقر والبطالة وتعليم وتدريب الأجيال الجديدة والحدّ من التلوث و غيرها من المشاكل.
هل حداً بصدّق انو اللجان النيابية كانت عمبناقش اذا بامكانية الموازنة تمويل مشروع تنظيف مياه الليطاني يلي بتلوث مياه الشرب والخضرا يلي بتتوزّع على كل لبنان. كلفة هالمشروع 200 مليون دولارسنوياً. هل بجوز ان يتسمموا ولادنا وتزيد كل انواع الامراض بما فيها السلطان لانو بدنا نضل نتحمل عجز الكهرباء بدل ما نستفيد من خبرة الدول المتقدمة بمجال الشراكة بين القطاع الخاص والعام ونتفق على الضوابط اللازمة لتأمين شففية هالعملية؟
حداً بصدّق ان من بعد 20 جولة عنف ما تخصص لطرابلس، عاصمة لبنان الثانية و افقر مدنها، الاّ 100 مليون دولار يلّي اصلاً ما انصرفوا لان الموازنة ما بتحمل / وبدنا نضل نمول عجز الكهرباء!
بالفعل هيدي جريمة بحق مجتمعنا.
دولة الرئيس، خلّي هالحكومة يكون عِنّدها الشجاعة اليوم لتعتمد قاعدة ذهبية وهيي: رفض أي زيادة بنفقات الدولة ما دام ما اتفقنا على إصلاح قطاع الكهرباء.

هالمبادئ والإصلاحات الاقتصادية لا بدّ وإنو تترافق مع سياسات اجتماعية جديدة بتطال جميع اللبنانيين يللي عم يعيشو تحت خط الفقر. أظهرت الدراسات أنو إذا شملنا اللاجئين بيعيش حوالى 45٪ من المتواجدين على الأراضي اللبنانية تحت خط الفقر. ولربما تكون هالنسبة تجاوزت اليوم 50 ٪.
بطرابلس تحديداً الوضع مأساوي لأنو هالرقم تخطّى ال60% بدون اللاجئيين و الاخطر انو 20% من العيل بتعيش تحت خط  ما يسمّى الفقر المُدْقَع اي باقل من ٤ دولار بالنهار لكل عائلة.
والنتائج معروفة، ومش بس على المستوى الإنساني والاجتماعي، ولكن أيضاً على مستوى النظام العام واستقرار البلاد.
أيمتى رح نفهم أنو طرابلس يللي أنهكتها جولات العنف بحاجة اليوم أكتر من أي وقت مضى لخطة إنعاش طموحة، لخطة مارشال خاصة.
بانتظار هالخطة هناك اجراءات امنية وانمائية ضرورية وهي تحديداً:
–    حزم بمعالجة الفلتان الامني: المطلوب الشجاعة تتكون طرابلس مدينة خالية من السلاح. اي حلّ ثاني بحجة فقدان الثقة بين القوى الامنية و العناصر المسلحة هو مجرد تاجيل للحل
–    المطلوب كمان صرف ال 100 مليون دولار الموعودة بمشاريع بتخلق فرص عمل و بتحرك الاقتصاد
–     تعيين مجلس ادارة المنطقة الاقتصادية الخاصة يلي هو اهم مشروع انمائي للمدينة وما بيبقى الاّ تعيين مجلس ادارته لينطلق
–    المطلوب توقيف المتهمين بتفجيري التقوى والسلام وبحرق مكتبة السائح يلي كانت سببت فتنة لو من وعي قيادات المدينة وتحرك رائع للمجتمع المدني. الكل معروفين من الاجهزة والقضاء
–    واخيراً المطلوب من الحكومة تبني اقتراح قانون بدي قدمو لدعم العيل يلي بتعيش تحت خط الفقر بكل لبنان. بجزء صغير من عجز الكهرباء ممكن نعالج بشكل جذري الفقر ببلدنا.
بالختام، هالأولويات بتعتمد كلها بالتأكيد على شرط أساسي ما في غِنى عنّو وهوي الأمن والأمان وحسن إدارة ملف اللاجئين السوريين.
من بعد ما تناولت يللي بعتبرُه من أولويات هيدي الحكومة، قررت إمنحها الثقة. اولاً لأنّ رئيسها رمز من رموز الاعتدال وعلينا كما قلت دعم القوى المعتدلة. وثانياً لانها متوازنة في تركيبتها ولأنّ بكل بساطة ما منقدر نتحمّل احتمال شغور المنصب الرئاسي وغياب للحكومة.
كلمة أخيرة لأقول إني بتفهّم تماماً هموم اللبنانيين وخيبة آمالن. ولكن لازم يبقى في أمل. لازم نرفض الاستسلام ونواجه التحديات مهما كانت الظروف صعبة.
ما في شعب بالعالم عنده هالقدرة على التسامح وعلينا نضل نسعى حتى نوصل لمصالحة وطنية الحقيقية.
قدرنا كلبنانيين نضل نواجه تشاؤم العقل بتفاؤل الإرادة.
وشكراً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى