المقالات

بين شارع سوريا وأبي سمراء – بقلم: فراس فضل حمزة – طرابلس

لا يمكن وضع ما يحدث في أبي سمراء اليوم في خانة الصدفة أو الإعتداء الفردي- وإن أوحي أنه كذلك- إنما الموضوع ليس بهذه البساطة ابداً، عندما يكون مايحصل في الشرق الأوسط مرتبط بالغرب،لا يمكننا إذاً فصل ما يجري في أبي سمراء عن جبهة “تبانة  جبل محسن”.
عندما يجد المتحكمين بأمن المدينة وسلمها مكاسب لهم في أبي سمراء تفوق تلك التي يمكن لهم تحقيقها في شارع سوريا لن يترددوا بتاتاً في إجراء تبديلات تكتيكية بين لاعبيهم الذين أنعم الله عليهم برزقتين: رزقة المال ورزقة الغطاء السياسي، وفعلاً هذا ما بدأوا به حيث إستبدلوا بعض اللاعبين كما أجروا تبديلاً لساحة اللعب.
جبهة شارع سوريا(جبل محسن تبانة) باتت محوراً تقليدياً يزعزع أمن المدينة بشكل كبير جداً، ولكن هذا المحور ربما لم يجد فيه هؤلاء العابثين في إستقرار المدينة إمتداداً جغرافياً للمعركة في معظم الجولات القتالية السابقة، وذلك لأن شكل المحور:معركة بين السنة والعلويين أي أن المعركة مذهبية ومهما تطور شأنها دائماً هناك عقلاء المدينة يجدون لها مخرجاً وإن كان الأمر ليس بالسهل.
أما عن المحور الجديد في أبي سمراء فالمكاسب أكبر بكثير، كون أبي سمراء تعتبر عاصمة المدينة وتمتلك كل المؤهلات لتصبح مدينة بحد ذاتها،وتشكل عصب إقتصادي وإجتماعي حيوي لمدينة طرابلس فإن سقطت أبي سمراء فكل ما تبقى من مناطق وشوارع المدينة لا يعود لها أي إعتبار، ومن ناحية أخرى يتواجد في أبي سمراء وبشكل واضح مكاتب و محازبين من مختلف التيارات السياسية والإسلامية،إضافة إلى وجود ما بات يعرف بجبهة النصرى هذا ناهيك عن كثافة اللاجئين السوريين المنتشرين في كل أرجاء أبي سمراء،فإن هذه الجغرافيا السياسية لا شك أنها أضحت تشكل بيئة حاضنة بإمتياز لأي فتيل فتنوي سني – سني يقدم خدمة على طبق من ذهب للمشروع التفتيتي الذي يحاك لطرابلس والذي تبين مؤخراً أنه أصبح من السهل أن يكمل مساره في أبي سمراء من خلال الشرخ ضمن المذهب السني الذي لاقى تجاوب إلى حد ما من بعض القوى والقيادات الإقليمية والدولية.
إلى أي مدى ممكن للطرابلسيين عموماً وأهالي أبي سمراء خصوصاً تفادي هذا المخطط والتصدي له في ظل الغطاء السياسي الذي يتمتع به جميع حملة السلاح على إختلاف توجهاتهم؟ وهل أصبحت أبي سمراء ساحة معارك لتصفية الحسابات الداخلية بين السنة؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى