المجتمع المدني

افتتاح معرض الاعلام المسيحي تحت عنوان “الاعلام والمرأة”

افتتح رئيس اللجنة الاسقفية لوسائل الاعلام المطران بشارة الراعي ممثلا الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير، معرض الاعلام المسيحي في دورته التاسعة، الذي ينظمه الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة – لبنان برئاسة الاب طوني خضرة، تحت عنوان “الاعلام والمرأة”، وبمشاركة وزير الاعلام الدكتور طارق متري، وحضور الوزيرة منى عفيش، النائب نبيل دو فريج، رئيس فرع مخابرات جبل لبنان العميد شارل حلو ممثلا قائد الجيش العماد جان قهوجي، العقيد الركن الياس حبيب ممثلا مدير عام قوى الامن الداخلي اللواء اشرف ريفي، الرائد بيار نمر ممثلا مدير عام الامن العام وفيق جزيني، الرائد جهاد الاسمر ممثلا العميد انطوان شكور، المستشار ملحم رياشي ممثلا وزير الدفاع الياس المر، السفير البابوي غابريال كاتشيا، المطران دانيال كوريه، المطران يوسف بشارة، المطران الياس رحال، المطران جورج صليبا، المدبر ايوب شهوان ممثلا الرئيس العام للرهبانية المارونية اللبنانية الاباتي طنوس نعمة، هنري باخوس ممثلا القوات اللبنانية، وحشد من الشخصيات السياسية والاعلامية والادبية والاكاديمية والكهنة والراهبات والمواطنين.

بداية النشيد الوطني اللبناني، ثم كانت كلمة ترحيب من مقدمة الحفل الاعلامية رانيا بارود. تلاها عرض تقرير مصور عن المعرض في دورته السابقة. وبعد عزف لموسيقى قوى الامن الداخلي، كانت كلمة للاب خضرة، جاء فيها: “في مناسبة اليوم العالمي لمكافحة العنف ضد المرأة الذي تحييه هذا النهار جمعيات ومنظمات عديدة في مختلف انحاء العالم، تجاوبا منها مع قرار الامم المتحدة 199 الصادر قبل خمسين عاما، يسعد الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة – لبنان (اوسيب لبنان) ان يشارك بدوره وعلى طريقته في احياء هذه المناسبة الكريمة، ليس فقط من خلال توقيت معرضه التاسع في هذا اليوم، بل ايضا في وضع هذا المعرض تحت شعار “وسائل الاعلام والمرأة”، وذلك حرصا منا وتأكيدا على ضرورة تسليط الضوء على هذه لقضية المركزية التي تصب في صميم الحفاظ على المصير البشري والحضارة الانسانية جمعاء. في هذه القضية الخطيرة جدا كان لا بد للاعلام المسيحي من قول كلمته المؤثرة والفاعلة، يستمدها من عمق في هذه الرسالة الانجيلية التي رفعت من كرامة المرأة الى ما يداني عتبة القدسية، مساوية بينها وبين الرجل في كل الحقوق والواجبات، وذلك في سابقة لم ولن تتفوق عليها اي نظرة او نهج في سياق تاريخ الحضارات والاديان”.

اضاف: “في هذا المعرض المخصص لوسائل الاعلام والمرأة، وفي اليوم العالمي لمكافحة العنف ضد المرأة، وفي الذكرى الخامسة عشرة لمؤتمر بكين العالمي الذي عقد في الصين في قضايا المرأة دفاعا عن حقوقها الاساسية، وفي الذكرى السادسة عشرة لصدور الرسالة الحبرية “كرامة المرأة”، تتوجه ابصارنا نحو المرأة “ام الحياة” والمرأة القريبة من مساحة الوطن والعائلة، لكي نحتفل معكم من خلال هذا المعرض، انتم يا اصدقاءنا وشركاءنا، في احياء هذه التظاهرة الاعلامية والثقافية اللبنانية، لنصرخ عاليا، من هذا الصرح التاريخي العريق (عامية انطلياس) في الوطنية والعيش معا، ومن خلال الكلمة والصوت والصورة، من خلال وسائل الاعلام المقروءة والمسموعة والمرئية، من خلال الموسيقى والرسم الفني والكاريكاتوري والمسرح والندوات الشعرية والفكرية، نصرخ دفاعا عن حقوق المرأة المنتهكة في مجتمعنا اللبناني بخاصة والعربي عامة، كما نصرخ ايضا دفاعا عن حقوق جميع الضعفاء والمستضعفين، على صورة المرأة، العزل من اي وسيلة للدفاع عن انفسهم، المعرضين دوما في ظل تقاعس حكوماتهم، لا بل بتواطئها احيانا، للقتل والتهجير واستباحة الحرمات والمقدسات، فضلا عن الترهيب الدائم، كما شهدنا في بعض دول المنطقة، حيث لا تصل صرخات الانتهاكات والويلات”.

وقال: “من المخجل حقا، وقريبا منا في لبنان، ان لا تزال تقارير الامم المتحدة والدولية تطالعنا، كما حصل في السنة الماضية، بملاحظاتها حول المستوى المتدني، بل المتخلف في مجال احترام حقوق المرأة في لبنان، سواءاكان ذلك في مجال الحقوق السياسية، كالتمثيل النيابي والحكومي، ام في مجال القضاء ومراكز القرار، في مجال الاحوال الشخصية ام في مجال الحياة العامة، ولا سيما منها في ما نصت عليه الاتفاقات الدولية المتعلقة بالعنف وجميع اشكال التمييز. لذلك اثرنا في هذا المعرض ان تكون المواضيع الحساسة موضع بحث وحوار في الندوات المحورية التي يتضمنها المعرض، حيث سيتاح لجيش من النساء منبر حر تعبرن من خلاله عن معاناتهن وتدافعن عن قضاياهن الملحة والموجعة”.

وختم: “مستقبل البشرية مرهون بأمانة المرأة للحب والحياة والقيم، لذلك شئنا ان يكون هذا المعرض تظاهرة احتفالية بكل ما للمرأة من كرامة وعبقرية وجمال حجبته حضارة القوة والسلطة، والنظرة الخاطئة الى معنى الرجولة الصحيحة، ففقدت البشرية بذلك توازنها وسلامها. ومشروعنا هو ان تعود السلطة الى مستودع الحياة والحب والسلام الذي عالمنا هو اليوم بأمس الحاجة اليه، مع تنامي مشاريع الدول المهددة بالعنف والارهاب وحجب المرأة عن ساحة الحياة، يقيننا في النهاية ان المستقبل للمرأة، ومعها للوادعين ومحبي السلام. لذلك نعلن معكم وبحضوركم وبتشجيعكم بدء اعمال معرض الاعلام المسيحي التاسع 2010”.

ثم تولت بارود التعريف عن عدد من السيدات المسنات المكرمات من قبل القيمين على المعرض، وتم التقاط صورة تذكارية معهن.

بعدها ألقى وزير الاعلام الدكتور طارق متري، كلمة جاء فيها:

“ايها الاصدقاء، يسعدني ان انضم اليكم في افتتاح معرضكم التاسع الذي يشمله صاحب الغبطة والنيافة البطريرك مار نصر الله بطرس صفير ببركته ورعايته.

ومن دواعي سروري ايضا اختياركم “الاعلام والمرأة” موضوعا للاطلاع والتبادل والتفكر، واحسب ان هذا الاختيار يظهر اهتماما مزدوجا، وهو يبدأ من الملاحظة البسيطة ان حضور الاعلاميات في مختلف قطاعات الاعلام واشتراكهن الواسع في اضفاء الحيوية على مهنه المتعددة يستدعيان تأملا في خصوصية مساهمتهن ومعناها.

وهو يحفزنا ايضا الى النظر في المسؤولية المترتبة علينا كلنا، اعلاميات واعلاميين ومهتمين بقضايا الاعلام، في الدعوة قولا وممارسة الى تعامل مع قضايا المرأة يختلف عما يجنح اليه بعض اعلامنا في لبنان.

فالى النزعة الرائجة في الاعلان، المعلن منه والمضمر في الاعلام نفسه، الى تسليع جسد المرأة واختزال مزاياها الانثوية وتجميدها في الصور النمطية، هناك توسل الاثارة والفضائحية والبذاءة في اعلام الترفيه الذي يبتعد بالذوق العام عن القيم الثقافية المشتركة بين اللبنانيين، ويخاطب لون من اعلام الترفيه هذا، وعن قصد او غير قصد، المجال الذكوري بما يؤيد دونية النساء ونوعا من القبول لها بحجة تكامل الادوار بين الرجل والمرأة وعلى اساس الفروقات المزعومة جوهرية لا ثقافية فحسب.

اضاف: “قبل الاعلان واعلام الترفيه وبعده، يستوقفنا ضيق المساحة ومعها المكانة، المعطاة لقضايا المرأة الجدية في ما نقرأ ونسمع ونشاهد عن احوالنا المجتمعية وازماننا، وانه لا يخفى على احد ان تناول مسائل مثل مناهضة التمييز ضد المرأة وحمايتها من العنف، لا سيما الاسري، والدفاع عن حقوقها الانسانية الاساسية، ومنه حقها في منح الجنسية لاولادها، لا تحظى في اعلامنا بما تستحق من العناية بالمقاربة مع مماحكات بعض السياسيين المملة والخطيرة بآن معا، وتماديهم في تحديد الخصومات واعادة اختراعها، واعتمادهم لغة العنف المعنوي والتهديد بالعنف الفعلي، ثم انها هذه القضايا تتحول احيانا على ايدي بعضهم، وبألسنتهم واقلامهم الى ذرائع او توريات لمواقف سياسية او طائفية اخرى، تتغذى من المبالغات والشائعات والاخبار الملفقة”.

وتابع: “ولعل المشكلة، عند بعض السياسيين وبعض الاعلاميين، وفيما يتعدى التوسل والتذرع تكمن في فهم للسياسة نفسها، فنحن امام فهم لا يقيم اعتبارا كافيا للحوار والمناقشة والمحاسبة في شأن السياسات التي تعني خير الناس المشترك، ومنها ما يتعلق بشؤون المرأة ويكاد يختصر السياسة في النزاع على السلطة ونوازع المتخاصمين المتعدد.

بهذا المعنى يؤدي التسييس المفرط لبعض اعلامنا الى اضعاف دوره الاصلي وصدقيته، فهو يسلب الناس من بعض حقهم في المعرفة وفي امتلاك الادوات التي تسمح لهم بتكوين مواقفهم بحرية، بفعل اولوية الرأي على الخبر، والتعليق على التحقيق، والتعبئة على الاقناع والادانة على النقد.

لكننا نعرف ان بعض السياسيين يمعن في استخدام وسائل الاعلام للتهجم على خصومه والتجريح بهم ثم يستهجن فعلها اذا ما تعرضت له او لانصاره، وهناك ايضا من ينسى او يتناسى ان الارتقاء باللغة السياسية في المقام الاول، فأقلاع هذه القوى عن توسل التهديد والتخويف يقلل من انزلاق الاعلام الى التحريض واختلاق الأخبار وصنع الاشاعات وترداد الأقاويل، نيابة عن السياسيين أو أبعد منهم، وفي الحالتين خدمة لهم. لذلك، ليس إلقاء اللوم على وسائل الاعلام ومعه مطالبة الدولة بالتدخل ضدها علاجا مما تشكو منه فئات واسعة من اللبنانيين، وليس مقبولا أن يأتي عن طريق الدعوة الى تقييد الحريات. غير أن تحميل القوى السياسية اللائمة مسؤولية أكيدة في إزالة أسباب الشكوى، لا يعني بالضرورة أن الرد على اللوم الآتي من بعض السياسيين بلوم السياسيين أنفسهم يسوغ تنصل الاعلاميين من التزامهم المهني. لا بد لنا أن نعمل معا من أجل كسر هذه الحلقة. ودعوتي اليكم لا تزعم اجتراح الحلول السريعة، ذلك أنها دعوة للاعلاميين بواسطتكم ومعكم للمبادرة، بروح المسؤولية الوطنية والمدنية الى العمل على تغيير الواقع الحالي من باب التزام الاخلاق المهنية، والاسهام عن هذا الطريق في الارتفاع بالسياسة الى معناها الحقيقي. وهي دعوة أيضا للتشاور والمشاركة في إعداد قانون جديد وشامل وعصري للاعلام، يأخذ بالحسبان التطورات المذهلة في بعض القطاعات الاعلامية، ويملأ الفراغات التشريعية الكثيرة ويضع حدا لبعثرة القوانين وعدم انسجامها وتناقضها. وإني أعلم علم اليقين أن الدعوة هذه تلاقي تجاوبا لدى اتحادكم الذي تشغله منذ زمن غير قصير أخلاق المهنة وقوانينها. تبقى كلمة تهنئة بهذا المعرض ومعها الدعاء لكم بالتوفيق”.

أما كلمة الختام فكانت للمطران بشارة الراعي الذي قال:”شاء الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة-فرع لبنان، أن يخصص معرض الاعلام المسيحي التاسع لهذه السنة لموضوع “وسائل الاعلام والمرأة”. وهي مبادرة مشكورة، نظرا لكرامة المرأة ودورها في العائلة والكنيسة والمجتمع. معروف ان النساء يشكلن نصف العائلة البشرية الضخمة، وتتوزعن بين بنات وزوجات وأمهات وأرامل، وبين عذارى مكرسات ووحيدات. والكنيسة، في نور الانجيل، أعلت شأن المرأة، وعظمت كرامتها، وحررتها، وعززت مساواتها مع الرجل، وأثنت على دورها المتنوع، عبر الأجيال. وتبقى العذراء مريم مرآتها الحقيقية. نحن نأمل أن تعمل وسائل الاعلام المعنية، من حيث دعوتها، بنقل الثقافة التي تبني، على استعمال طاقاتها وتقنياتها، صحافة وإذاعة وتلفزة وفيلما ومسرحا وانترنت، لإبراز قيمة المرأة ودورها، وحماية كرامتها. أليست المرأة ينبوع الحياة وحارستها والساهرة عليها من اللحظة الأولى لتكوينها حتى آخر نسمة من وجودها على وجه الأرض؟ أليست المرأة معلمة الحب بمثلها، والتضحية بتفانيها، والغفران بحنانها؟ للمرأة نقول مع الكنيسة:إسهري على مستقبل الجنس البشري، إمسكي بيد الرجل عندما يحاول، في ساعة جنون، أن يهدم الحضارة الانسانية. فلا يجوز ولا يحق للوسائل الاعلامية أن تتعامل مع المرأة كسلعة للدعاية الرخيصة، وكجسد فقط للاغراء وامتهان للكرامة. في زمن التقدم العلمي والتقهقر الاخلاقي، نتطلع الى المرأة الزوجة والأم المربية للأجيال، والمكرسة للخدمة الاجتماعية والمحبة، لكي يتأمن للمجتمع، في كل زمن، جيل جديد تتواصل معه تقاليد القيم وتراثات الحضارة وضمانات المستقبل. صحيح ان الأم تصنع من خلال أولادها مستقبلا لا تراه”. اضاف ” نحيي كل إمرأة مكرسة في الحياة الرهبانية والعالم، المدعوة لتكون نجمة المحبة المتفانية، المجانية، المضحية، المنفتحة على كل عطاء لأي إنسان، دونما تمييز في اللون والعرق والدين والثقافة. إنها نجمة مشعة في ظلمة الأنانية والاستهلاكية وعبادة الذات حتى الاستبعاد. كما نحيي كل إمرأة تعيش وحيدة، من دون عائلة تستوعب كل مسؤولياتها، العاملة في خدمة العائلة الاجتماعية والكنسية والوطنية. ان من خلال هؤلاء النساء يتم التواصل الانساني. أوليس من واجب وسائل الاتصال الاجتماعي، المعروفة بوسائل الاعلام، إبراز هذه الوجوه وتحقيق التواصل الحقيقي البناء؟ ان الاكتشافات التقنية الاعلامية هي من عطايا الله، وثمرة العقل البشري، وتشارك في أنوار الحكمة الالهية، ينبوع الحقيقة والخير والجمال. ولا يسعنا في معرض هذا الاحتفال من أن نكبر قيمة المرأة المتألمة جسديا ومعنويا وروحيا ونفسانيا. إنها مثل مريم الواقفة تحت الصليب، تتهيأ لآلام المخاض ولأمومة روحية واجتماعية. إنها تعطي الرجال قوة الصمود في المحنة، والاندفاع في البدء من جديد من دون تراجع أو انكسار”. وقال “لو ان كل وسائل الاعلام المتنوعة، وذات القدرة الفائقة على التأثير، أدركت قيمة المرأة وأهمية دورها، لساهمت مساهمة عظيمة في تغيير وجه المجتمع، إنطلاقا من القول المأثور:”وجه أمي أمتي”، ولبثت روحا محييا في عالم يغرق يوما بعد يوم في مستنقع الفساد. لكننا نأمل أيضا أن تصون المرأة نفسها كرامتها، فلا تسخر ذاتها لتكون سلعة إعلامية للانتاج التجاري الرخيص. ولا يغيبن عن ذهنها المبدأ القائل”إذا أردت أن تتبين أخلاق شعب، فانظر الى وجه نسائه”.

وختم “الشكر كل الشكر لحضرة الأب طوني خضرة رئيس الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة-فرع لبنان، ولمعاونيه في هذا الاتحاد وفي تنظيم معرض الاعلام المسيحي التاسع 2010، ولكل المشاركين فيه، على انتقاء موضوع “وسائل الاعلام والمرأة”. إنهم بذلك يكشفون عن ينبوع النهوض الى مجتمع لبناني أفضل. حقق الله الأمنيات”.

وفي الختام تم قص الشريط، وافتتح المعرض الذي يستمر حتى الخامس من كانون الأول المقبل، ويفتح أبوابه أمام الزوار من العاشرة صباحا حتى التاسعة ليلا، ويتضمن ندوات ومحاضر ونشاطات ثقافية متنوعة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى