الأخبار اللبنانية

منسقية الجومة في تيار المستقبل تنظم ندوة سياسية حول الأوضاع الراهنة في لبنان والمنطقة

نظمت منسقية الجومة – الشفت – السهل في تيار المستقبل ندوة سياسية حول الأوضاع الراهنة في لبنان والمنطقة، في قاعة الرئيس الشهيد رفيق الحريري في مجمع عمر بن الخطاب في المدرسة الحميدية الإسلامية – حلبا، حضرها النائب نضال طعمة، رؤساء إتحادات بلديات، رؤساء بلديات ومخاتير وفاعليات ووفود شعبية من كافة مناطق عكار.
وألقى النائب سمير الجسر كلمةً جاء فيها:    

بدايةً لابد من تحية من القلب الى أبناء الشهامة والرجولة الى أبناء عكار.. الى أبناء التضحية والوفاء الذين يعطون بلا حساب.. الذين دفعوا بأبنائهم للذود عن الوطن.. والذين قدموا قوافل الشهداء لحماية البلد من كل معتد.. وما قوافل الشهداء الأخيرة في معارك نهر البارد دفاعاً عن لبنان ، وما مواقف أهالي عكار من مدنيين وسياسيين في مؤازرة الجيش اللبناني والقوى الأمنية سوى تعبير عميق عن مدى الحس الوطني لأهالي هذه المنطقة وايمانهم الواعي بمشروع الدولة.

نعيش منذ اشهر مرحلة جديدة ومفصلية في تاريخ البلد، وهذه المرحلة تزامنت مع الإنقلاب السياسي الذي حصل في الداخل ومع الربيع العربي الذي أخرج المارد من القمقم.. ونسأل الله أن يكون الى الأبد.
أما الإنقلاب الداخلي فحتى نَعِيه تماماً لا بدّ من استعادة المشهد السياسي منذ زمن الإنتخابات النيابية في العام 2009.. تلك الإنتخابات التي انتهت بفوز أكثرية برلمانية و التي  خضنا و إياكم كقوى 14 آذار وكتيار المستقبل مع تحالفات اخرى ببعد سياسي ووطني.
وبالرغم من الجو المحموم الذي رافق الإنتخابات والذي كنا نسمع فيه ممن ظنوا أنهم سيفوزون بأكثرية فيها بأن للفائز ان يحكم استقلالاً.. ومن قمة الفوز قام الشيخ سعد الحريري بإعلانه الشهير الذي جدد فيه سياسة اليد المحدودة و استعداده لتأليف حكومة اتحاد وطني.
ومن دون اطالة فأنتم تعرفون مدى حجم المعاناة الذي رافق تأليف هذه الحكومة… ولصدور بيانها الوزاري.. خمسة أشهر ونيف من المعاناة جرى فيها تأليف الحكومة بثقافة تسوية الدوحة اي ان يجري تأليف حكومة اتحاد وطني من دون أن يكون لممثلي المعارضة فيها العمل على تعطيلها أو اطاحتها بالإستقالة منها..
لكن الذي حصل هو العكس تماماً.. فمنذ الأيام الأولى جرى التعطيل الذي بلغ ذروته في التعدي على صلاحيات رئاسة الحكومة من حيث طلب تحديد موعد الإجتماعات ومضمون جدول الأعمال واولوياته بعد ما أثير حول المحكمة وشهود الزور.
أعطي مثلاً بسيطاً عن التعطيل بالممارسة في الأيام الأولى من عمر الحكومة هوالأمر الذي يتعلق  بوضع موازنة العام 2010،و أنتم تعلمون مدى أهمية الموازنة إذ ان الإنفاق الإستثماري خاصة مرتبط بوجود موازنة، فقد أخذت مناقشة الموازنة داخل المجلس الوزاري رقماً قياسياً جاوز الثلاثة أشهر ونصف لموازنة لم تأتِ بشيء جديد.. وقد ضربت تلك الحكومة كل المعدلات القياسية بعدد الإجتماعات وساعاتها الطويلة، كان معدل الإجتماعات مرتين أو ثلاثة في الأسبوع…  حتى اذا ما انتهوا الى وضع موازنة بالإجماع وارسل مشروع الموازنة الى المجلس النيابي، بدأت معاناة جديدة في لجنة المال حيث قامت الجهات السياسية المشاركة في الحكومة والتي وافقت على الموازنة في مجلس الوزراء لتنقض كل تعهداتها وتحولت الجلسات في معظمها الى خوض في السياسة يتجاوز حدود مناقشة الأرقام.. واني بالمناسبة الفت الإنتباه انه حتى هذه اللحظة ان موازنة العام 2010 لم تقر في مجلس النواب ونحن الأن في أواخر الشهر التاسع من العام 2011 وهكذا.

وبلغت القمة في التصعيد فيما بعد، بإثارة مواضيع المحكمة والتمويل الذي اقرته الحكومة في مشروع الموازنة والذي على اساسه جرى صرف قسم من مستحقات المحكمة الدولية الخاصة بلبنان بموجب مرسوم قضى بصرف السلفة من احتياط الموازنة.. وكان ذروة التصعيد مع اثارة مسألة شهود الزور.. هذه الأحجية التي أثيرت للتشكيك بالمحكمة ولنسف الحكومة تحديداًً.. وهكذا يتبين ان الخطة كانت في الأصل السيطرة على الحكومة او تفشيلها واسقاطها.. وبعد ان يئسوا من امكانية السيطرة عليها عملوا على اسقاطها.. وكانت هناك وسيلة وحيدة لإسقاط الحكومة  التي كانت تتمتع بأكثرية في المجلس النيابي.. الوسيلة كانت عبر استقالة ما يزيد على الثلث وهكذا كان ، استقال الثلث المعلوم مضافاً اليه الوزير الملك كما جري التعبير عنه.
باستقالة الوزراء الأحد عشر سقطت الحكومة حكماً.. ودخل البلد من جديد دوامة التكليف للتأليف..
كان واضحاً خلال الأيام التي تلت ان هناك محاولة لإبعاد الرئيس الحريري عن الحكومة والحؤول دون اعادة تكليفه.. وكان واضحاً بالنسبة الينا ان من عمل على تنفيذ الإنقلاب لم يفعل ذلك من أجل اتاحة الفرصة ثانية للرئيس سعد الحريري بإعادة تأليف الحكومة.. وقد جرى طرح اسم الرئيس كرامي للتأليف لكن حسابات الأصوات لم تكن كافية لإنجاح الإنقلاب …فغيروا طرحهم و رشحوا الرئيس ميقاتي …و انا في رأي لم يكن الامر صدفة و لم يكن الرئيس ميقاتي مرشحاً بديلاً … بل كان هو المرشح الأساسي للإنقلابيين… لأنه من دون الرئيس ميقاتي و الأصوات القليلة التي تؤازره  لم يكن بإمكان الإنقلاب … و ان طرح أسم الرئيس كرامي إنما كان وسيلة لحرف الغضب الناتج عن الإنقلاب و بسببه الى غير المرشح الحقيقي للإنقلابيين …
وإن من شأن القلق الذي إنتاب البعض من التهديدات و دخول البلاد في أزمة سياسية ناتجة عن التكليف أن تمهد الأمر لتمرير المخطط بشكل أسلس .
طبعاً رافقت هذه الفترة تقلبات في المواقف فوليد بك الذي اشار بداية الى ترك الحرية لأعضاء كتلته عاد ليتبنى تكليف د.الرئيس سعد الحرير بإجماع كتلته ليستقر في النهاية على تأييد الرئيس ميقاتي و بإنقسام كتلته…
طبعاً هذا الأمر لم يكن عملاً مزاجياً كما يحلو للبعض أن يصوره … بل كان نتيجة تحركات أشاعت بعضاً من التوتر على محور كيفون-عاليه كما انها تلت، كما هو معلوم، ظاهرة إنتشار القمصان السود في شوارع بيروت في صباح باكر بين الساعة الخامسة و السابعة .
نخلص الى القول :
-إن الإنقلاب لم يات صدفة .
-إن الإنقلاب حُضِّر بأحكام و منذ زمن طويل عن طريق خلق مناخات للإنقلاب و تهيئة الشركاء فيه.
-إن الإنقلاب يهدف لإحكام السيطرة على الحكومة و على البلد بعمل ظاهره ديمقراطي (إنتقال النواب من صف لآخر).
و هكذا إنتهى الإنقلاب الى ما إنتهى عليه…
ومع ذلك و مع علمنا بالنتيجة التي كانت ستؤول إليها الإستشارات الإلزامية.
فرد دولة الرئيس سعد الحريري بإبقاء ترشيحه كان للأسباب التالية:
-لأن الإنكفاء هو إنهزام أمام الإنقلاب.
-لأن الإنكفاء قد يشكل قبولاً ضمنياً بالإنقلاب
و تلت مرحلة التكليف المشاورات لتأليف الحكومة…
طبعاً كانت هناك ضمن قوى 14 آذار و ضمن صفوفنا نحن بالذات إختلاف بالرأي حول أنفعية المشاركة أو المقاطعة … و رجحت في النهاية كفة قرار المقاطعة لأسباب عديدة:
-لأن المشاركة في الحكومة هو تشريع لإنقلاب .
-لأن تجربة الحكومات الإئتلافية هي تجربة سيئة أدت الى شلل البلد و تعطيله.
-لأن العمل بالنظام الديمقراطي البرلماني- نظام أكثرية تحكم و أقلية تعارض-هوالأجدى و الانفع للبلد و الأكثر إحتراماً لإرادة الناخبين.
وبالرغم من إعلان قرار عدم المشاركة ظل التأليف يراوح مكانه والسبب لا يخفى على أحد وهو أن اللاعب الإقليمي الذي كان وراء الإنقلاب لم ير مصلحة في متابعة التأليف بعد بداية الربيع العربي.. وقد رجح عنده لفترة طويلة أفضلية المراوحة على التأليف حتى لا ينعكس التأليف المتوقع بمكوناته على وضع الداخل  الذي طاوله الربيع العربي.
الا أنه مع بدء المواقف المستجدة تجاه الربيع العربي من قبل القوى العظمى فقد عمد اللاعب الإقليمي على استعجال التأليف كإشارة واضحة على عدم اسقاط خيار المواجهة في الداخل او الخارج.
.. هكذا وبفعل فاعل و بغفلة عارمة ولدت حكومة ما سمي بالإنقاذ الوطني.
وهنا وبالمناسبة اريد ان اؤكد على ان تحالف الداخل ، وتحديداً حزب الله ، كان له في رأيي أجاندة مختلفة، وانا اعتقد انه كان يريد الإستعجال .. وهو يريد من خلال حكومة يكون له كلمة الفصل فيها ان يعوض سلفاً ما قد تتركه تحركات الربيع العربي على تحالفاته الإقليمية من تداعيات.
طبعاً منذ ما قبل تأليف الحكومة ومنذ قرار قوى 14 آذار رفض المشاركة فيها ، بدأنا ممارسة المعارضة.. وهذا شيء ليس فيه ما يعيبه على الإطلاق لأن من ميزات النظام الديمقراطي هو أن تعمل المعارضة على كشف عورات الحكم والعمل على اسقاطه.
فكيف اذا كان هذا الحكم هو وليد انقلاب سياسي.. من هنا أصل الى ما قيل بأن المعارضة لم تعط الحكومة فترة سماح فترة المائة يوم التقليدية لتبدأ ممارستها الديمقراطية في المعارضة… لأقول نعم ما من شيء يلزم الإنتظار مائة يوم لنمارس العمل الديمقراطي بالتصدي للغلط ومواجهته..
فنحن بداية لا نستطيع ان نسير بفترة السماح لأننا بذلك نكون قد شرعنا الإنقلاب.. والقرار ان لا نتهاون مع الإنقلاب.. وتصوروا لو اننا التزمنا بفترة السماح والإنتظار فكيف كنا سنواجه اقتراح القانون المقدم من الجنرال عون بالترخيص لوزير الطاقة بتأمين مبلغ 1200 مليون دولار في سنة واحدة واطلاق يده في الإنفاق…
لا! مقولة السماح فليسمحوا بها!!.

في كل الأحوال، لقد أخذنا على عاتقنا أن نمارس معارضة بناءة من أجل الوطن …معارضة غير معهودة في سابق الحياة السياسية اللبنانية . بدأناها بتحرك منسق بين كافة مكونات قوى 14 آذار من خلال مشروع حكومة ظِلّ جرى التفاهم عليها و إن لم تبدأ إنطلاقتها الكاملة بعد.
وهنا أريد أن أقول لأولائك الذين يقولون لماذا تجَهدَوا لتصويب مسار الحكومة ، دعوها تغرق في وحول أغلاطها و شبق السلطة و التسلط لدى بعض أفرادها ….
نقول لهؤلاء أن غرق الحكومة لن يقف عندها أو عند بعض المتسلطين فيها بل هو غرق للبنان و لشعبه و لن نسمح بذلك…
والذي يدفع الثمنَ في النهاية هو الوطنُ و شعبهُ و مشروعُ الدولة الذي نناضل من أجله.

أن هذا الواقع السياسي المستجد، بدأ على ليالي إنطلاقة الربيع العربي الذي كان السببَ في تأخير تأليف حكومة اللون الواحد كما أسلفنا…و اني إعتقد جازماً بأنه لو تاخر الإنقلاب بضعة أيام لما قام الإنقلاب أصلاً… لكن ماحصل قد حصل … و لا يخفاكم أننا في لبنان و من خلال هشاشة الوضع السياسي المتولد عن الحرب الأهلية …و مع كل التقدم الذي حصل في الحياة السياسية بدءاً من الخروج من الإصطفاف الطائفي الذي شكل طابع الحرب الأهلية …فإننا لم نتوصل بعد في لبنان الى تعميق روح المواطنة التي تقدم مصالح الوطن و أولوياته على إهتمامات المحاور الإقليمية . من هنا فإن ما يحدث في المنطقة يؤثر الى حد كبير سلباً إيجاباً في حياتنا السياسية بكل ماتترك هذه الأحداث من آثار على الوضع الأمني في البلد و تداعياته الإقتصادية و الإجتماعية .
وطبعاً فإن الربيع العربي ستكون له تداعياته على الساحة اللبنانية… ستكون له تداعياته أثناء حدوثه سلباً أو إيجاباً كما ستكون له تداعياته إيجاباً بعد إنجازه…و كما سأبين ذلك فيما بعد.

أيها الأخوة أريد بداية أن أقول أن ربيع بيروت عام 2005 هو ملهم الربيع العربي في كل مكان. وإن ماحدث في ثورة الأرز السلمية الجماهرية قَلَبَ معادلات السياسة التي كانت راسخة، حتى تلك اللحظة، في أذهان أهل المنطقة… وتبين أن الشعوب هي وحدها التي تصنع التغيير … وأن إرادة الشعوب أقوى من أي سلاح … وأن الحركات السلمية الشعبية أقوى من أي لجوء الى السلاح في وجه الطغاة والغلط …وإن هذه التحركات السلمية هي أحفظ للبلاد ، و أقدر عل إستقطاب الناس حولها ، و الأقوى على تعاطف المحيط معها … فمن كان يحلم ليلة 14 شباط أو ليلة 14 آذارأن النظام الأمني ممكن أن يسقط ؟ لقد أسقطت ثورة الأرز كل حواجز الخوف و أسقطت إرادة الجماهير وتلاحمها، من كل المناطق من كل الطوائف ، من كل المذاهب ، من كل الأعمار ، النظام الأمني، و تبين أن إرهاب السلطة و الأنظمة الأمنية هو نمر  كرتوني لا يقوى على الصمود أمام إرادة الناس.

كان إذاً ربيع بيروت و ربيع لبنان ملهماً للربيع العربي في كل مكان … و الذي يدقق فيما جرى يعلم بأن كل الإنتفاضات إنما قامت لسببين هما :القهر و الفقر . لقد أفقرت هذه الأنظمة  شعوبها نتيجة سرقات المال العام و إستغلال السلطة و الفساد … و ظنت بأنها بالقهر و بكل أشكال الظلم تستطيع  أن تضمن إستمرار سرقاتها و فسادها…و بمنتهى الصراحة أقول بأن هذا لم يكن ليحصل لو لم تكن أنظمةً ديكتاتوريةً إستبدادية … و حتى تضمن هذه الأنظمة لنفسها البقاء تخلت عن القضايا الأساسية و بالذات قضية فلسطين… ففقدت قضياها و فقدت أدوارها…

لقد تم ذلك كله بإسم القضية و بإسم التحرير و بإسم الممانعة… تم ذلك كله تحت شعار “أن لا صوت يعلو فوق صوت المعركة” … بإسم هذا الشعاركمت الأفواه و صفدت الايادي و دوست الكرامات.

و ماذا كانت النتيجة ؟

تخلّى البعض عن دوره ، فمصر التي كانت تقود حركات التغييرفي العام العربي و أفريقيا و دول العالم الثالث و تعمل من أجل القضية أصبحت تخشى على منابع نيلها.

والدول التي أوهمت الناس بأنها ممانعة باتت تهدد إسرائل بأن تغيير الأنظمة فيها سينعكس على أمن إسرائيل ؟و أن بديل هذه الأنظمة هو الأصولية أو القاعدة ؟ أوالحروب الأهلية؟ فتصوروا أيّ دول ممانعة هي ؟

إن الربيع العربي قد طاول معظم دول الإستبداد التي أغرقت شعوبها في الفقر و الذل … و إن هذا الربيع مستمر لا محالة .
وإن الأنظمة الإستبدادية قد أوجدت معادلات للحكم تختلف من دولة الى أخرى لكنها لا تخرج عن إحدى المعادلات التالية أو عن كلها معاً.
فالناس في دول الإستبداد مخيرة بين:
-اما النظام أو الفراغ والفوضى.
-اما النظام أو التطرف.
-اما النظام او المنظمات الإرهابية

وحتى يستطيعوا تأمين المعادلة، الغوا الحياة السياسية في هذه البلاد وأفرغوها من كل القيادات.. وارتكبوا الموبقات يخوفون بها الأقليات الدينية او الإثنية ليوهمونها  بأن لا ستقرار ولا أمان لها او لغيرها الا في ظل هذه الأنظمة الإستبدادية ، وذهبوا الى اتهام هذه الحركات بأنها مؤمرات خارجية..

أيها الأخوة ما يؤكد بأن تحركات الربيع العربي هي تحركات اصيلة ووطنية هي أن هذه التحركات لم يعرف لها قيادات بارزة جامعة حتى الآن ولم تطرح رؤى سياسية متكاملة.. صحيح ان هذا الأمر هو بعض مكامن ضعفها ولكنه في نفس الوقت هو مصدر طهرها ونقاوتها، وهو وليد الغاء الحياة السياسية في البلاد.

والى الذين يسألون ما الذي يحصل في العالم العربي نقول عليكم اعادة صوغ سؤالكم على الشكل التالي: لماذا تأخر ما يحصل في العالم العربي أربعون عاماً؟

ان هذه الحركات تنشد اقامة أنظمة ديمقراطية. والأنظمة الديمقراطية هي الوعاء الأصح لترسيخ مناخ الحرية والعدالة والمساواة.
وان ضمانات كل الناس في أي مكان أقليون كانوا أم أكثريون هي الديمقراطية التي تحفظ لهم جميعاً مناخ الحرية الذي من خلاله يكون لهم حق التعبير والعمل السياسي والمحاسبة كما تضمن لهم العدالة التي تحول دون استباحة حقوقهم وحرياتهم ورزقهم وتؤمن لهم المساواة التي تقضي على اي شعور بالدونية في التعامل.
ان هذا الربيع العربي اذا ما قدر له النجاح، وهو سينجح بإذن الله لأن عجلة التاريخ لا ترجع الى الوراء.. فإنه بما سينشىء من أنظمة ديمقراطية مبنية على الحريات العامة والعدالة والمساواة ستنتج انظمة أقدر على تفهمنا والتعاطي معنا لأننا سنصبح عندها جميعاً، وبذلك ، ننهل من ثقافة مشتركة تنتج سلوكاً متشابهاً.
أيها السادة ان هذا الأمر يقودنا الى ما نقلته وسائل الإعلام عن المخاوف التي أبداها سيادة البطريرك الراعي في معرض كلامه عن مشاكل المنطقة، وهي مخاوف ان كنا نتفهمها، الا اننا لا نشارك بعض الإستنتاجات التي نقلها الإعلام، والتي بددتها توضيحات سيادته، كما بددها الموقف الذي نقله البيان المشترك، لكل من سيادة البطريرك هزيم والبطريرك الراعي، والذي يعكس عن حق مواقف الشركاء المسيحيين في لبنان والعالم العربي ودورهم التاريخي في عصر النهضة وفي الحركات القومية وحركات التحرر فضلاً عن دورهم في المنابر الدولية دفاعاً عن الأوطان وعن قضايا العرب والأمة..
أضف ان عشق شركائنا المسيحيين للحرية، كما هو حال المؤمنين جميعاً، يتنافى مع طبائع الإستبداد التي تستغل التناقضات الإثنية والعرقية والطائفية والسياسية لتمكين نفسها.. حتى اذا ما تمكنت لا توفر أحداً من شرور أعمالها.

علينا جميعاً في لبنان، ومن دون استثناء، ان نتجاوز الشعور الأقلوي وما يتولد عنه من سلوكيات. فنحن جميعاً او متفرقين أكثرية في المواطنة، وان الضمانة الوحيدة للجميع، مجتمعين أو أفراد، ليس الإمتيازات الطوائفية او المذهبية وانما الديمقراطية الحقة بما تشيع من عدالة ومساواة في مناخ حرّ.

وتبقى قضية فلسطين التي هي أمّ القضايا كلها ومصدر كل الإضطرابات التي عرفتها المنطقة.. ليس بسبب الفلسطينيين وانما بسبب الإنقسامات حول طريقة التعاطي مع هذه القضية. ان الظلم الواقع في فلسطين، على مرأى منا، وعلى انحياز من القوى العالمية مع المعتدي والمغتصب، هو المصدر الحقيقي لكل تيارات التطرف التي تعتقد من خلال يأسها أن التطرف هو الحلّ.
وبمنتهى الصراحة فإن العالم والمنطقة لن يعرفا الراحة ما لم يجدا حلاً عادلاً لهذه القضية وللشعب الفلسطيني. ونحن في لبنان سنكون أكثر المستفيدين من هذا الحل لأن اي انقسام في العالم أو المنطقة يجد في لبنان، وبسبب هشاشة الوضع السياسي فيه، حديقة خلفية تُمارَسُ فيها لوي الأذرع المتخالفة بدلاً عن الصدام المباشر.. وان اي حل لهذه القضية سيكمل وبشكل أسرع مشروع الدولة ويبلور مفهوم المواطنة في غياب التجاذبات الإقليمية والدولية التي تستعمل الساحة اللبنانية.

يبقى علينا كلبنانيين أن نظل متمسكين بمشروع الدولة الذي لا بديل عنه سوى الميليشيات.. والميليشيات تعني بالحتمية مشاريع تقاتل مهما طالت ستعيد الجميع الى التفاهم من خلال مشروع الدولة.
فلنكن عقلانيين ولنتمسك بمشروع الدولة ولنعمل على استعادته.
ان الحالة الإنقلابية هي حالة شاذة لا يمكن ان لها ان تستمر..
ان احترام ارادة الناس وخياراتها هو الأجدى وهو وحده القابل للحياة.
وعلينا كقوى حية ان نستعيد من خلال النضال السياسي أكثريتنا التي صنعتموها بنضالكم وبتضحياتكم وبإيمانكم العميق بمشروع الدولة.

وأتوجه الى قيادات التيار والى الأخوة أعضاء التيار والى الأخوة في 14 آذار.. ان عملنا شاق وطويل.. ولكننا أصحاب قضية واصحاب مشروع سيادي.. إنّ عملنا يجب ان يكون بقدر ايماننا بهذا المشروع.. وان التواصل مع جماهيرنا، والتفاعل مع قضاياها وحاجاتها وما أكثرها، هو مقدمة اساسية لاستنهاض هذه الجماهير والإبقاء على جذوة النضال مشتعلة في قلوبها.. واني اعترف بأن الجماهير سواء كان في 14 شباط او 14 آذار او في كل محطة من محطات النضال سبقت القيادات والكوادر جميعاً.
وعلينا جميعاً ان نكون على مستوى هذه الجماهير الشريفة والنقية وان نفخر بأننا نخدم قضاياها ومصالحها.
وهنا في عكار التي لها دين على الوطن ودين أخص علينا كقوى 14 آذار أو كتيار مستقبل تحديداً، علينا جميعاً ان نسعى في خدمة الناس ومتابعة طلباتهم وحاجاتهم ومشاريعهم.. ولن نعدم وسيلة على الإطلاق لتحقيق ذلك، و لن يمنعنا الخروج من السلطة من ذلك ولا أدل على ذلك مما حققناه في البرلمان من تصويب لمشروع قانون الكهرباء.
وبالمناسبة فإني اريد باسمكم جميعاً ان احيي نواب منطقة عكار على جرأتهم ونضالهم ومواقفهم الوطنية وسعيهم الدؤوب في خدمة الناس والمنطقة.. وليس المطلوب المعجزات ولكن المطلوب الإستمرار بالنضال والمتابعة الذي يحقق حتماً المعجزات.

علينا جميعاً كلبنانيين وكعرب ان نتعظ مما يحصل في محيطنا من خلال مسيرة الربيع العربي.. فما كان يعتبر مستحيلاً اصبح واقعاً.. لقد تخطت الناس جميعاً حواجز الخوف واستطاعت بالأجساد العارية ان تلوي اذرع المستبدين وتُسقطهم.. والمسيرة متواصلة.. لم ينفع المستبدين التضليلُ بالقضية وبالممانعة… ولم يُسعفهم اشاعةُ الخوف في الإبقاء على استشراء الفساد.. ولم تحمهم تلفيقات الأجهزة الأمنية وممارساتها في أقبية التعذيب ، من بلانكو ودواليب وكهرباء وانتهاكات الأعراض… من آثار ظلمهم.

فعلى الجميع أن يتعظ وخاصة في لبنان من سياسيين واحزاب ومنظمات أمنية وأمن.. بأن المارد قد استيقظ في قلب كل انسان عربي وهذا المارد لن يعود الى القمقم… وان عجلة التاريخ لا تعود الى الوراء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى