الأخبار العربية والدولية

الانتحار … على الطريقة الإسلامية بقلم/ منال محمد الكندي

أعلم جيدا علامة الاستغراب والدهشة التي ستظهر على قارئ المقال، وسيظن البعض بأن العنوان هو فتوى تم إصدارها من ضمن الفتاوى التي تظهر لنا كل يوم وليس لها أي جدوى، كفتوى إرضاع الكبير، وأنواع الزواج التي قائمتها لم تنتهي بعد وأسبابها ومشاكلها تزيد من إبداع فتاوى جديدة لحل ما نتج من مشاكل الفتوى الأصلية.
ولكن العنوان هو حوار دار بيني وبين شاب، شباب المستقبل الذي ننتظر منه الخير ونعول عليه قيادة العالم، والذي هو نفسه أشعل الثورات في كل مكان بحثا عن الحرية، والديمقراطية والرفاهية وتحقيق الذات وتحقيق الأحلام التي ليست لها أي نهاية.
الشاب يعمل ولديه راتب، ولكن يرى بأنه ليس مرتاح بحياته ويبحث عن الراحة، يبحث عن النقود بكل أشكالها، قلت له أعمل وكافح وابحث عن بدائل وفرص، وحاول تحقيق أحلامك بالقدر الذي تستطيعه، وليس كل الأحلام بالطبع ستتحقق، قال يريد أن يرتاح، سألته وما هي الراحة بالنسبة لك.
أجاب لا يدري ما هي الراحة، وما هي السعادة التي يبحث عنها، قلت له ألا تعلم بأن الراحة ليست في دار البقاء، بل في  الآخرة، فصرخ بعلو صوته، لا لا لا… أريد أن أرتاح بالدنيا وأملك كل شي( على علمي بأنه قال لا يعرف معنى الراحة التي يبحث عنها)….
و أكمل كلامه، لماذا نعيش طالما الراحة ليست في الدنيا، وهي في الآخرة، فالأفضل أن نموت، قلت له الموت بأجل ومكتوب، قال إذن انتحر وعلى الطريقة الإسلامية….!!!!
ربما تماما كما فعل بطل ثوره الياسمين بحرق نفسه وانتحاره، وعلى انتحاره قامت ثورة وتم الإفتاء بأنه شهيد الثورة وبطل، وبعده تعرت نساء من أجل الثورة، ولم نسمع أي إفتاء في جعلهن بطلات الثورة لتعريهن.!!!
الشباب لا يعرف معنى الراحة التي يبحث عنها، وبالتأكيد لا يعرف معنى أو أبجديات الديمقراطية التي خرج ينادي بها، ولا يعرف غير أن مناهج المدارس المفصلة له بأمر اليونسكو الممولة أمريكيا، والجامعات والمعاهد المتأمركه، سوى سكب معلومات في الدماغ وشعارات لا يفقه عنها شيئا، ويحتاج قواميس لمعرفة معانيها وتحليلها. تماما كما يفعل النخبة المثقفة التي تذهب للغرب والمنظمات الدولية الأمريكية لتعقد مؤتمرات معهم وتوقع على وثائق لا تفقه ما فيها، ولكن تعود لتطبق ما تم التوقيع عليه دون وعي وبشعارات فضفاضة تريد تطبيق ما جاء في العقود والوثائق الدولية، دون معرفتهم بأنهم باعوا بتلك الوثائق والعقود بلادهم وثرواتهم ، وشعوبهم، ودينهم وأخلاقهم ومبادئهم، إلا من تحول لعميل بامتياز فهذا سوى فهم أم لم يفهم لا يهمه سوى الأوراق الخضراء التي ستوضع في حسابه بالبنوك.
الشاب يريد أن ينتحر ولكن يبحث عن الطريقة الإسلامية، أو فتوى إسلامية تبيح له الانتحار، بوعزيزي الذي أحرق نفسه، أو من يليه يحاول أن يحرق نفسه انتحارا ليرفع بانتحاره شعار أنا مظلوم ظلمتني الدنيا والعباد ولم أجد حقي في الحياة، فقررت أن أحرق نفسي حتى ينتبه الجميع لقضيتي وقضية الآخرين مثلي من يعانون الظلم والقهر، ويبحثون عن الراحة والسعادة وامتلاك كل شي بالحياة، هذه  حقي وحقهم في الدنيا وليس الآخرة. ( على أساس أن الآخرة لها وضع أخر بالنسبة لهم والراحة فيها مضاعفة بعد أن أخذوا راحتهم في الدنيا)…
بالطبع واضح عدم وعي الإنسان المنتحر أو من أتخذ الانتحار حل لحياته، بأنه لا يفقه سبب وجوده بالدنيا قال الله تعالى﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ (سورة الذاريات الآية:56)
ولا يعلم بأن الإنسان خلق في كبد قال تعالى ( لقد خلقنا الإنسان في كبد) ( سورة البلد آية 4)، أي يكابد مصائب الدنيا وشدائد الآخرة. ( السؤال للشباب ومن لم يعي، لا تريد أن تكابد مصائب الدنيا وتبحث عن الراحة، فكيف بشدائد الآخرة أين ستهرب منها؟؟؟؟!!!!
ولا يعلم بأنه في لحظة انتحاره أو حرق نفسه أو لحظة تلتقط يده السلاح لتقتلع المشكلة من جذورها.. وتقتلع معها الإحساس المرير ذلك الذي يطمس العين التي تبصر، وقطع اللسان الذي يذوق ويحطم الدماغ الذي يفكر. في تلك اللحظة ينفرد المنتحر برأيه والحل الذي توصل له، ومصادرة كل جميع الآراء الأخرى. ولم يعي بأن هذه اللحظة قد تتضمن بالضرورة الكفر بالله وإنكاره وإنكار فضله، واليأس من رحمته واتهامه في صنعته وفي عدله ورفض أحكامه ورفض تدخله.
المفتيين الجهابذة كل يوم يجتهدون ويفتون ومنهم من يفصل الفتوى حسب الرغبات الأمريكية التي لا تنتهي قائمتها، فهل سيتم تفصيل  للشباب فتوى بالانتحار على الطريقة الإسلامية،  كما هي تلك الفتاوى في تمثيل الصحابة، وفتوى من يقاتل إسرائيل فهو إرهابي، ومن يزور القدس في ظل الاحتلال هو محاور حضاري يشجع حوار الحضارات وغيرها من الفتاوى. الأمر متروك لهم، وللشباب الذي خرج للميدان ليقول كلمة لا يعي معناها، وخرج لينفذ مخطط تم حسابه
وتخطيطه لتقسيم العالم العربي والإسلامي، وتكوين أمبرطورية إسرائيل من النيل للفرات ووصولا ليثرب. فهل يعي هذا الشباب وقادر أن يواجه كل ذلك بعيدا عن النخبة المثقفة، والأحزاب الكرتونية، والجيوش العربية التي تغيرت عقيدتها بسبب التدريب والتمويل الأجنبي، والمنظمات المدنية الممولة أجنبيا وملزمه بتنفيذ أجندة، أم سيظل في الميادين يرفع شعارات ويصرخ ويحرق نفسه وتتعرى نساءه من أجل البحث عن الراحة والسعادة امتلاك الدنيا،
أم أن ينتحر ولكنه يبحث عن فتوى شرعية؟؟!!!!!!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى