الأخبار اللبنانية

معاً في خدمة المصالحة المستدامة لمؤسسة أديان في مركز الصفدي الثقافي

“معاً في خدمة المصالحة المستدامة” لمؤسسة “أديان” في “مركز الصفدي الثقافي”:
المحطة الأولى لبرنامج إطلاق فيلم “الإمام والقس” في لبنان والعالم العربي

بالتعاون مع “مؤسسة الصفدي” وبالتنسيق مع بلدية طرابلس
لقاء حول “المجتمع المدني والسلم الأهلي” يتخلله شهادة حياة للإمام والقس من نيجيريا
نظمت مؤسسة “أديان” بالتعاون مع “مؤسسة الصفدي” وبالتنسيق مع بلدية طرابلس، لقاء طرابلس الثقافي حول “المجتمع المدني والسلم الأهلي”، والذي تضمن شهادة حية من نيجيريا، حيث أُطلق فيلم “الإمام والقس” للمرة الأولى في “مركز الصفدي الثقافي” وباللغة العربية، وذلك بمشاركة بطلي الفيلم النيجيريان الإمام محمد أشافة والقَس جايمس ويي. وحضر اللقاء دولة الرئيس نجيب ميقاتي ممثلاً بالدكتور عبد الإله ميقاتي، ممثل دولة الرئيس ميشال عون الأستاذ طوني ماروني، مفتي طرابلس والشمال الشيخ الدكتور مالك الشعار ممثلاً بالشيخ الدكتور ماجد درويش، راعي أبرشية طرابلس المارونية سيادة المطران جورج أبو جودة، متروبوليت طرابلس والكورة وتوابعهما للروم الأرثوذكس المطران الياس قربان ممثلاً بالأب ابراهيم سرّوج، رئيس بلدية طرابلس المهندس رشيد الجمالي ممثلاً بعضو المجلس البلدي السيدة ليلى تيشوري، نقيب أطباء لبنان الشمالي الدكتور نسيم خرياطي، رئيس مؤسسة “أديان” الأب فادي ضو، منسقة قطاع التنمية الاجتماعية في “مؤسسة الصفدي” السيدة سميرة بغدادي، رجال دين وحشد من المهتمين من مختلف المناطق الشمالية.
أدار الجلسة طوني صوما عن مؤسسة “أديان”، وشارك فيها المخرج عماد كرم من قبل “شركة أفلام من أجل الغد-لندن” إنتاجاً وإخراجاً. هذا النشاط ضمن برنامج مؤسّسة أديان “معاً في خدمة المصالحة المستدامة”، الهادف إلى تعزيز مسار المصالحة والتقارب في لبنان على مختلف المستويات، وإشراك قطاعات المجتمع كافة في هذا التوجّه. كما أنّه يشكّل المحطة الأولى من سلسلة لقاءات سوف تعقد بحضور الإمام أشافة والقَس ويوي خلال هذا الأسبوع، وهو يُعبّر عن قناعة مؤسستيّ “أديان” و”الصفدي” عن أهمية الإلتزام بهذا المسار وموقع مدينة طرابلس الريادي في المحافظة على العيش المشترك والسلم الأهلي وتحقيق مصالحة مستدامة بين جميع أبناء الوطن.

 

عرض فيلم “الإمام والقس”
استهل اللقاء بالعرض الأول للفيلم باللغة العربية، والذي سبقت ترجمته إلى اللغتين الفرنسية والألمانية، وعُرض في المركز الرئيسي للامم المتحدة في نيويورك في العام 2006، وحاز على جوائز عالمية. عكس الفيلم تجربة الإمام أشافة والقس ويي في الحرب والسلم وروى خبرتهما في الانتقال من الحرب ومفاعيلها إلى مسيرة المصالحة التي أصبحا اليوم رسلها في كافة أنحاء العالم.
المداخلات
بعد العرض، رحّبت ممثلة “أديان” سماح حلواني بالحضور، واعتبرت أن هذا اللقاء “يشكل باكورة نشاطات سوف يقوم بها الإمام أشافة والقس ويي، يتشاركان من خلالها مع مختلف قطاعات المجتمع اللبناني في خبرتهم الخاصة، آملين أن يكون ذلك حافزاً لنا جميعاً للالتزام بمسيرة المصالحة والسلام في لبنان في مختلف أبعادها ومقتضياتها”. وقالت: “اخترنا الافتتاحية من طرابلس لما تمثل هذه المدينة من عمق تاريخي وحضاري وتراث حي من العيش المشترك”. وختمت: “لولا الشراكة والتعاون المثمر الذي تلقيناه من “مؤسسة الصفدي” الداعمة لهذا النشاط في مختلف محطاته اللبنانية، لما كان اجتماعنا ممكناً”.
“مؤسسة الصفدي”
ثم كانت مداخلة لمؤسسة الصفدي ألقتها السيدة سميرة بغدادي، استهلتها بتوجيه الشكر إلى مؤسسة “اديان” لاختيارها “مؤسسة الصفدي” شريكاً لها في هذا المشروع، “ولا عجب في ذلك خاصةً أننا نتلاقى في المبادىء والأهداف، في الإيمان المشترك بأن كل إنسان قيمة بحّد ذاته… كوننا نؤمن بأن الأديان السماوية أنزلت من أجل خير البشرية جمعاء. يجمعنا الإيمان بأن الحفاظ على نعمة الحياة حق وواجب ديني وإنساني… نجتمع سوياً في السعي لتحقيق العدالة الاجتماعية والسلام ونشر قيم الإحترام والمودة بين الجميع ورفض لغة التطرف… وذلك تحت عنوانين أساسيين: التنمية البشرية المستدامة، الثقافة والحوار”. أضافت: “إن المصالحة تتطلب منهجية علمية ومهنيون محايدون من المجتمع المدني والبلديات… ولان المصالحة الفعلية تفترض الاستدامة، يجب اختيار الوقت المناسب لإطلاقها، ولأنها تشترط حالة من النضوج لدى الفرقاء ويؤمنون بأن الحوار والعفو شرطان أساسيان لحل نزاعاتهم”. وقالت بغدادي: “ونحن في “مؤسسة الصفدي” نعتمد الحوار نهجاً في برامجنا ومشاريعنا الاجتماعية والتربوية والثقافية سواء في مراكزنا الاجتماعية التي تطال فئات النساء والشباب والاطفال، أو في قطاعاتنا المختلفة، كما نرى إلى المصالحة باباً لإرساء العيش المشترك القائم على العدالة الاجتماعية وتقبل الآخر المختلف عقائدياً وسياسياً وفكرياً واجتماعياً وعلى كافة المستويات، فعملنا مع جمعية “نهار الشباب” وضمن مشروع “صحافيون ناشطون للحوار بين الأديان” أو من خلال التعاون مع المراكز الثقافية الأجنبية، على نشر مفهوم الحوار الثقافي القائم على التقريب بين المجتمعات والفئات سواء ضمن الوطن الواحد أو خارجه”. وسألت: “هل بالإمكان جميعاً نحن أبناء طرابلس أن نحضر لميثاق اجتماعي من أجل السلام يعبّر عن فعل إرادة حقيقية ونتخطى رهاناتنا الضيقة ونتشارك جميعاً بكافة طوائفنا وانتماءاتنا العقائدية والسياسية لنعمل وبكل صدق لنجعل منها المدينة الآمنة قولاً وفعلاً وأبداً ولنقول للجميع أدخلوها بسلام آمنين”.
مؤسسة “أديان”
ثم ألقى الأب فادي ضو كلمة “أديان”، فقال عن الفيلم: “يضعنا أمام حالة مشابهة، مليئة بالعبر وحتى التحدّي الذي يمكن أن يوقظنا من بعض سُبات قد نقع فيه أو استسلام للأمر الواقع. فشهادة هذين الرجلين، الذَين لنا شرف إستضافتهما في لبنان وافتتاح الأسبوع المخصّص لإطلاق فيلمهما في العالم العربي من هذه المدينة الكريمة والمميّزة بخبرتها العريقة في العيش المشترك، وبالتعاون مع مؤسّسة الصفدي، (شهادتهما) تضعنا أمام مفارقة غريبة وأليمة في آن”. “… ولكن المشهد، مع كبره، فيه شيء من الألم. فبينما كانت مؤسّسة أديان مجتهدة في التحضير إلى هذا الحدث الكبير منذ بضعة أشهر، كانت في الوقت عينه تندلع شرارة التقاتل من جديد في منطقة جوس النيجيريّة، ويتمّ التعرّض للمساجد والكنائس، والتقاتل والتعدّي على الناس، ويُستعمل الدين غطاءً أو ذريعة لكلّ هذا. فمؤلم أن نرى خبرة الإمام والقَس، التي عمّت شهرتها بقاع العالم، … قاصرةٌ على أن تردع العنف في بلدهما وتوقظ ضمائر مواطنيهم وإيمان إخوتهم في الدين”.  وسأل: “ألم نختبر في لبنان مثل هذا الشعور طوال سنين الحرب؟ ألا زلنا نتألّم من ذلك كلّما عادت شرارة الشرّ تندلع هنا وهناك؟ وفي وطننا كثير من أبناء الخير والنوايا السليمة ومن المؤمنين الصالحين الذي يرون في الآخر أخاً في الإنسانيّة وفي العائلة السماويّة. هل نستسلم؟ لا بل قد نقول هل استسلمنا؟”. وختم الأب ضو: “فمع تواضع الإمكانات أمام العنف وإمكانيّة تجدّده، هناك هذه القدرة العظيمة على الإستمرار بالشهادة للمصالحة والوحدة رغم كلّ شيء”. إنّ حضور الإمام اشافة والقسّ وييي بيننا يُشجّعنا على عدم التواني بتحمّل مسؤوليّتنا، أمانة لضميرنا ولإيماننا. فليكن فيما بيننا أكثر من إمام وقَسّ يجهدون للمصالحة والسلام، ولتعلو أصواتهم وتظهر شهادتهم للجميع، في الدين والسياسة وفي كل قطاعات المجتمع، وليخرجوا من الصف، لا لتلتقطهم عدسات الإعلام، بل ليعيدوا الصف إلى استقامته. وفي كل ذلك امتحان لمصداقيّتنا”. 
الحوار مع الإمام والقس
ثم انطلق حوار جاد وعميق بين الحضور والإمام أشافة والقس ويي بمشاركة مخرج الفيلم الدكتور عماد كرم، وجاءت إجابة الإمام أشافة عن الأسئلة التي طرحها الحضور عن المعنى الحقيقي للمصالحة: المصالحة هي عملية اكتشاف للذات وعملية المصالحة مع الذات. فمن هنا نتعرّف على هويتنا وخصائصها وعلى ما آلت إليه حالياً. وهذه العملية تبدأ بالنظر والوعي بما يحيطنا، من الأهل والعائلة والمجتمع والدين وبالبحث عن الروابط والعلاقات التي تجمعنا بهم وبإدراك تعلقنا على المحافظة على هذه الروابط وهذه العلاقات. فلذا المصالحة هي البحث عن الذات بدءاً من المنزل، البلد، وإنسانية الإنسان.
وبعد عملية البحث تبدأ عملية التسامح لأن التسامح هو مفتاح إعادة التواصل مع هذه الروابط على أسس متينة. إذا الإنسان لم يسامح نفسه يخسر جوهر ذاته ومعنى وجوده. لأنه عندما لا نسامح مثلاً العائلة نخسر الصلة بشجرة العائلة. وعندما نفشل بتسامح الآخرين في الوطن نخسر علاقتنا به ومن ثم نخسر هذا الوطن. وشبّه عدم التسامح كالسم الذي يرتشفه الفرد متوقعاً الموت لعدوه.
وأجاب القس جايمس عن القوة الخفية التي تحرّك الحروب، قائلاً : أجد بأن مسؤولية المصالحة والسلام تقع بالدرجة الأولى على رجال الدين قبل السياسيين. لأن الناس تتوجه كل جمعة وأحد لسماع الخطبة أو العظة بتوق، فإذا جاءت الكلمات مسمّة فإنها تسمم الجموع وإذا أتت حاملة لطروحات مفيدة فإنها على التوالي تعكس إيجابيا على الجموع.  ورجال السياسة هم أيضاً جزء من هذه الجموع، فهم يتوجهون إلى مراكز العبادة. فإن خطبة الجمعة وعظة الأحد يجب أن تأتي كلماتها متطابقة للدين لأن الإسلام هو دين السلام والمسيح هو رسول السلام. لذا وفي لبنان على الأخص يمكننا الإحتفاء بسلام مضاعف. وفي الختام أرجو من الجميع الكف عن نقل المعاناة المتوارثة من الأهل والمليئة بالآلام والحروب والبدء بالتطلع إلى مستقبل واعد. لذا يجب الكف عن التقاتل للنضال لمسيرة تسامح.

الجدير بالذكر، أنه بعد عرضه في “مركز الصفدي الثقافي”، سيعقد لقاء مع طلاب الجامعة اليسوعية – كلية الهندسة، في الحادية عشرة من قبل ظهر اليوم (الأربعاء)، لبحث دور الالتزام الديني والخلقي في بناء السلام، يعقبه لقاء مع طلاب عدد من المدارس الثانوية، في الحادية عشرة من صباح غد الخميس، في مدرسة سيدة الناصرة في الاشرفية، ليختتم البرنامج بحفل اطلاق النسخة العربية من فيلم “القس والامام”، بحضور ممثل رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان ووزير الاعلام طارق متري، في السابعة مساء الجمعة المقبل، في جامعة القديس يوسف – حرم العلوم الانسانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى