الأخبار اللبنانية

النهار” تنقل وقائع من مناقشات صريحة في معراب ليلة تضامن 14 آذار مع جعجع

تستحق الحوارات السياسية الصريحة والمتميزة بالرحابة، التي جرت في معراب ليل الاربعاء الماضي، خلال لقاء قوى 14 آذار التضامني مع الدكتور سمير جعجع، تسجيل بعض وقائعها للمستقبل والتاريخ، على أهمية مداخلات تجاوز عددها الـ 50 من المشاركين الذين ناهزوا الـ200.

أعطى عضو المكتب السياسي لـ”تيار المستقبل” نصير الأسعد إشارة البدء في نقد الذات بتوسع. سأل: “محاولة إغتيال بهذا الحجم ونجتمع بعد أسبوع؟ هذا يعني أن 14 آذار تعاني تبلّدا. لم نخرج لنواجه بعد حدث مفصلي خطير. هذا يعني أننا في سياستنا الوجه الآخر لـ(رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي) النائب وليد جنبلاط، أننا عملياً نعتبر المواقف التي اتخذها خلال سنة صحيحة. لقد توقفنا عن عمل أي شيء للأسباب نفسها التي حملته على دخول الحكومة. وها نحن نمارس معارضة نيابية تحت سقف الحكومة، ونرد على كل ما يُرتكب بالقانون والدستور وبتحميل الحكومة المسؤولية. في الوقت نفسه نترك الشارع، ننسحب كأننا قررنا “خصي” أنفسنا. لا أقترح مساً بالإستقرار لا سمح الله، ولكن إذا كانت محاولة اغتيال الدكتور جعجع لا تحرك مشاعر الشارع فهذه مصيبة. مطلوب إعادة النظر في قراري إبقاء الحكومة والتخلي عن الشارع. علينا استعادة عوامل قوتنا وإعادة النظر في استراتيجيتنا. نحن ننتقد سياسة النأي بالنفس وننأى بنفسنا عملياً. نحتاج إلى موقف سياسي جريء كالذي اتخذناه جميعاً يوم اغتيال الرئيس رفيق الحريري. اجتمعوا أيها القادة وضعوا لنا الإستراتيجية التي ترون. ونحن معكم”.

أعطى مدير الحوار النائب السابق سمير فرنجية الدكتور جعجع الكلام. قال: “أفلتّ من محاولة الإغتيال ولكن لم أفلت من نصير. أوافقك وأحيي الروح التي عبرت عنها. ولكن أنا سياسي عليّ إجراء حسابات قبل تجسيد النفحة الثورية. أسمع كثيراً أسئلة مثل “هل نظل نجتمع في 14 آذار لنصدر بيانات؟”. رأيي أن قوى 14 آذار بألف خير. مشروعها واضح وقطوع “السين- سين” مرّ وعَبَر.

الروح بخير أما في الجسد، فلا ضبابية بيني وبين الهدف. والتحرك قبل الأوان خطأ. لا نتحرك إذا لم يكن أمامنا هدف سياسي نحققه. كل دول العالم شرقاً وغرباً تضع سوريا هذه الأيام في رأس اهتماماتها ولا وقت عندها للبنان مهما حصل فيه. وخلال هذا الوقت الفريق الآخر يضعف ويخسر يوماً بعد يوم ومن تلقاء نفسه. وأصارحكم بأني بذلت جهداً وتعبت لمنع أي رد فعل احتجاجي من “القواتيين” على محاولة الإغتيال. إذا كانت الغاية التعبير عن فورة فإنها لا تستحق، في حين أن الأوضاع ذاهبة إلى حيث نريد ونتمنى. ثم إننا لسنا خائفين ولا نساوم ولا نريد عقد صفقات. بل ننتظر اللحظة المناسبة للعمل السياسي المناسب. و14 آذار بألف خير”. ثم مداخلة للنائب السابق فرنجية، استهلالها تأكيد أن “هناك شعوراً لدى شعب 14 آذار بأنها لا تملك خطة ولا رؤية. نرى تغيراً كبيراً في المنطقة وليس معروفاً بالضبط أين دورنا. كلنا جزء من الربيع العربي، ونحن أطلقنا أول إشارة إلى هذا الربيع، وعندما تحقق وكان التحوّل الكبير، لم يعد لدينا جملة مفيدة نقولها. ثم إن البلد يعاني سقوطاً أخلاقياً لم نشهد له مثيلاً حتى في مراحل الحرب، وهذا يولّد صدمة. والكلام على أخطاء الحكومة يشمل أطرافاً غيرها كثيرين ليسوا بالضرورة من 8 آذار. الناس يرون مؤسسات الدولة آيلة إلى السقوط العام و14 آذار تنتقد وتساجل في السياسة التي أصبحت مملة. “في شي جديد؟”.

علينا أن نجدّد 14 آذار ونضع لها خطة توفر مشاركة الناس. مطلوب منا ثورة داخلية تضع 14 آذار إلى الطاولة. نحتاج إلى جلسات مصارحة وطرح أفكار. لا أعرف ما سيطلع منها إنما الكلام يمكن أن يُنتج اقتراحات عملية. ولا أتحدث عن إعادة تنظيم صفوف، إنما في السياسة إذا كانت عندنا جملة مفيدة فإنها تعطي قضيتنا حياة فلا نبقى في موقع رد فعل. لذا أقترح مناقشات مفتوحة في السياسة، والتنفيذ يأتي لاحقاً”.

وبعد مداخلات كان الختام لمنسق الأمانة العامة لقوى 14 آذار فارس سعيد فذكّر بأن “ليل 27 – 28 شباط 2005، عشية سقوط حكومة الرئيس عمر كرامي لبينا دعوة السيدة نايلة معوّض إلى عشاء في منزلها. وحضر مساعد وزير الخارجية الأميركية ديفيد ساترفيلد الذي كان في جولة على عدد من دول المنطقة. قال لنا بالفم الملآن بعد مناقشة استمرت ساعتين”أنتم تحلمون إذا كنتم تعتقدون أن الولايات المتحدة ستطلب من دمشق سحب جيشها من لبنان. أقصى درجات الطموح أن تطلب واشنطن الإنسحاب إلى البقاع تطبيقاً للطائف”. في الليلة نفسها نزلنا إلى مخيم الحرية في ساحة الشهداء وكان بإدارة (النائب السابق) الياس عطالله وصمدنا، وأدى صمودنا إلى سقوط حكومة كرامي في اليوم التالي، مما أشعل إنتفاضة الإستقلال التي أوصلت بدورها إلى إنسحاب الجيش السوري من كل لبنان”.

وقبل أن ينفرط عقد المجتمعين الـ200، قال الدكتور جعجع لإحدى الشخصيات: “قد تكونون على حق وأنا “عامل أبو ملحم” أكتر من اللازم”. ضعوا الإطار الملائم لنعود لاحقاً إلى مناقشة الموضوع”.
وعلى طريق العودة من معراب علّق أحدهم مازحاً: “من كان ليتخيّل يوماً نحن فيه الصقور وسمير جعجع حمامة السلام؟”.
(النهار)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى