التحقيقات

كيف ابتعد الدين عن جوهره ولماذا وماهي النتائج؟؟؟

حولوا الدين الى عبادة أشخاص أوتقديسهم والولاء لهم،والى معتقدات وعادات وتقاليد ومناسبات ومظاهر لاتقيم وزنا”للعقل والارادة الفرديين بل تقوم على الفرض والجبر، والتقليد والاتباع الاجتماعيين والنصوص الجامدة والعاطفة والغريزة والمصلحة المادية،وتبتعد عن جوهر الدين والايمان وحقيقتهما وهي عبادة الخالق وتقديسه والولاء له وحده دون البشر والمخلوقات والأصنام والأوثان.فالشوائب والتشويه اللاحق بالدين بسبب السلطات و”رجال الدين”والأحزاب والتابعين لهم والمتاجرين عبر التاريخ حتى اليوم حرفت الدين عن أصله وجوهره وأهدافه الحقيقية فأصبح ظاهرة منفرة وضاغطة ومزعجة تخدم مستغلينها من سلطات وأحزاب و”رجال دين”وتابعين لهم ومتاجرين.
اذا لم ينقل الدين الانسان من حالة العبادة والتقديس والولاء للأشخاص البشريين والأحزاب والجماعات والأصنام الى حالة العبادة والتقديس والولاء لله وحده فلافائدة منه ولاحاجة اليه ولكن السلطات و”رجال الدين”والتابعين لهم والمتاجرين عبر التاريخ حتى اليوم لايريدون أن يبقى الدين على حالته الأولى بل يريدون مصالحهم والسيطرة والنفوذ والمكاسب المالية،فعملوا على اضعاف دور العقل والارادة الفرديين في مجال الدين وفتحوا الأبواب للعواطف والنصوص الجامدة وتأويلاتها التي ترفع بعض الأشخاص الى ما يقرب من الله في بعض الصفات والشأن مثل الكمال والعصمة والقداسة والعلم بكل شيء والغيب والولاية والسمو على سائر البشر والكائنات.وهذا الأمر ليس مقتصرا”على دين واحد أومذهب واحد.فالعقائد والتقاليد والطقوس والمناسبات التي ابتعدت عن جوهر الدين وأصله موجودة في الأديان والمذاهب كلها ولكن نسبتها وقوتها تتفاوتان بين دين واخر ومذهب واخر. يقول الفيلسوف الاسكتلندي أندرو لانج (A.Lang):”المعتقدات الصحيحة تسبق المعتقدات الخاطئة،والعقل يسبق المخيلة في العمل.فالديانات بدأت توحيدية نقية ثم تلتها معتقدات أسطورية غير صحيحة نتيجة عمل المخيلة”.ويقول الروائي دان براون:”لقد تصدع الدين لأن الانسان نفسه متصدع”.وكان يعني مصطلح”الدين”لدى مؤلفي القرون الوسطى كتوماس الأكويني التقوى أو العبادة ولايمتد الى المنظومات الدينية التي اعتبرها خارج العقيدة الصحيحة بنظره.
عندما دخلت السلطة والسياسة الدنيوية ولعبة الدول والمال في الدين تحول الى مذاهب وفرق
تستعمل من قبل ملوك وسلاطين و”زعماء”وأحزاب ودول لأجل السلطة والسيطرة والنفوذ والثروات وضاع جوهر الدين في غياهب هذه الأمور حتى أصبح ذكر أشخاص بشريين تعتبرهم المذاهب الدينية رموزها أكثر من ذكر الله. وفي بعض التصانيف والمؤلفات والمعاجم تفريق بين مفهومي الدين والمذهب.ووفق الجرجاني:”قيل ان الدين منسوب الى الله،والمذهب منسوب الى المجتهد.”
يقول مالك بن نبي:ان التفريط في المبدأ والخلط بين الفكرة والشخص وتقديم الولاء والتقديس للأشخاص على الولاء للأفكار سيوقع الناس في نوع من الوثنية تشبه في بعض أوجهها الوثنية الجاهلية.فلو ظل الدين عبادة وتقديسا”وولاء” للخالق وحده ولم يتحول الى ولاء لأشخاص وسلطة وطائفة وعشيرة وحزب لانتفى وجود ولاء وتقديس لهؤلاء،وخاصة أن هذا الأمر أصبح شرطا”للحصول على عمل ومال وزواج وانجاب أولاد ووجاهة وشهرة،ولكن الفرد النخبوي المستقل يرفض تقديم الولاء والطاعة لهؤلاء ويرفض خسارة حريته واستقلاله وكرامته وانسجامه مع ذاته لأجل المال والرغبة والزواج والوجاهة والشهرة.أما مايشاهد على أرض الواقع من سبق وتفوق لأشخاص يتظاهرون بالايمان والتدين ويقدمون الولاء والتبعية لطائفة وعشيرة و”رجال دين”وأحزاب على صعيد حيازة الأموال والممتلكات المادية والزواج وانجاب الأموال والوجاهة والشهرة وان كان ذلك على ظهر غيرهم وحسابهم،فهو ليس نابعا”من ارادة وعدالة الهيتين بل هو ناتج من تشوه مفهوم الايمان والتدين وانحداره الى مستوى الولاء للأشخاص والجماعات وتقديسهم.
أسامة اسماعيل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى