المقالات

أزمة إنتماء \ بقلم ربيع مينا \ ( جريدة بناء الانسان )

نعم اننا نعيش أزمة إنتماء ، خلق شروخاً عميقة بين الإنسان مع نفسه و إنشقاقه عن كرامته و إنفصامه عن واقعه و إنقسامه عن حقوقه المشروعة، أزمة إنتماء الإنسان لإنسانيته لقضاياه لتقاليده لعاداته لمجتمعه لوطنه.
الا من رحم ربي.
نعم إنه سقوط بكل ما تحمل الكلمة من معنى.
لماذا لم تعد كل القضايا صغيرة كانت أم كبيرة تحرك ساكناً؟ لا ضميرا”، ولا نخوة، ولا وجدانا”، و كأن الله إبتلانا بقوم لا يحمل حمية الجاهلية، و لا مروءة الإسلام.
الا يستحق كل ما جرى و يجري بنا على المستوى الوطني اللبناني أن يحرك ساكناً.
الجوع و الفقر و الحرمان و العوز يدق كل باب
والمشكلات تتراكم و تتفاقم ، و اللبناني يدفع من كرامته و دمه و أمنه و رزقه ثمنا” غاليا”.
أليس التخلي عن أبسط حقوق العيش الكريم هو سقوط؟
حتى على المستوى الإنتماء الديني، ألم تنزل الشرائع السماوية كثورة دائمة على الظلم و الطغيان و تحض المؤمنين للعمل و الدفاع عن الوجود و الكرامة و لو بكلمة حق بوجه سلطان جائر.
لعلها أزمة إنتماء بكل المقاييس.

عصبة من السياسيين بالتضامن و الشراكة وضعت يدها على كل مقدرات البلد، إغتصبت السلطة لسنوات وسنوات، بغت في الوطن فساداً وإستفحلت خلالها الأزمات الخانقة اقتصاديّاً ومعيشيّاً وخدماتيّاً وسياسيّاً فكانت من أكثر الأزمنة التي مرّ فيها لبنان سوءًا منذ الاستقلال حتّى يومنا هذا، حيث كانت الأزمات تتلاحق تباعاً، والوطن ينزلق معها إلى قعر الهاوية، وهم يتفرّجون عليه دون أنّ يرمش لهم جفن، وكلّ همهم تحقيق مصالحهم الشخصيّة وعلى حساب المواطنين!
دون أي رادع.. آليس هذا سقوط؟
في لبنان:
عصبة من السياسيين، يتلذّذون بآلام الناس وأوجاعهم ويصمّون آذانهم عن الإستماع إلى أنين المعذّبين، دون أن يرف لأحدهم أي جفن.
بماذا يسمى كل هذا، إذا لم يحرك فينا أي ساكناً؟
أما بالنسبة لما يحصل اليوم على أرض العزة، غزة من بطولة و صمود و إباء رفع رأس الشرفاء عاليا” كيف لا و طريق السماء تمر عبر أرض فلسطين.
فما هم المصطلح الذي يمكن عبره وصف مواقف الأنظمةِ العربيةِ المهترئة، المعتادة على التنديدِ والاستنكارِ والرفضِ والإستهجان، والتي تنتفض في كل أماكن الدنيا وتنسى قضيّتها الأم، فكعادتها تقول: “لا للتطبيع!” والحقيقةُ السوداء أنهم مطبّعون مع العدو فعلاً، منهم في السر ومنهم في العلن… أليس السكوت عن تخاذل أنظمة الردة و العار، يعتبر أزمة إنتماء؟
فهل أصبح للضمائر و النخوة و الحمية أسواق نخاسة يتم بها عمليات البيع و الشراء؟
هناك معاول هدامة تمعن في تدمير الانسان. ولأننا نمرّ في أخطر وأدقِّ المراحل، علينا أن نرتقي الى مستوى تاريخ وتضحيات الأجيال المناضلين منهم و الشهداء الذين سبقونا والتي ما تزال بصماتهم محفورة في مختلف أرجاء الوطن و الأمة.
ربيع مينا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى