الأخبار العربية والدولية

الهفوة القانونية بخصوص الدائرة الابتدائية في المحكمة الجنائية الدولية

تجيز المادة 58(3) من نظام روما الاساسي للمدعية العامة في المحكمة الجنائية الدولية ان تصدر امر توقيف او امر بالحضور بموجب المادة 58(7) قبل ان تصدر الدائرة التمهيدية في المحكمة حكما بذلك، لكن الدائرة التمهيدية في المحكمة الجنائية الدولية حسب العادة تنظر بالمراحل المتقدمة في التحقيق وليس قبل الشروع بالتحقيق، اي بعد اصدار مذكرات اعتقال او توقيف، الا ان المدعية العامة طلبت مبكرا منها النظر في اختصاص المحكمة الجنائية الدولية كما ورد في طلبها بالفقرة 22-24 بتاريخ 22/01/2020.

استندت المدعية العامة بطلبها على المادة 19(3) من نظام روما الاساسي التي لا تفرض مدة زمنية لاصدار حكم الدائرة التمهيدية، حيث مازالت تنظر باختصاص المحكمة الى الان رغم تقديم الملاحظات من الجهات القانونية في 16 آذار 2020 عملا بالمادة 13 من نظام روما الاساسي.

طلبت المدعية العامة بالفقرة 5-6 في طلبها من الدائرة التمهيدية اصدار حكم منها بشكل مبكر ليؤكد على ممارسة المحكمة اختصاصها على الاراضي الفلسطينية المحتلة التي تشمل القدس الشرقية، الضفة الغربية وقطاع غزة، وذلك لاجراء التحقيق بشكل اوضح وابعاد الشكوك حول اختصاص المحكمة، مما يضمن ايضا الاقتصاد القضائي للمحكمة دون هدر موارد المحكمة المحدودة، خصوصا في الالتزامات الامنية بما يتعلق بالموظفين والاشخاص التي تتعامل معهم.

وقد اشارت ان الحكم المبكر سيسهل اجراءات التحقيق وسيوفر وقتا كبيرا للجهود التي ستبذلها جميع الاطراف، ما يضفي الشرعية على قرارها كون الجانبين الاسرئيلي والفلسطيني لهما مواقف متباينة مما يتيح للمحكمة تقييم وجهات النظر بشكل صحيح وادق، وبذلك يرد اي اتهام للمحكمة بوجود تحيز لطرف دون آخر.

اعترض الكثير من المستشارين القانونيين والممثلين للضحايا على الطلب المقدم بشكل مبكر للدائرة التمهيدية، بما ان المادة 19 من نظام روما الاساسي تشير بشكل متكرر الى ” القضية” ما يوحي بأنها تنطبق اثناء القضية وغير قابلة للتطبيق في مرحلة ما قبل التحقيق، فيما ان الطعون تكون على حالة محددة من الدعوى وليس على الدعوى ككل.

بينما تطلب المادة 53(1) من نظام روما الاساسي من المدعي العام وحده ان يقرر اذا كان هناك اساس معقول للاعتقاد بوقوع جرائم حرب تدخل باختصاص المحكمة، وعملا بالمادة 53(3) بعدم فتح تحقيق من قبل المدعي العام كانت غرفة الاستئناف بالمحكمة قد قضت بأنه اذا احالت دولة طرف ما او مجلس الامن احالة ما، فالمادة 53(1) تلزم المدعية العامة على فتح التحقيق بعد الفحص الاولي، وهذا ما فسرته المدعية العامة بشكل خاطئ.

اما بمسألة الاقتصاد القضائي، فإن الطلب من الدائرة التمهيدية بشكل مبكر هو الذي يعد هدرا لموارد المحكمة المحدودة وهدرا للوقت، بما ان قرارها قابل للاستئناف.

وبعد طلب المدعية العامة من الدائرة التمهيدية النظر باختصاص المحكمة تم تحويل المسألة القانونية التي تتعلق بسلوك اجرامي معين الى مسألة سياسية لناحية اذا كان يجب الاعتراف بفلسطين كدولة ام لا، وبذلك تكون المدعية العامة قد اخرت البدء بالتحقيق دون داع ما يلحق الضرر بالضحايا من ناحية عدم الاسراع بالمحاكمة.

وهكذا فإن المدعية العامة لن تتقدم بأي خطوة لفتح التحقيق او اصدار امر اعتقال او اوامر حضور قبل قرار الدائرة التمهيدية بشأن حدود الاراضي الذي سيتم التحقيق بها، كونها لا تريد ان تبذل جهدا كبيرا بتكلفة مالية عالية ثم تفاجأ بعدم الاختصاص الاقليمي للمحكمة. ومن هنا اي من وجهة نظرنا، اما ان تحدد المحكمة نطاقها الاقليمي دون تحديد الحدود كونه ليس من اختصاصها وتباشر بالتحقيق، واما ان لا تكون المحكمة المقصد المناسب للوصول الى العدالة، بانتظار حكم الدائرة التمهيدية.

الدائرة القانونية في الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى