المقالات

هل انحرفت معركة 14 آذار في زغرتا الزاوية عن أهدافها الاساسية؟ بقلم كلاريا الدويهي معوض

“لسقوط النظام السوري تداعيات أكيدة  على الوضع في لبنان برمته ولكن قد تكون منطقتنا (قضاء زغرتا الزاوية)  الاكثر تأثرا بهذا السقوط.
فنحن عانينا على مدى اكثر من 35 سنة من مفاعيل الوصاية حيث تمّ مصادرة ليس فقط قرارنا وحريتنا بل ايضا كل المقدرات الاقتصادية والاجتماعية والانمائية لقضائنا بفعل قبضة هذه الوصاية .
كل ذلك أدى الى تهجير أو استقالة نخبنا والى ابقاء القضاء رهينة الامر الواقع ، قضاء تم تسخير مقدراته وتدمير نسيجه الاجتماعي من أجل مصلحة قلّة من المستفيدين التي رهنت قرارها للنظام السوري . فبالنسبة لنا سقوط هذا النظام ليس فقط فرصة لاستعادة السيادة  والدولة على المستوى اللبناني، بل أيضا فرصة للتغيير وللتأسيس لعصر الحرية والتطور والانماء على مستوى زغرتا الزاوية “.
هكذا قرأ يوسف ، وهو شاب جامعي مناضل في صفوف ثورة الارز ، انعكاسات التطورات العامة على الواقع الذي يعيشه .ولكن هل ينطبق حساب الحقل على حساب البيدر؟  فاذا كانت معادلة السين سين أحبطت،ولو لحين ، مسار التغيير الواعد ما بعد ال2005 ،وسمحت لتيار المرده أن يحتكر التمثيل السياسي والانمائي في قضاء زغرتا الزاوية  هل سيدفع هذا القضاء ثمن عدم وحدة صفوف 14 آذار في معادلة ما بعد سقوط النظام السوري ؟
ترى اوساط مراقبة أن بعض التسريبات الاعلامية على لسان بعض دوائر القرار في القوات اللبنانية مفادها أن معركة القوات اللبنانية في زغرتا الزاوية ، وعكس ماهي عليه على مساحات لبنان الاخرى ،    هي في وجه ما سمّي بال “الاقطاع والارث السياسي “، من شأنها أن تخرج المعركة الآتية من اطارها السياسي الصحيح – أي من العنوان الحقيقي لها بين 14 آذار و 8 آذار أو بين الخيار السيادي الاستقلالي الميثاقي بكل مكوّناته الحزبية والعائلية من جهة، والخيار التابع لمنظومة النظام السوري – حزب الله أيضا بكل مكوناته الحزبية والعائلية من جهة أخرى- .ولا يفهم يوسف، وهو طالب في مقتبل عمره، كيف يتم احياء شعار “محاربة الاقطاع والارث السياسي ” وهو عنوان خشبي يستعيد لغة السبعينات ولا ينطبق على حقيقة واقع  خريطة القوى السياسية في ال 2012  ولا على أدائها المؤسساتي  أومشروعها أو خطابها اوعنوان عملها السياسي . كما يستغرب صديق يوسف الزغرتاوي حنا ،وهو من مؤيدي مشروع 14 آذار الوطني من خارج أي اصطفاف عائلي أو حزبي ،سكوت المرجعيات المعنية عن هذه التسريبات التي يراها  أقرب بكثير الى ديماغوجية العماد ميشال عون أو الى شمولية حزب الله مما هي على ألاداء الذي قدّمته القوات اللبنانية منذ خروج الدكتور جعجع من الاعتقال. كما أن هذا المنطق لا يعكس مستوى العلاقة القائم بين قيادات 14 آذار بشكل عام ومكوّناتها السياسية في زغرتا الزاوية بشكل خاص ولا يعكس طموحات الشباب المتحرر الزغرتاوي في المدينة والزاوية في بناء وطن الغد بمنطق الشراكة والانفتاح لا الاستئثار والكيدية .
هذا وترى بعض الاوساط القيادية في حركة الاستقلال أن تلبيد الاجواء بين أبناء القضية الواحدة  لا تخدم القضية  لا شكلا ولا مضمونا ، اذ ان لا أحد يقبل بأن تحوّر هويته أكانت العائلية عن طريق صبغها بما ليست عليه، أو الحزبية بالعودة الى فتح جروحات يسعى الجميع الى بلسمتها . وتستغرب الاوساط ذاتها أسلوب التخاطب بالتلميح أو التسريب الاعلامي بين مكوّنات الفريق الواحد .
ويرى متابعون مستقلون للحراك السياسي في دائرة زغرتا الزاوية أن المعركة الانتخابية فيها ستكون قاسية وصعبة كون “الموس” أصبحت على رقبة الطرف الموالي لسوريا. كما يرى هؤلاء أن من مقومات المعركة الاساسية التي ستسمح ل 14 آذار بالفوز ، تأكيد  الشعارات التي أثبتت فعاليتها في الانتخابات النيابية الماضية والتي كادت أن تؤدي الى انتصار مدّو لقوى 14 آذار لولا معادلة السين – سين .
ومن مقومات هذه المعركة ، يتابع المراقبون ، الدفاع عن البعد الوطني للمعركة بين 14 آذار و8 آذار وتحميل مشروع الشراكة والتغيير الذي تناضل من اجله كل مكونات 14 آذار بتلاوينها العائلية والحزبية والمستقلة ، مفهوما ايجابيا في وجه مشروع الاستئثار. ولن يستقيم ذلك اذا أدت المناورات السياسية التكتية الى تحويل مشروع الشراكة بين زغرتا والزاوية  الى مشروع”غزو “وتصادم أثبتت التجربة انعكاساته الخطيرة على الجميع . فكيف اذا عبّرت هذه المناورات عن توجه استراتيجي ؟؟؟

وعن ما نقل عن “اتخاذ القوات اللبنانية قرارا حاسما بخوض الانتخابات بمرشح من قرى القضاء ” تقول أوساط حركة الاستقلال :” ان قرار خوض الانتخابات النيابية بمرشح من القضاء قرار اتخذته كل مكوّنات 14 آذار تثبيتا لخيار الشراكة بين زغرتا والزاوية  وهذا ما أعلنه باسمها رئيس حركة الاستقلال ميشال معوض منذ أكثر من سنة بعدما كان هذا الطرح بصلب المشروع الانتخابي للائحة 14 أذار عام 2009 . أما بالنسبة الى تكوين اللائحة الانتخابية فهو أمر متروك للتفاهم بين كل مكوّنات 14 آذار المعنية بالمعركة السيادية في زغرتا الزاوية ، مع العلم أن القوات اللبنانية شريك أساسي في هذا القرار.
اما بالنسبة للاسس ، فالقرار يتخذ وفقا لمقتضيات المعركة .اذ من المفترض أن يخوض الجميع المعركة من أجل الانتصار بها لحساب الفريق السيادي بوجه المحور الاسدي الايراني الحزب الللاهي وأتباعه في لبنان وليس من أجل تسجيل نقاط تكتيكية أو الترويج لمفاهيم مرّ عليها الزمن ، لان عودة زغرتا الزاوية الى الصف السيادي الاستقلالي والحؤول دون السماح لفريق 8 آذار أن يحتكر تمثيل زغرتا الزاوية السياسي ما بعد سقوط النظام السوري هو حاجة زغرتاوية ومسيحية ولبنانية أكيدة . وهذا يقتضي بالطبع أن لا يتخذ أي مكوّن 14 آذاري قرارا “حاسما” بمفرده الاّ  اذا أراد ضرب تشكيل لائحة  14 آذار في قضاء زغرتا الزاوية “.
وأمام هذا القلق المتنامي لدى شباب ثورة الارز في زغرتا الزاوية لا بد من طرح التساؤل التالي :هل انحرفت المعركة عن أهداف وعناوين وطنية سيادية تغييرية دفعت من أجلها قوى 14 آذار بكل مكّوناتها الاثمان الغالية  لتقع ضحية حسابات ضيقة ومعارك شعاراتها  سبعينية ستؤدي حكما الى انتصار قوى الثامن من آذار في هذا القضاء  مما ينذر بعواقب وخيمة على 14 آذار ومعركتها لنيل أكثرية سيادية كما يضيّع  فرصة حقيقية للتغيير في زغرتا الزاوية على ايقاع سقوط النظام السوري .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى