المقالات

ألم يحن الوقت بعد لتشكيل الحكومة؟ كتب: عبدالله خالد

… وتستمر معاناة اللبنانيين في وقت تزداد فيه وطأة الأزمة الإقتصادية-الإجتماعية وغياب السعي لإيجاد الحلول لها والتي يعتبر تشكيل الحكومة العتيدة المدخل الطبيعي لبدء وضع خطة اقتصادية تعالج أسباب التعثر وتبدأ مسيرة الإنقاذ والإصلاح وتعزيز الإقتصاد المنتج كخطوة لابد منها لوقف الإنهيار والتردي والإهتمام بالوضع الإقتصادي الإجتماعي والقضاء على الفساد والهدر والنهب والمحاصصة الذي تم بتواطؤ الشبكة الحاكمة ومافيا الرأسمالية المتوحشة ومافيا المصارف.
ورغم مرور أكثر من أربعة أشهر على تكليف الرئيس الحريري بتشكيل حكومة المهمة الإنقاذية إستنادا للمبادرة الفرنسية التي تم التوافق عليها إلا أنه لا يبدو حتى الآن أن بوادر جادة توحي بإمكانية إعلان التشكيلة الحكومية قريبا كنتيجة لإستمرار التباين في وجهات النظر بين الرئيسين عون والحريري في دور كل منهما في عملية التكشيل لتعكس مدى الخلاف المستحكم بين أطراف الشبكة الحاكمة حول دور كل منها في لعبة الصراع على السلطة متسترة بالدستور والقوانين التي لم يحترموها يوما لغرقهم بالمحاصصة والفساد بدلا من الإهتمام بمقومات ترسيخ أسس بناء دولة القانون والمؤسسات التي تحقق العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص وتعتمد الكفاءة والنزاهة كبديل للتبعية العمياء والتزلم الرخيص في محاولة للعودة إلى ما قبل الطائف وتكريس التناقضات الطائفية والمذهبية التي أخذت بعدا عنصريا مؤخرا.
والواقع أن تشكيل الحكومة ما كان ليتأخر لو توفر عامل الثقة بين الرئيسين عون والحريري بالدرجة الأولى وهذا يتطلب تقديم المصلحة العليا للوطن بكل أطرافه وليس التركيز على مطالب محددة تخص طرفا معينا- وهذا يشمل الجميع- في محاولة استباقية لمعركة رئاسة الجمهورية المقبلة التي يبدو أنها ستواجه عقبات جدية تؤدي إلى فراغ في قصر بعبدا الأمر الذي ينقل صلاحيات الرئاسة الأولى إلى مجلس الوزراء مجتمعا ولعل هذا هو السبب (الداخلي) الذي يعرقل عملية التأليف بالإضافة إلى الفيتو على مشاركة حزب الله… وهكذا تداخلت الضغوط الخارجية مع العقبات الداخلية لتعيق عملية تشكيل الحكومة العتيدة.
إذا أضفنا إلى ذلك زيارات الرئيس المكلف المتعاقبة لأكثر من عاصمة عربية ودولية وإقليمية بحثا عن دعم خارجي يزيل عقبات الداخل وتستر قوى أخرى بضرورة اعتماد معياؤ واحد أو رفض الثلث المعطل او التمسك ببعض الحفائب أو الخلاف على عدد الوزراء (18-20-22-24) لضمان التوازن في التمثيل بالإضافة إلى احترام الكفاءة والإختصاص بحيث يعطى كل وزير حقيبة واحدة ومع هذه المطالب التي تعيق التشكيل برز موقف لافت لسيد المقاومة دعا فيه إلى تسريع عملية تأليف الحكومة بالتوافق بين الرئيسين عون والحريري وعدم إعطاء الثلث المعطل لطرف سياسي واحد وعدم الإصرار على حكومة الثمانية عشر وزيرا. وفي قناعتي أنه بمعزل عن نوايا ومواقف القوى السياسية المعلنة والمستترة يفترض أن تبدأ عملية جادة لتشكيل حكومة بأقصى سرعة تضمن العدالة والتوازن في توزيع الحقائب مع احترام الإختصاص لتبدأ عملية الإنقاذ والإصلاح واعتماد الحوار البناء بين القوى وتغليب العامل الداخلي على العامل الخارجي واستعادة الثقة بالدولة كمدخل لإعادة بناء لبنان من جديد خصوصا وأن الصعوبات ما زالت كثيرة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى