المقالات

الوافدون .. بين “تمزيق الإقامات” وتصحيح الأوضاع والاستثمار في الاشقاء بقلم/ أبو أشرف : محمود المختار الشنقيطي – المدينة المنورة

لعل الحدث الأبرز في الأسبوع الماضي هو قضية (تمزيق الإقامات) والتي طغت على المشهد ودبجت فيها المقالات،وخصص لها الدكتور عبد العزيز قاسم حلقة في برنامجه (حراك)،كما عُملت للحدث (وسوم) عبر (تويتر).

أقوال تكاد أن تتواتر كلها عل تأكيد حملة التمزيق تلك،يأتي (تكذيب) الجهة الرسمية باهتا،وغير مجد في ظل حملة مكثفة من (الإشاعات) – مقيم “مات”بعد أن مُزقت إقامته بسكتة .. تم قتل جنديين على يد مقيمين .. وإغلاق كثير من المحلات .. وإغلاق معظم مدارس تحفيظ القرآن الكريم .. إلخ – والتنديد .. وأساسها الطريقة غير الإسلامية – ولا أقول غير الإنسانية،الإسلامية الحقيقية أعلى مراتب الإنسانية – في التعامل مع الناس .. هذا وهم يحملون إقامات رسمية فماذا سيُفعل بمن لا يحمل إقامة أصلا

قبل أن أطرح وجهة نظري لابد من لفت النظر إلى عبارة (تمزيق) .. وهي لفظة تعود إلى زمن (دفتر) الإقامة،عندما كانت على شكل دفتر قابل للتمزيق أما الإقامات الحالية فهي على شكل بطاقات،مثل بطاقات الهوية الوطنية،أو بطاقات الصراف الآلي،وهي عصية على التمزيق .. ولو قيل أنه يتم (تخريمها) لكان ذلك أقرب .

على كل حال .. تظل قضية (الوافدين) قضية شائكة وتكاد أن تكون عالمية،ولا يخفى على أحد ما يحصل للأفارقة المهاجرين إلى أوربا .. والمكسيكيين إلى أمريكا .. بل إنني شاهدت فيلما وثائقيا بثته قناة الجزيرة عن أفغانستان،بعد العدوان الأمريكي .. فاشتكى أحد الأفغان من (الأجانب) الذين يزاحمونه على لقمة عيشه،ويقبلون العمل  مقابل بأي شيء !!

نعود إلى قضية الساعة .. وحين يتم الحديث عن (تمزيق إقامة) – أو تخريمها –  من لا يعمل لدى كفيله،فإننا في هذه النقطة بالذات أمام حقيقة بسيطة وواضحة ..

كفيل ليس لديه عمل!!

وصاحب عمل ليس لديه مكفول!!

وسبب هذه المعادلة .. كما هو معلوم (هوامير التأشيرات) .. ولكن هذا أحد وجهي العملة،ووجهها الآخر .. هو هذا  الارتفاع الذي طرأ على تكلفة العامل .. والذي يهدد بعض المنشآت الصغيرة بالإغلاق !!!

فعندما يرتفع مجمل تكلفة العامل .. أو الرسوم التي تُدفع من (1500) ريال كل سنتين إلى .. صدق أو لا تصدق .. إلى أكثر من أربعة آلاف ريال … في السنة الواحدة !!!

نتيجة هذه المغالاة .. أو السعودة غير المدروسة …لا يحتمل أكثر من رفع السعر على المواطن .. أو إغلاق المنشأة وكفى الله المؤمنين القتال.

من إضاعة الوقت أن نتحدث عن بعض الأفكار في ظل (هوامير التأشيرات) والذين لن يسمحوا بتجفيف منابع الملايين ..

هل يتصور عاقل – يعرف كيف تسير الأمور – أن يقبل (الهوامير) إغلاق باب التأشيرات – لعام أو عامين – وإنشاء ما يشبه مكتب (التنسيق) لتدوير العمالة المتوفرة في السوق وبأعداد هائلة .. ولكي تُجرى العملية بشكل سليم،لابد أن تكون إما بدون رسوم أو بتكلفة رمزية،وإلا أصبح الأمر مجرد وسيلة لملئ الخزائن بالمال،مما يوفر سببا وجيها للتلاعب والدوران في دائرة مغلقة .. بطبية الحال، إضافة إلى تصحيح أوضاع المقيمين بشكل غير نظامي .. ومن يرفض تصحيح وضعه،فلا شك أن لديه نية سيئة،ولن يلوم أحد (الجوازات) إذا قبضت عليه وسفرته .. والأمر أيضا لابد أن يكون في إطار التعامل الإسلامي.

“أكرموا اليمنيين”

هذا”وسم”وضعه بعض الإخوة في “تويتر”عرفانا بالعلاقة المتميزة بين السعودية واليمن .. وسبق العمالة اليمنية في تعمير السعودية .. وهو أمر قوبل من قبل السعودية أيضا بمعاملة اليمنيين معاملة خاصة .. حيث كان اليمني لا يحتاج إلى “كفيل”فكان اليمني الراغب في العمل يأتي إلى السعودية ويمكث ما شاء ويعمل كما يشاء ثم يذهب في اوقت يشاء،كحالة استثنائية لم  يعامل بها أي عربي آخر .. حتى جاءت كارثة احتلال الكويت .. فأفسدت العلاقة بين الشقيقتين .. إلخ.

حديثي  عن اليمنيين .. يتجاوز اليمنيين .. وقبله آخذ ومضة من أحد الكتاب،ولا تهمني تلك الأرقام التي يقدمها الكتاب،فقد تجاوزها الزمن .. يقول المؤلفان :

(صحيح أن الدخل السنوي للفرد في هذه البلدان يضعها في مصاف أغنى دول العالم”قطر : 175000 فرنك فرنسي،الإمارات : 150000 فرنك،الكويت : 11000 فرنك”ولكنها،تبقى مع ذلك سريعة العطب : 4300 فرنك سنويا للواردات الغذائية للفرد في الكويت،6000 فرنك في قطر (رقم قياسي عالمي)،علما بأن الإمارات تستورد 80% من احتياجاتها من الخارج.(..) لذلك يمكن أن تجوع هذه البلدان خلال أيام إذا تعرضت لأي حصار.){ص  235(الجانب الخفي من تاريخ البترول)/ جاك دولوناي و جان ميشيل شارلييه ترجمة : اللواء محمد سميح السيد / دمشق : دار طلاس / الطبعة الأولى 1987م}.  

هذه الحقيقة المبنية على أننا نستورد كل شيء من الخارج – تقريبا – تحتم علينا أن نستثمر في اليمنيين – في خاصرتنا الجنوبية،والأردن وسوريا في الشمال .. وحتى في السودان – لأنهم امتدادنا الطبيعي،إضافة إلى الأخوة … وأعني هنا الاستثمار في الشعوب لا في الحكومات،فعندما تستثمر السعودية في اليمن بإقامة مشاريع ضخمة – زراعية وصناعية – فهذه (رئة) تتنفس منها البلد،وفائدة للأشقاء .. وعلاقة استراتيجية لزمن قد ينضب فيه البترول .. ولا يبقى لنا سوى الأشقاء و ما زرعناه عبر الاستثمارات.

فهل نعي ذلك؟

أرجو ذلك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى