الأخبار اللبنانية

جمعية العزم وتنظيم اللبنانية الخيرية للإصلاح والتأهيل

برعاية جمعية العزم وتنظيم اللبنانية الخيرية للإصلاح والتأهيل
ندوة بعنوان: التسول أزمة إجتماعية أم مهنة؟

برعاية جمعية العزم والسعادة الاجتماعية نظمت الجمعية اللبنانية الخيرية للاصلاح والتأهيل ندوة بعنوان: “التسول ازمة اجتماعية ام مهنة؟” بحضور ممثلين عن الرئيس نجيب ميقاتي، الرئيس عمر كرامي، الوزير محمد الصفدي وعن النواب سامر سعادة، محمد كبارة، روبير الفاضل، احمد كرامي، ستريدا جعجع، سليمان فرنجية، وعن النائب السابق علي عيد، وممثل عن مدير عام قوى الامن الداخلي اللواء اشرف ريفي، ورئيس محكمة الجنايات في الشمال جان بصيبص، والقاضي سنية السبع ممثلة الرئيس الاول لمحاكم الشمال عبد اللطيف الحسيني، والقاضي هلا النشار والقاضي نازك الخطيب رئيس محكمة الجزاء، والزميل غسان ريفي وحشد من المشاركين، وذلك في مركز رشيد كرامي الثقافي البلدي في طرابلس.
بداية النشيد الوطني اللبناني ودقيقة صمت عن ارواح ضحايا الطائرة الاثيوبية التي سقطت في لبنان، فكلمة رئيسة الجمعية فاطمة بدرة التي قالت: نشكر جمعية العزم والسعادة الاجتماعية وعميدها دولة الرئيس نجيب ميقاتي، على دعمها الذي اتاح لنا الفرصة للاجتماع بكم مجددا ً في ندوة تعالج واحدا ً من أهم المواضيع الاجتماعية، ألا وهو التسول وهل هو مشكلة إجتماعية أم مهنة…
واضافت: إن التسول قضية إجتماعية خطيرة إذا كانت حاجة ملحة لأصحابها ناتجة عن الفقر والبطالة وإنعدام فرص العمل، وهذا يتطلب جهودا ً كبيرة من قبل الدولة ووزاراتها المعنية، فلا يجوز أن تبقى كثير من مناطقنا مهمشة ومحرومة، ولا يجوز أن يبقى أبناء هذه المناطق لا سيما من الأطفال الذين يعملون بمهن لا تصلح لأعمارهم ويتقاضون ما لا يسمن ولا يغني من جوع، وهذا أيضا ً وجها ً من وجوه التسول لكنه تحت قناع ما يسمى عمالة الاطفال، كما لا يجوز أن يبقى أرباب العائلات من دون فرص عمل، ما يحولهم هم وعائلاتهم الى جيش من المتسولين، كل منهم يعمل على كسب المال بالطريقة التي يراها مناسبة، إن مناطقنا الفقيرة تحتاج الى التنمية البشرية وتفعيل المرافق الحيوية فيها والتي تساهم في خلق فرص عمل، فضلا ً عن دورات التدريب المهني لغير المتعلمين وللنساء، وقد بادرت بلدية طرابلس مشكورة الى المباشرة بتنظيم مثل هذه الدورات إضافة الى عدد من الجمعيات والمؤسسات، لكن ذلك لا يكفي لأن الأمور تستفحل يوما ً بعد يوم، ما يتطلب تدخل مؤسسات الدولة ووزاراتها لانقاذ ما يمكن إنقاذه وقبل فوات الأوان.
اما التسول-المهنة، فهو ماثل للعيان ولا يحتاج الى شرح، فلا يوجد تقاطع أو إشارة في طرابلس إلا وفيها مثال عن التسول-المهنة، من الأطفال الذين يرمون أنفسهم أمام السيارات طلبا ً للمال، او لمسح الزجاج، أو لبيع السمسمية أو العبيدية أو العلكة، ولا يوجد شارع أو سوق إلا وتنتشر فيه سيدات أو بنات يحملن أطفالا ً منهم المشوه، ومنهم المريض ومنهم المعاق، فضلا ً عن المعاقين الرجال والعجائز من النساء الذين يفترشون أرض المدينة ويسألون المواطنين الحسنة التي تدفع البلاء، إن هذا النوع من التسول والذي بات ينتشر أفقيا ً لا بل يزداد يوما ً بعد يوم، يشكل ظاهرة مسيئة للمدينة وعلى الأجهزة المعنية من قوى أمن داخلي وشرطة بلدية أن تضع حدا لها.
ثم القت تانيا كمالي مسؤولة قسم التنمية البشرية في جمعية العزم والسعادة الاجتماعية كلمة عرفت في مستهلها التسول بقولها: التسوّل في اللغة العربية هو  “الاستعطاء والشحاذة” ، وفي اللغة العامية “الشحادة” أي طلب المال أو الطعام وهو يبنى عادة على استغلال عاطفة الآخرين واستدراجهم بشتى الوسائل للوصول الى طلبهم، والمتسوّل هو الذي إعتاد الكسب بإستجداء الناس، بالسؤال المباشر أو عن طريق اللجوء الى المؤسسات الاجتماعية لطلب المال. المتسوّل في كثير من الأحيان لا يكون عاجزا ً عن العمل وإنّما ضعيف النفس والارادة، استسهل الكسب السريع وغير المشروع.
واضافت: تختلف فئات المتسوّلين بين نساء، شيوخ، واطفال، من ناحية دوافعهم للتسول وخصائصهم الشخصية والاجتماعية والبيئية.. وللأسف أن الغالبية الكبرى من المتسولين هم أطفال دون السادسة عشر من عمرهم (فقد قدّر المجلس الأعلى للطفولة في وزارة الشؤون الاجتماعية عدد أطفال الشوارع عام 2003 بـ2500 طفل كما تمّ توقيف 85 قاصرا ّ بجرم التسوّل عام 2006). ويعتبر التسوّل إنحرافا ً عن السلوك السويّ وأصبح آفة إجتماعية عالمية تختلف نسبتها من بلد لآخر بحسب العوامل الإقتصادية، الثقافية والإجتماعية لهذا البلد، فما هو مقبول في مجتمع ما وبلد ما مرفوض في مجتمع آخر. وتنتشر هذه الظاهرة في المدن أكثر منها في القرى، وبشكل خاص يتزايد عدد المتسوّلين عند إشارات المرور، أمام المساجد، أمام المستشفيات، بالإضافة إلى الأسواق والأماكن العامة.
كما عددت كمالي لأسباب التسول ومنها: التفكك الأسري (فلم يعد الوالد والوالدة مصدر الأمان والحماية لأفراد الأسرة)، إرتفاع نسبة الطلاق، فقدان الوالد (معيل العائلة الأساسي)، غياب دور الراعي المسؤول، تخلي الوالدين أو أحدهما عن سلطته ودوره ومسؤولياته تجاه اولاده، عجز المعيل الأساسي عن تأمين حاجيات افراده نظرا ً لتضخم حجم الأسرة وعدم وجود التخطيط المسبق لعملية الانجاب، فيضطر الأولاد للعمل وتأمين حاجياتهم بأنفسهم، الفقر وتدنّي المستوى المعيشي (73 % من الشعب اللبناني لا يكفيه دخله) فيجبر الأهل أولادهم للعمل والتسوّل بغية الحصول على دخل إضافي سريع، (33,8% من أطفال محافظة الشمال تحت خطّ الفقر / 5,6% في بيروت، 16,9% في البقاع، 24,1% في جبل لبنان، 9,2% في النبطية، 10,4% في الجنوب)، غياب فرص العمل وإرتفاع نسبة البطالة، فيلجأ البعض إلى التسوّل الوسيلة الأسرع والأسهل للحصول على المال. عدم وجود تقديمات صحية كافية وشبكة امان تغطي جميع اللبنانيين مع ازدياد نسبة الأمراض المزمنة والإعاقات المستديمة وعدم وجود قانون يؤمن الأدوية والمساعدات الإستشفائية بصورة مجانية، ما يدفع البعض لإستجداء المال لتأمين العلاج اللازم، فـ40% من الشعب اللبناني لا يملك قدرة على الإستشفاء، و60% لا يملكون ضمان صحي وهناك ضعف البرامج التربوية العاملة للوقاية من التسرّب المدرسي، العمالة والتسوّل (إنخفاض معدّل البقاء في المرحلة الإبتدائية من 86,1% عام 2002 إلى 85,1% عام 2004).غياب الإصلاحيات ومراكز إستقبال الأطفال المتسربين، لمتابعتهم عن قرب وحمايتهم من الشارع وبالتالي من الإنحرافات المتنوّعة.
كما عددت شحادة للاسباب الامنية، وجود بعض الأشخاص من جنسيات عربية في لبنان بصورة غير شرعية فيلجأون للتسوّل بسبب عدم قدرتهم على العمل بصورة قانونية، انتشار الانحرافات الأخلاقية والسلوكية ووجود العصابات المتخصصة في استغلال الطفل والمرأة في التسول.
وفي النهاية عرضت كمالي لبعض الاقتراحات للتدخل العلاجي والوقائي لظاهرة التسوّل ومنها توعية الاهل وتدريبهم حول اسس التربية السليمة، التخطيط للأسرة واقامة دورات مهنية بديلة للمتسوليين ومحاربة البطالة عبر إطلاق مشاريع تنموية، وتشجيع المشاريع الإنتاجية الصغيرة وعدم إعطاء المتسوّل أي مال والإستعاضة عنه بمأكل أو ملبس لأنّ من يكون بحاجة فعلا ً يقبل عادة مثل هذه العطية في حين أنّ المخادع يبقى مصرّاً على طلب المال، كما يجب القيام بحملات توعية خاصة بتنظيم الأسرة وتطبيق قانون إلزامية التعليم، ووضع نظام أكاديمي يناسب ذوي الإحتياجات الخاصة، ومراقبة عمالة الأطفال، ومراقبة الحدود لمنع دخول الأشخاص بصورة غير شرعية، وزيادة العقاب على الاهل الذين يدفعون بأولادهم للتسوّل والإستجداء وتخصيص الجمعيات الأهلية جهودها لتوعية وتنمية قدرات هولاء المتسوّلين لكي يتمكنوا من إعادة الإندماج في المجتمع، ودعم وتفعيل الجمعيات والمؤسسات الاهلية والرسمية العاملة في مجال الاستلحاق الدراسي ومكافحة ظاهرة التسول، وتصحيح العدالة العقابية، وخدمة المجتمع..
ثم تحدثت رئيس محكمة الجزاء القاضي نازك الخطيب على أن القانون اللبناني تصدى لهذه الظاهرة وكالنت لديه نظرة مزدوجة بخصوصها فمن ناحية اولى اعتبرها جرما ً من الجرائم التي يرتكبها اشخاص خطرون على المجتمع بسبب عادات حياتهم على ما جاء في عنوان الباب العاشر من قانون العقوبات عندما يرتكبها راشدا ً ومن ناحية ثانية اعتبرها خطرا ً اجتماعيا ً يهدد القاصرين والاحداث ويعرضهم للخطر.
ورأت ان المشرع اللبناني فرق بين جريمة التسول من جهة وجريمة التشرد من جهة اخرى فالمتسول بحسب القانون اللبناني هو شخص يستجدي الاحسان العام اما المتشرد فهوكل صحيح لا مسكن له ولا وسيلة للعيش ولا يمارس عملا ً من مدة شهر على الاقل ولم يثبت انه سعى السعي الكافي للحصول على العمل.
من جهته الزميل غسان ريفي أشار الى انه لا يختلف اثنان على ان طرابلس تعاني من انتشار مهنة التسول، وباتت أرضا ً خصبة لهؤلاء الوافدين من خارجه والذين يتكاثرون كالفطر في المناسبات الدينية لاسيما في شهر رمضان او الاعياد المباركة، ما يتطلب خطة بلدية أمنية وقضائية للحد من انتشارها، مؤكدا ً على ان التسول في طرابلس بات مهنة مربحة لكن ريعها يذهب الى خارج المدينة والى غير فقرائها دون اي حسيب ام رقيب، او حتى محاولة للحد من انتشار هذه الآفة التي تتنوع اساليبها، فتبدأ بطلب حسنة من طفل لا يتعدى السبع سنوات، وتنتهي بمحاولة سرقة لفتيان وشبان يصولون في الاسواق والشوارع يهددون المواطنين وينشرون الرعب في بعض الاحيان، وقد بدأنا نسمع مؤخرا ً عن عمليات خطف لحقائب النساء.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى