المقالات

بيروت: إذا عادت السعودية.. عاد العرب والعالم! \ كتب منير الحافي \ المصدر موقع السهم

إشارات سعودية عدة في الموضوع اللبناني صدرت الأسبوع الماضي لا بد من الالتفات إليها بدقة.. وبتفاؤل. أولاها، زحمة الاجتماعات التي أكملها سفير المملكة لدى لبنان وليد البخاري مع شخصيات سياسية وديبلوماسية ومصرفية وغيرها، متابعة من المملكة للوضع اللبناني المتأزم. المملكة التي هي ركنٌ أساس في اللجنة الخماسية المعنية بالملف اللبناني وفي مقدمة الهموم انتخاب رئيس كي تأتي بقية القضايا المهمة، بعد حصول الانتخاب.

ثاني الإشارات السعودية، الحفل الذي أقامه السفير السعودي في مبنى السفارة في شارع بلس في رأس بيروت لإضاءة المبنى التاريخي (المجدّد والمبني على الطراز السعودي التقليدي) للسفارة بتقنية «الكريستال لايت» لمناسبة اليوم الوطني السعودي الثالث والتسعين بعنوان «نحلم ونحقق». الحفل كان حضوره مقتصراً على حوالى ١٥ مدعواً غير طاقم السفارة، لكنه كان غنياً جداً في المعاني. «النور» بحد ذاته هو هدف السعودية لأجل لبنان وبيروت خصوصاً. رأى الحضور في هذه الخطوة الرمزية أن السعودية مقتنعة بأن بيروت «يجب أن تعود مضاءة من جديد». والنور ليس في الكهرباء (المقطوعة في معظم الأوقات عن بيروت ولبنان) فحسب، وإنما في التنوير الثقافي والاقتصادي والاجتماعي والتنموي، لمدينة كانت يوماً «اللؤلؤة» في الشرق العربي كله.

للمناسبة عينها، العيد الوطني السعودي، أقام السفير السعودي الحفل المركزي هذه السنة في ساحة رئيس الحكومة الراحل أمين حافظ بالقرب من المدرج الروماني في وسط بيروت. كان يمكن للسفارة أن تقيم حفل اليوم الوطني في قاعة في فندق من فنادق العاصمة ذات الخمس نجوم، لكن السفير البخاري أراد أن يكون الحفل رسالة أمل إضافية من المملكة بعودة الحياة إلى وسط بيروت وشوارعه ومواقعه الثقافية كالمدرج الروماني عند حائط السراي الكبير. هذا «السراي» الذي يمثل بدوره أيضاً من مركز سياسي – تاريخي- حيوي في الوطن والدولة. وكانت لافتة انعكس صورة العلمين اللبناني والسعودي على واجهة السراي خلال الحفل المهيب.

في الحقيقة، المملكة العربية السعودية تريد بيروت مزدهرة. لكن السعودية لا تجترح المعجزات إذا لم يرد أهل البلد الخلاص لوطنهم ولم يعملوا، هم، على إنقاذ أنفسهم ووطنهم ودولتهم ومستقبلهم.

إن المملكة العربية السعودية، ورغم كل ما قيل في بعض الإعلام «المؤدلج» في السابق لم تتخلّ عن لبنان ولن تتخلى عنه. السعودية لم تغب عن لبنان كي تعود إليه. إنما الظروف التي عاشها لبنان وتعامل بعض اللبنانيين مع المملكة والسعوديين، هي التي قررت إثرها أن يغيب السعوديون عن البلد الذي يحبونه. ومهمة السفير الأساسية في أي بلد أن يومّن للسعوديين أمنهم وأمانهم في لبنان.

السعودية تقدّر لبنان وتقدّر الشعب اللبناني. بل إن لبنان جزء من الدول العربية التي هي جزء من رؤية «المملكة ٢٠٣٠» التي يتبنها ولي العهد- رئيس مجلس الوزراء السعودي الأمير محمد بن سلمان. والكل يذكر ما قاله الأمير محمد في تشرين الأول من العام ٢٠١٨ في «منتدى مبادرة مستقبل الاستثمار» في الرياض، من أن الدول العربية ومنها لبنان ستكون «أوروبا جديدة» إذا عملت على تطوير اقتصاداتها خلال خمس سنوات.

السعودية تضع لبنان في قائمة الدول العربية التي تريد أن تتعاون معها على الصعد التنموية والاقتصادية. ولقد ناقش السعوديون ونظراؤهم في الحكومة اللبنانية برئاسة الرئيس سعد الحريري يومها، إمكانية توقيع ٢٢ اتفاقية في كل المجالات الاقتصادية والتنموية في العام ٢٠١٨ ووضع المعنيون في لبنان والمملكة مسودات جاهزة للتوقيع بين البلدين الشقيقين. لكن إرادة العرقلة في لبنان كانت أقوى من إرادة البناء والتطوير فتم تجميد التوقيع على هذه الاتفاقيات من قبل الجانب اللبناني حتى يومنا هذا.

المأمول أن يأتي «العهد الجديد اللبناني» بالخير للبنان. البداية من انتخاب رئيس للجمهورية ثم يتم تنفيذ الخطوات الأخرى. وفي هذا المجال، تقول مصادر مطلعة «للسهم» إن الموقف السعودي الذي بلغ للخماسية في اجتماع الدوحة كان هو الموقف «الفصل» في عمل الخماسية. بل يمكن القول إن بيان الدوحة «كتب بالحبر السعودي». السعوديون يرون ضرورة:
عدم المساس بصلاحيات رئيس الجمهورية الماروني.

الفصل ما بين الاستحقاق الرئاسي وسلة المطالب السياسية الأخرى. من الشخصية السنية التي ستتولى رئاسة مجلس الوزراء، إلى تأليف الحكومة، فالبيان الوزاري وغير ذلك.
دور اللجنة الخماسية ينحصر في توفير شبكة أمان دولية من أجل تحديد الخيارات من قبل القوى السياسية مباشرة دون أي إملاءات خارجية.

إصرار المملكة على عودة الجميع الى اجتماع باريس -١. يعني ذلك أن لا تنخرط أي دولة في طرح أي اسم ليكون رئيساً للجمهورية. وإنما على الجميع التقيد بالمعايير التي تحدد هوية رئيس الجمهورية الذي يعمل على انقاذ لبنان. هذه المعايير صارت واضحة ومنها أن لا يكون الرئيس العتيد طرفاً في أي تجمع ضد آخر، وأن يكون غير منغمس في الفساد اللبناني، وأن يكون قادراً على ترؤس الدولة التي تعمل للإصلاحات الضرورية جداً للبنان والتي لا يمكن أن يقوم لبنان مجدداً إلا بها.
السفير السعودي وليد البخاري في كلمته المختصرة، لكن الواضحة جداً أمام الحضور الكبير في وسط بيروت، الذي تولت نقله إلى العالم محطات تلفزيونية سعودية كالعربية والأم بي سي ومحطات لبنانية، قال إن «الاستحقاق الرئاسي شأن سيادي يقرّره اللبنانيون بأنفسهم ونحن على ثقة تامة بأن اللبنانيين قادرون على تحمل مسؤولياتهم التاريخية والتلاقي على إنجاز الاستحقاق الرئاسي».
لكن البخاري تحدث في مكان آخر عن توحيد المملكة، فأكد أن الملك المؤسس المغفور له عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود «إستطاع مع قليل من الرجال وكثير من الإيمان أن يوحد شتات أمة ويلملم أطراف وطن».

كم نحتاج في لبنان اليوم إلى أمثال الملك عبد العزيز لتوحيد الرؤى لدى الشعب والدولة، وإلى أمثال الأمير محمد بن سلمان الذي «حلم وحقق» في المملكة فغدت دولة عظمى يحسب لها ألفُ حساب في المنطقة والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى