الأخبار اللبنانية

ميقاتي: أرفض تكريس أعراف ما دام الدستور واضحاً لم آتِ للمشاكسة ولا أتلقى الرسائل من أحد

يمسك الرئيس المكلّف نجيب ميقاتي كتاب الدستور ويعتبره كتابه وبوصلته في التوصل الى تشكيل حكومة تكون فريق عمل ناجحاً.
اذا سأله زواره ان كان سيبقى رئيساً مكلّفاً من دون أمد محدّد؟ يقول:” كل همّي ان أشكّل حكومة بأسرع وقت، وأن أنصرف الى الاهتمام بهموم الناس والاستحقاقات الأساسية المقبلة على لبنان من اقتصادية وأمنية واجتماعية. حتماً أنا أشعر شخصياً أنه كلما تأخر التشكيل فان ذلك يأكل من رصيدي. والبعض يقول: فليشكلها وينتهِ، من دون ان تكون لديه كل المعطيات. أنا أقول لكل لبناني: أعتقد أن ثمن الانتظار اقل من ثمن تشكيل حكومة لا تكون على المستوى المطلوب، وتكون قادرة على مواجهة التحديات على الساحة اللبنانية والدولية.”
قيل لميقاتي: لماذا لم تقبل بما قبل به الرئيسان فؤاد السنيورة وسعد الحريري في طريقة التعامل مع العماد عون من أجل تأليف الحكومة، أجاب:” أتفهّم ظروفهما لكنني كنت سأكرّس عرفاً، وأنا لا أقبل بتكريس اعراف ما دام الدستور واضحاً. لا يمكن أن نطبّق الدستور يوماً اذا كان الامر لمصلحتنا، ونتجاهل تطبيقه يوما آخر اذا لم يكن كذلك. لأن الوضع في لبنان تحكمه المتغيرات والتقلبات من المفروض أن نتفق على قواسم مشتركة. ما نص عليه الدستور لجهة تشكيل الحكومات أمر واضح جداً. وهنا يفتح الرئيس المكلف كتاب الدستور اللبناني ويقرأ نص المادة 64 وفيها “يجري رئيس الحكومة الاستشارات النيابية لتشكيل الحكومة ويوقع مع رئيس الجمهورية مرسوم تشكيلها، وعلى الحكومة أن تتقدم من مجلس النواب ببيانها الوزاري لنيل الثقة في مهلة ثلاثين يوما من تاريخ صدور مرسوم تشكيلها (…)”  
يذكّر الرئيس ميقاتي أمام زواره كيف كانت تتم عملية تشكيل الحكومات في لبنان، وكيف كانت الكتل الكبيرة تقدم اسماء من تقترحهم للتوزير وتتمنى الحصول على حقائب معيّنة، وكيف كان رئيس الحكومة يختار أحيانا وزراء من خارج من تقترحهم الكتل وكانت حكومته تنال الثقة في المجلس النيابي. ويسأل:” لماذا نرى اليوم واقعا أن كل كتلة تريد فرض أسماء وحقائب معينة وتعتبر ذلك من حقوقها المكتسبة بما يوحي وكأن مجلس الوزراء بات عبارة عن مقاطعات؟ هذا أمر لا يجوز الاستمرار فيه لأنه يشكل ضربا للدستور بكل ما للكلمة من معنى.”
وعن اتهام العماد عون له ، عبر أوساطه ، بأنه لم يشترط على حركة “أمل” و”حزب الله” ما اشترطه على “التيار الوطني الحر” لجهة تقديم ثلاثة أسماء لكل حقيبة، وزارية من باب الاستئناس بالرأي قبل اتخاذ القرار المناسب بالوزير المناسب لكل حقيبة قال: “هذا الكلام غير صحيح، فانا طلبت ذلك من “حركة أمل” و”حزب الله” والحزب التقدمي الاشتراكي ومن كل الكتل والاطراف التي ستشارك في الحكومة، والمسألة قيد النقاش مع الجميع. مع الرئيس بري تناقشنا في الأمر والمسألة واضحة وكذلك مع النائب وليد جنبلاط، ويبقى هناك “حزب الله” والتيار الوطني الحر اللذان لم يقدما لنا بعد اسماء من يقترحانهم للتوزير .
وهل كان المأزق القائم ناتجاً من قبوله تسمية فريق الأكثرية الجديدة له، من دون الاتفاق على شروط أو أطر مسبقة، أو كما يقول البعض الآخر نتيجة التزامه مع “حزب الله” دفتر شروط محددا، يقول ميقاتي أمام زواره: “ليس هناك مأزق اذا التزمنا أحكام الدستور. ثم لو كنا التزمنا مثلا ، “حزب الله” وأنا تعهد معيناً، هل كان سيكون مناقضاً للدستور؟ بالطبع لا، كان الأمر سيكون تحت سقف الدستور.
بكل بساطة انا أطلب العودة الى روحية الدستور في عملية تشكيل الحكومة وتكوين سلطة مجلس الوزراء، لأن هذه العودة تشكل الحل الأساسي لأي مشكلة تواجهنا. لا “حزب الله” طلب تعهّداً، ولا يمكن أحداً أن يعطي تعهّداً يكون منافياً للدستور، وليس هناك أي شيء من هذا القبيل على الاطلاق.”
وعن القول إنه كان يفترض به أن يعرف مسبقاً “المحرقة” التي يقدم عليها، وخصوصاً أن الأسباب التي أدّت الى اسقاط حكومة الرئيس سعد الحريري هي نفسها الشروط المسبقة المقيّدة لمهمته، يجيب أمام الزوّار: “نعم أنا رأيت البلد ذاهبا الى الخراب والاشتعال لو استمرت الامور كما كانت عليه، وأقدمت على الترشح لأنني شعرت بأنني أملك المقومات على وقف الفتنة وحريق الفتنة الذي كان قيد الاشتعال، ولو لم أفعل ذلك لما كان يجدر بي أن أدخل العمل العام. اذا كنت أعمل في الحقل العام ورأيت حريقاً يطول الوطن، ولم أسرع لاطفائه، حتى ولو بجسدي، فلا أكون عندها على مستوى العمل العام. لقد كنا ذاهبين حتما الى الفتنة والى مخاطر ومشاكل في البلد أكبر بكثير مما كنا نتوقع، وها أن الايام التي أعقبت تكليفي أثبتت أن البلد يمرّ بفترة استقرار مقبولة . حتى ولو أن عملية تشكيل الحكومة قد تأخرت بسبب الشروط والظروف المعروفة،  فقد نجحت في تأمين فترة استقرار مقبولة في لبنان رغم الحرائق الكبيرة والاضطرابات الخطيرة التي تشهدها المنطقة. هذا الاستقرار هو الأساس واذا كنت نجحت في تأمينه حتى الآن”.
وبالسؤال عما يوجه اليه من اتهامات بأنه يؤخر تشكيل الحكومة لاعتبارات شخصية واقليمية ودولية، يجيب ميقاتي أمام زواره: “أسمع مواقف للبعض مفادها أن لا مصلحة لنا، أنا وفخامة الرئيس سليمان، بتشكيل حكومة، ويذهب البعض الى القول بأن ذلك هو بسبب تلقينا رسائل اميركية في هذا الاطار كررته أخيرا السفيرة كونيللي في اجتماعها معي. أؤكد وأجزم أنه ليس هناك أي رسالة من هذا النوع، ولم يجرِ أي بحث، معي شخصياً ولا مع فخامة الرئيس، في موضوع التريّث بتشكيل الحكومة أو في عدم التريّث. انا وفخامة الرئيس لدينا ثوابت أساسية في تشكيل هذه الحكومة هي أولاً التزام الدستور، وثانيا حماية السلم الأهلي والاستقرار في البلد، وثالثاً، حماية الاقتصاد الوطني. هذه الثوابت نتمسّك بها في أي معادلة في تركيبة الحكومة. واذا لاحظنا أي اخلال بهذه الثوابت في عملية التشكيل فلا أنا ولا رئيس الجمهورية نقبل بتأليفها. ليتوقف من يطلقون المواقف كل يوم عن القول أننا تلقينا رسالة أميركية أو غير أميركية، فنحن لا نتلقى الرسائل من أحد وسنظل ثابتين على حرصنا على هذه الثوابت الثلاث.
ويسأله زوّاره: كيف يطمح الى تشكيل فريق عمل ناجح اذا كان ممنوعاً عليه أن يمتلك الثلث المعطّل مع رئيس الجمهورية والنائب جنبلاط،؟ وهل يقبل بأن يكون على رأس حكومة قد تتخذ قراراتها في مكان آخر ويصادق عليها في مجلس الوزراء؟ يجيب ميقاتي “كل هذه الأسئلة هي الاجابة الواضحة عن اسباب تأخر تشكيل الحكومة. الاهم من عملية تشكيل الحكومة هو كيف أستطيع ان أحكم مع فريق عملي لما فيه خير البلد.
أنا لن أدخل الحكومة لأكون في حفلة مناحرة أو مشاكسة، ولا أؤمن أصلاً بالثلث المعطّل، لأنني لا أدخل الحكومة لأعطّل. يقول لي البعض: أقدم على التشكيل بأي ثمن ما دمت تملك ورقة استقالة الحكومة بيدك وحدك، وجوابي هو عملي داخل الحكومة هو التهديد بالاستقالة أم التعاون مع فريق العمل الوزاري لتنمية البلد؟”.
وتناول ما تردد عن وجود مقاربة جديدة لعملية تشكيل الحكومة، فقال: “كل الامور قيد البحث، ولكن لا شيء نهائياً بعد. ما زلنا نعمل لوضع الصيغة القديمة التي تم التوافق عليها قيد البحث . كما أننا نحن نحاول قدر المستطاع مع الجميع الحفاظ على ما تحقّق من أجل عدم العودة الى نقطة الصفر”.
وهل كان التوافق قد حسم في حقيبة الداخلية، أم سيعاد النظر فيه مجدداً يكرّر: “عندما نستكمل البحث والتفاهم على كل شيء سنرى كيف ستكون الصيغة النهائية “.

20/5/2011 – جريدة النهار – هدى شديد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى