الأخبار اللبنانية

كلمة الرئيس نجيب ميقاتي في الحفل التكريمي للموظفين والعاملين في رئاسة الحكومة وممثلي وسائل الإعلام المعتمدين في السرايا

أيها الأحباء،
أنا سعيد جداً أن أكون بينكم اليوم، وأن التقي هذه الوجوه المحببة إليّ والتي تعاونت معها على مدى إقامتي في هذا الصرح. دخلت السرايا قبل أقل من سنتين والحذر ينتابني خوفاً من نقل الإنقسامات في البلد إلى داخل هذا الصرح، لكنني أعترف اليوم أنكم كنتم خير مثال للمؤسسة الفريدة التي تعمل من أجل الدولة والمحافظة على المؤسسات والتقيد بالقانون من كل جوانبه الدستورية والمالية والإدارية.

بوركتم على هذا العمل حيث أثبتم يوماً بعد يوم أن ولاءكم الحقيقي، يتعدى الأشخاص، وهو ولاء لعملكم وبالتالي إخلاص للدولة.

هناك فارق كبير بين العمل السياسي والعمل الإداري، فالعمل السياسي متحرك والعمل الإداري ثابت. تتغير وجوه السياسيين وتبقى الإدارة، تراكم خبرتها وتوظفها في خدمة الوطن. وأنا من موقعي أوصيكم بالمثابرة على تحصين الإدارة اللبنانية من الأهواء والأهوال والجنوح نحو الفساد.

ثقة الناس بالدولة هي ثقتهم بالإدارة، والإدارة هي العمود الفقري والأداة التنفيذية للدولة، فحصّنوا الإدارة وامنعوا كل محاولة عبث بأسسها، وحاسبوا كل مرتكب لأن ارتكابه يصيبكم جميعاً، بل يصيبنا جميعاً.

أيها الإخوة،

يتساءل البعض اليوم ماذا حققت هذه الحكومة. منذ سنتين كنا على شفير حرب مذهبية مع صدور القرار الظني في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري.

صدر القرار الظني وكنا في أول جلسة لمجلس الوزراء، ندرس البيان الوزاري، أحسنا التصرف ومرت الأيام والبلد مستقر والمحكمة مستمرة ولبنان ينفذ التزاماته الدولية كاملة ليثبت مرة أخرى أنه إبن المؤسسات الدولية، لا يعاكس قراراتها، بل ينفذها كما فعل مع القرار 1701 الذي خرقه العدو الإسرائيلي مراراً ولا يزال، والتزمت به الحكومة اللبنانية إلتزاماً كاملاً ولا تزال.

حصلت أحداث أمنية متعددة تعاملنا معها حينا بالروية وأحيانا بالحزم، إعتمدنا الصبر سبيلاً وتلقينا سهام اللوم عليه، لكننا كنا ندرك الأهوال ونعدّ العدّة للاسوأ، ونمنع إستدراج الجيش والقوى الأمنية إلى مستنقعات النزاعات المختلفة، ونجحنا.

عقدنا مئة وإحدى عشرة جلسة لمجلس الوزراء واتخذنا أربعة الآف وتسعمئة واحد عشر قراراً وأربعمئة الآف وأربعمئة وإثنين وعشرين مرسوماً. ومن بين القرارات  تحديد إحداثيات المنطقة الإقتصادية الخالصة، هذا المشروع الواعد للإقتصاد اللبناني باستخراج النفط والغاز من مياهنا الإقليمية، إعداد مشروع قانون سلامة الغذاء وتعديل قانون تشجيع الإستثمار، توسيع المنطقة الحرة في مرفأ طرابلس وتلزيم الأشغال والصيانة للطرق في مختلف المناطق اللبنانية وإقرار سلسلة من المراسيم ومشاريع القوانين المتعلقة بالبيئة والأثر البيئي.

أقررنا مشروع قانون لاستعمال الغاز والمازوت للسيارات وتوسيع نطاق عمل النقل المشترك. كلفنا الجهات المختصة دراسة مستلزمات النقل الجوي عبر مطار رينيه معوض في القليعات ومطار رياق.

أقررنا البرنامج الوطني لدعم الأسر الأكثر فقراً وخصصنا له الأموال اللازمة، وهو باشر عمله فعلياً.

وضعنا الخطة الإستراتيجية الوطنية للمرأة في لبنان، كما لوقاية وحماية الأطفال من سوء المعاملة، وأعدنا العمل بقانون تعيين أصحاب الحاجات الخاصة في ملاكات الإدارات والمؤسسات العامة والبلديات.

أقررنا مشروع قانون مدّ خط أنابيب الغاز من البداوي إلى صور، كما وقّعنا عقد استجرار الطاقة بواسطة البواخر، واليوم بدأ العمل بها، ولتأهيل معملي الذوق والجية.

أقررنا الوثيقة الشبابية ومشروع قانون الوساطة القضائية والبوابة الإلكترونية الحكومية التي تمنح الحق في  الحصول على المعلومات وإستحداث إدارة خاصة للمعلوماتية والتخطيط والبرمجة في كل الوزارات.

على الصعيد الإقتصادي استطعنا تحقيق حوإلى اثنين  في المئة من النمو وأيضاً نعد بأن عام 2013 سيكون عاماً أفضل. قد يقول البعض إن هذا الرقم متواضع ولكن عندما نعلم ماذا يحصل في المنطقة والمحيط الإقتصادي الصعب الذي نحن موجودون فيه، يتبين أن هذا الرقم جيد خاصة وأننا حافظنا على وتيرة النمو المصرفي ونمو الودائع وعلى زيادة حركة التسليفات المصرفية.  

أحبائي،

مع تسمية الرئيس المكلف ومباشرته مرحلة الإستشارات أشعر بالطمأنينة إلى مستقبل مؤسسة مجلس الوزراء كونها بأياد أمينة، ولا يسعني هنا إلا أن أنوّه بإدارة هذه المؤسسة، وكل موظف وعامل فيها، ولكن لا يمكن أن أنسى الصديق الصدوق الذي كان دائماً إلى جانبي الدكتور سهيل بوجي، الأمين بكل معنى الكلمة، حيث عشنا معا أياماً صعبة، غلّفتها محبة وأخوة وإخلاص لم أشهدهم من شخص في حياتي إلا من شقيقي. حقاً يا سهيل، لقد كنت دائماً إلى جانبي وأشكرك على كل ما عبّرته لي من ثقة وإخلاص ومحبة. إنك قيمة دستورية وقيمة قانونية وقيمة إدارية. إنك ذاكرة الجمهورية.

وأضيف: الطمأنينة رافقتني بوجود سرية رئاسة الحكومة بقيادة العقيد أحمد الحجار الذي كان دائماً إلى جانبي مع ثلة من الضباط الذين ميزتهم المناقبية والتفاني.

ولا يفوتني أن أشكر الجهد الجبّار الذي بذله الفريق الإعلامي المواكب من كل المؤسسات الإعلامية المكتوبة والمرئية والمسموعة والإلكترونية وأتمنى أن يبقى الإعلام على الدوام رسالة توحيد وجمع وتلاقي.

في النهاية،

لقد قرأت في إحدى الصحف مقارنة بين ما حصل معي في الأيام الماضية وما حصل مع آخر الخلفاء الأمويين الذي قيل بأنه تسبّب بضياع الخلافة في مسايرة أخصامه وعدم الإستجابة لحلفائه. إبتسمت وقلت نِعْمَ المقارنة لأن في الحالتين بقي الإسلام منتشراً، ويبقى لبنان وطن التوازن والرسالة  والعيش الواحد، ولكن ليعرف القاصي والداني أن لبنان سيبقى وطناً ديموقراطياً يتم فيه تداول السلطة وتبقى مؤسساته قائمة ولو تبدّل الأشخاص.

هذا هو النهج الصحيح للوسطية التي كنت ولا أزال ألتزم بها وأعمل لكي تصبح نهج التعاطي السياسي في لبنان. لبنان أهم من كل فرد وأهم من كل مؤسسة وأهم من كل وزارة. لبنان هو كلنا وكلنا لبنان.

عشتم وعاش لبنان.  

ندعوكم إلى زيارة الموقع الإلكتروني لدولة الرئيس نجيب ميقاتي للإطلاع على مختارات من مقالات الصحف اللبنانية والأجنبية المتعلقة بإستقالة الحكومة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى