المقالات

أليكسا الإعلامية – بقلم/ ياسمين الايوبي

قد سبق للبنان و مر بعواصف كادت أن تقتلعه عن وجه الكرة الأرضية و تمسح

هذه النقطة التي تشغل العالم من الخريطة كلّها ، ولكن اليكسا كان لها طعم آخر ونكهة جديدة قام الإعلام اللبناني بترويجها و متابعة مراحلها بالتفصيل ، فمن بداية الأسبوع والنغمة الموسيقية تكرر نفسَها بأن عاصفة ستضرب لبنان إعتبارا من يوم الثلاثاء وهي عاصفة سيترافق معها سقوط الثلوج و الأمطار وقد اصطلح عليها الخبراء اسم اليكسا . هي عاصفة روسية المنشأ خيبّت الآمال و جاءت متأخرة ،فلم تكن على قدر الترحيب و التضخيم الإعلامي جاءت حاملة رياحا و ثلوجا بيضاءا غطت تلال المناطق على مرتفعات منخفضة ، جاءت محملة بالصقيع والبرودة القاسية و اللآجئين السوريين لا تحميهم سوى خيمات وهينة الأساس ضعيفة المتانة ، إذا كانت الفراش الدافئة تأوي بردنا فما الذي يلتحف ارتجاف طفل يرتمي بضعفه أمام شق الخيمة ؟؟! شغلنا الإعلام بأنفسنا فنسينا نفوس البشر المشردة ما بين الجوع و البرد، فهذه السلطة الرابعة لا تنفك أن تتحكم بتغيير مسار تفكيرنا ، فكما يحلو لها توجه عقولنا بالاتجاه المرغوب ونحن نسير في الدرب كالعميان لا بل كالأغنام دون أي اعتراض . يُقال أنّ الحقيقة ضالة المؤمن فأين نحن من الإيمان ؟؟؟ ، أعمتنا البديهيات فظننا أن الأخبار الإعلامية قد لا تكون يوما في صالح الحقيقة و خدمة الناس و الوطن ، نحن أمة تحب الإستهلالك و تحب أن تتناول الطعام الممضوغ ، لا نستطيع الإنتاج لا لأننا عاجزون بل لأننا صامدون بجهلنا و لا نريد أن نكون فاعلين …، ليس الكلام عن الإعلام هنا فقط بصدد ما قاله عن العاصفة و إنما عن كل المواضيع و”الخبطات ” التي يقوم بها لتشتتيت الناس على هواه . في العصر العباسي كان هناك كثير من الصراعات و الخلافات السياسية وكان الناس منهمكون في الأمور الإجتماعية و السياسية و مراقبة التفاصيل ، فطلب أحد الملوك أن يُكتب كتاب ألف ليلة و ليلة ، و هو كتاب يتضمن مجموعة من القصص الخيالية وهو ينتمي للفن المحكي ، وطلب الملك من “الحكاواتيين ” في ذلك العصر أن يجمعوا الناس في المقاهي و يروا لهم هذه القصص مقابل مبالغ من المال ،فتم الأمر و انشغل الناس عن القضايا الوطنية بالقضايا الأدبية و بات كل فرد ينتظر في كل يوم نهاية القصة ، بدلا من نهاية الخلافات …. فمن هنا نستنتج وخصوصا في عصرنا الحالي أن هناك أفكار كثيرة تريد أن تبعثر توجهاتنا الفكرية للننشغل عن إهمال السياسيين و تجاوزاتهم بأمور تافهة كنا قديما لا نأخذها في الحسبان، على المواطن اللبناني عامة و الطرابلسي خاصة أن يكون أكثر وعياً لخطورة هذا الواقع ، طرابلس باتت مدرسة للقتل والظلم كل جولة تخرّج شهداء لقضية لا قضية لها ، في كل معركة ترتكب في حقنا جرائم لا تغتفر و الإعلام اللبناني ينأى بنفسه عنها ليدخلنا في عالم الغفلة وفي دوامة التشرذم و الضياع … لبنان وطن الطوائف ووطن الإعلام الطائفي ، كل قناة تابعة هي منبر للتحريض و ليست منبر للحق و التنوير ، تمدح متبوعها بكل ما أوتيت من قوة ،و ترمي أبناء هذا الوطن المكلوم في شباك الفتنة ، كلنا أخوة ليس في المذهبية و حسب إنما في الوطنية ،علّ الإعلام اللبناني يحمل هذا اللواء رسالة للعالم أجمع ….

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى