المقالات

الرئيس د. محمد مرسي … رئيس سابق لأوانه ..! بقلم: *عبدالله خليل شبيب*

.. لم يكن من المعقول أن يتصور أحد أن الصهاينة وحلفاءهم .. يفرطون بسهولة .. في كنز – أو [كنوز استراتيجية ] تتمثل في مصر [ وثورها المخلوع]!.. أو أنهم سوف يسكتون على تقطع [ حبال الموساد ] التي كانت تلتف حول أعناق الشعب المصري .. عبر التنسيق [ بل التبعية الكاملة ] لأجهزة ورموز قمعية وسياسية وإعلامية  مصرية..وغيرها .. [ ضيع إثبات-كل ذلك – حرق وإخفاء الأدلة ] الذي رُتِّب- وحصل- في عهد وزارة الفوضى التي ما اختير شفيق إلا لها [ لطمس الأدلة وتهريب الأموال المنهوبة من النخب الحرامية والحاكمة والقامعة ]!.. مستغلين بذلك الفوران الشعبي – غير المنظم – ..إلخ
لا بد أن [الدولة العميقة ] – كما يسميها البعض- واكبت ثورةالشعب المصري وانتفاضته – ساعة بساعة بل لحظة بلحظة ..ولم يضيع [ المخططون الأخفياء ] وقتا .. فالموساد الصهيوني والمخابرات الأمريكية..وسائر قوى الشر العاتية ..ووراءها     [ ناعقون كثر ومرضى نفوس وموتورون ..إلخ ] ساهموا في التشويش والتشويه والبلبلة ..إلخ
وبالطبع .. – وفي ضوء [ انتتهاء صلاحية حسني ..وعهده البالي] ..- ومن معه ممن شبعوا من أموال وجلود ودماء الشعب المصري ..فقد بشموا وما فنيت كل العناقيد – كما قال المتنبي – وإن كادت تفنى !
.. وجاء دور تغييرهم ..وهذا ما حرص [ المخططون الأخفياء المواكبون لثورة الشعب العفوية ] على استغلال تلك الثورة وللظهور بتلبية مطالب الشعب [ وإشفاء غليله] ..وإحداث [ تغييرات شكلية محدوة ] – مع المحافظة على روح النظم المصنوعة لحراسة البؤرة الصهيونية -..ولذلك كانت مسرحيات المحاكمات المخففة ..والمحافظة على الأموال المنهوبة ..وقلة استرجاعها ..والتباطؤ فيه ..إلخ ..والدور المتقن الذي لعبه المجلس العسكري ..والذي يعتبر من العهد السابق – ورئيسه وزير دفاع حسني [السابق أيضا ]..
… كل ذلك معلوم مشهود ..و[ الجهود الخفية المصاحبة لمجريات الثورة ] لم تتوقف ..ولا تنام ..!
ولعل [ قطع الطريق] على استمرار [ سوق] تلك اللعبة ..إلى ما كان يريد                     [ المخططون الأخفياء ] ..هوالذي دفع ( الإخوان ) إلى [ نكث عهدهم ] ونزولهم لانتخابات مجلس الشعب بقوة أكثر مما وعدوا – وترشيح بعضهم للرئاسة .. مما فاجأ الكثيرين ..!
فالإخوان هم التكتل الأكبر والأكثر تنظيما ..والأوضح مناهج والأضبط سلوكا .. والأنصع اعتقادا – بحيث يتعذر [ شراؤهم ] بأي ثمن دنيوي [ من مال أو نساء أو نفوذ ] أو نحو ذلك مما اعتاد [ نخاسو السياسة ] أن يشتروا به الآخرين.. لأن هؤلاء يبتغون ما عند الله ( ألله غايتنا ) فهم يريدون الجنة ..ولا يستطيع أحد من الناس أن يعطيهم إياها ..إلا خالقهم عز وجل !!
..,لذلك كانوا ( أعصياء ) على الإغراءات الصهيونية والأمريكية وغيرها .. ..وهذا ما جعل الصهاينة [ينعقون ] بالويل والثبور وعظائم الأمور .. لنجاح الإخوان ومرشحهم الرئاسي .. حتى صدرت العناوين الرئيسة في الصحف اليهودية .. [ تنعى وتعدد !] فقد كان عنوان صحيفة [ يديعوت أحرونوت العبرية ] يوم إعلان نجاح د. مرسي في الرئاسة المصرية .. :    [ يوم أسود – أو سواد على مصر !].. وما أشبه ذلك من العناوين .. ! وكان رئيس وزارتهم [ النتن – ياهو ]  لم ينم الليل وهو يتابع معركة الفرز وإعلان النتيجة ..!
ولعل [المخططين الأخفياء ] كانوا يراهنون على عفوية الثورة وشعبيتها ( غير المحددة وعاطفيتها الغالبة ) – وهم يتقنون التعامل [ مع العقلية الجمعية] – بفنية وعلمية واقتدار ! ..ولم يكونوا يحسبون وجود تيار عقائدي منظم – عصي عليهم – يكون صلب الثورة ووقودها وضمان صمودها ونجاحاتها – حيث لم يبرز (العنصر الإخواني ) من أول الثورة – بالرغم من الدور الرئيسي والمهم للإخوان فيها – كما اعترف حتى بعض خصومهم- ..وذلك تجنبا [ لتأليب العالم ] داخليا وخارجيا ..على الثورة ..وتخويف الناس من الإخوان- ومن الإسلام..وتصوير الأمر على أنه مجرد مشاغبات ..أومحاولات تمرد على السلطة ..وثأر من الإخوان ممن أمعنوا في إيذائهم ..وسجنهم وتعذيبهم..وإقصائهم – بمختلف الأساليب – وخصوصا التزوير [والبلطجة ] ..إلخ!
..ولربما كان هذا ما دفع الإخوان للاستعجال بالتقدم والظهور في الساحة – خلافا لما كان يتوقع ويُنصَحون به – حيث يبدو أنهم خشوا إن وكلوا الأمور إلى غيرهم ..واكتفوا بالبقاء في الظل ..إلى أن يصلح العهد الجديد ..بعض أخطاء العهود البائدة .. فيتقدموا للأمام خطوات – قبل أن يستلموا المسؤولية مباشرة .. ولكنهم [ استعجلوا ] فيما يبدو – مضطرين ..حين رأوا الخطر الداهم يحيق بالثورة وإنجازاتها !
.. وإلا فأي عاقل يقبل أن يرث أوضاعا .. [ قريبة من الصفر ] في كل شيء .. فهو كمن يتكفل بإحياء جثة شبه هامدة ..وإلا تحمل اللوم ..واتهم بالفشل والتقصير .. !!
.. فكيف وهو مكبل .. محاصر ؟!..كما قيل
ألقاه في اليم مكتوفا وقال له           إياك أياك أن تبتل بالماءِ!
..   المهم أخيرا ..أن إعلان فوز الدكتور محمد مرسي على الفريق أحمد شفيق – في انتخابات الإعادة .. – بالرغم مما شاب ما سبق –وهو كثير ومثير – ..وكان الكثيرون يتوقعون [ تفويز وترجيح شفيق ] ..ولكن يبدو أن [ المخططين ] عدلوا عن ذلك ..لما كانوا يلاحظونه.. من احتقان الشارع واحتمال انفجاره .. إذا أعيد [ إنتاج العهد البائد ] صراحة بإنجاح آخر رؤساء وزاراته .. ليعيد مصر إلى نفس الدوامة التي بذلت الكثير لتتجاوزها ..!
فما كان من [ شفيق ] إلا أن سارع إلى الهرب – واللجوء إلى [ مزبلة الفلول ].. لاحقاً بعمر سليمان وغيره .. حاملا معه ما نهب من خيرات مصر مما خف حمله وغلا ثمنه .. فقد بلغ وزن حقائبه [7110 كيلو غرامات ]!!
.. .. وبالفعل .. فقد كان إعلان النتيجة الصحيحة : باختيار شعب مصر للدكتور محمد مرسي رئيسا- .. مجنبا لمصر توقع انفجار شعبي شامل[ فيما لو أُعلنت النتيجة الواضحة التزوير المبنية على سلسلة من التزويرات وغيرها !] .. وشعر الكثيرون بالارتياح والانفراج – داخل مصر وخارجها – ليس لأن الناجح من الإخوان المسلمين .. – فليس كل الناس – ولا كل رافضي العهد السابق هم من الإخوان ..ولكن ..لأن [ كابوس عودة العهد البائد ] قد زالت غمته .. وبدت بتاشير عهد جديد .. – سُبِق – وأُحيط – بقرارات وإجراءات عسكرية         و[ قمعية ] تقيد حركة الرئيس المنتخب .. بل [ والشعب المنتخِب= بحل مجلسه ] الذي اختاره بمحض رغبته وإرادة أغلبيته في أول انتخابات حرة وحقيقية في تاريخ مصر !.. وكذلك بإجراءات أخرى معروفة كما سمي [ الضبطية القضائية = وهي صورة من الحكم العرفي العسكري ! ] ..وما يتعلق باللجنة التأسيسية لوضع الدستور …وغير ذلك ..هذا عدا عما [ احتفظ به المجلس العسكري لنفسه ] من كل ما يتعلق بالشؤون الحربية والخارجية والمعاهدات ..إلخ
.. لقد حاول الرئيس الجديد .. أن يراهن على الشعب وهيئاته .. وعلى الديمقراطية ومبادئها .. وعلى العلانية والشفافية [ في مواجهة الكواليس المظلمة المخططة ] ..مما جعلهم ينثنون للعاصفة [ مؤقتا]..!
لا يجادل أحد في نقاء الرئيس وإخلاصه وتقواه واستقامته ..وإرادته الخير لكل المصريين والعرب والمسلمين ..!
.. ولكنها نقلة واسعة جدا .. العبور من [ عصور فرعونية] مضت عيها آلاف السنين وهي  تجدد نفسها – حينا بعد حين – حتى اعتادها معظم الناس ومرسوا – ومردوا عليها .. واعتبروها قدرهم [المستسلم له] .. .. إلى عصر – ونمط من المسؤولين – يشبه عصرالصحابة..أو يتمثل بهم!
.. لا شك أن ذلك [التواضع والزهادة والطيبة ] ستغري الكثيرين بالتمرد والتطاول .. مما يشجع [العناصر المعادية والخبيثة والخفية ] إلى تصعيد التشويش والتشويه والتطاول والسخرية..والتصيد ..ووضع العقبات فعلا ..! .. خصوصا تلك [العناكب الخبيثةالمشبوهة ] المعششة في الإعلام وغيره ..والتي لا راحة لمصر ولا استقامة إلا بتطهيرها !!
.. إن مما تعلمنا من المصريين : ( أن كثيرا من الناس [ كالزنبرك = الياي – بالمصرية ] لا يسكن ، ولا يستقيم حاله إلا بالدوس الدائم عليه ..! فإن رفعت عنه [ حذاءك ] ثار ونفر في وجهك )!! وهكذا – بالفعل كثير ممن نعقوا – كالغربان على نتيجة الخيار الشعبي .. ولو شئنا لسمينا بعضهم..ولكنهم يعرفون أنفسهم – والشعب المصري يعرفهم جيدا .. !
.. نحن نتمنى أن ينجح ( نهج ) الرئيس الجديد ..  في البساطة والإخلاص والتجرد والنزاهة .. ..ولكن ..أين الأجهزة والأشخاص والمؤسسات ..إلخ ..المستعدون للتجاوب مع هذا النهج     ( الصِّدّيقي ) .والالتزام به ..والسير بموجبه .. في بيئة ورثت أمراضا لا حصر لها في جميع الميادين والمستويات .. فقلما تجد نزيها لايسرق أو لا بقبل الرشوة ..أو .. أو
فمن أين يأتي الرئيس الجديد .. بأجهزة وموظفين ..وكوادر من(الأمناء النزهاء ) الذين يتقون الله ..ويؤمنون بأن أي تجاوز سوف يحاسبون عليه في االآخرة – قبل الدنيا – حسابا عسيرا ؟ ” فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ؛ ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ” .
إن الرئيس الجديد ( النزيه ) يسبح في [ عباب متلاطم ] من مخلفات العهد البائد وفساده وإفساده ..- وهو غير مطلق اليدين تماما .. والعيون ترقبه لاستغلال أية غلطة أو تقصير – ولا بد من ذلك لكل بشر – ..وهو لا يملك العصا السحرية ..بل هنالك الكثير من [العصي ] أُلقيت وستُلقى باستمرار – في عجلات مسيرته ( النظيفة ) ..
إننا لنشفق على [ سيادة أو فخامة ] الرئيس – وهو يرفض هذه الألفاظ بالتأكيد -..ولكنا نصر عليها -.. ونتمنى له كامل النجاح والتوفيق والتسديد من الله ..ونعلم أن الله يكون مع كل مخلص يتولى أمر الناس بأمانة وإخلاص .. وينزل إليه ملكا يسدده .. !
نرجو له أن ينجو من كل [ الألغم ] والعقبات .. التي قد توضع في طريقه ..وأن يلهمه الله الخير والصواب ويعينه للرقي بمصر والعرب إلى ما نتمنى ويتمنى كل مخلص !
إذن ..مهمة الرئيس الجديد صعبة جدا .. وفي ظروف صعبة معقدة .. فهل يملك أن يخرج      ( مصر أم الدنيا ) من كل مصائبها السابقة ..ويبدأ بها عهدا جديدا .. يعيد لها كثيرا من رونقها وبهائها ومكانتها ( وشبعها ) و…؟؟!
” .. أدعُ إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة ..وجادلهم بالتي هي أحسن ..إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله ..وهو أعلم بالمهتدين *..وإن هاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ..! ولئن صبرتم لهو خير للصابرين* واصبر وما صبرك إلا بالله ..ولا تحزن عليهم ولا تك في ضَيْقٍ مما يمكرون * إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون ..” ( النحل :125-128)
..”ونريد أن نمن على الذين استُضعِفوا في الأرض ..ونجعلهم أئمةً ..ونجعلهم الوارثين* ..ونمكن لهم في الأرض..ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون ..”!! ( القصص:5-6)
… هذا قول الله .. ( ومن أصدق من الله قيلا)؟!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى