الأخبار اللبنانية

أنطوان صفير :الاستشارات النيابية ملزمة لكن التزام نتائجها رهن بمقتضيات الوفاق

اشار استاذ القانون الدولي الدكتور انطوان صفير الى ان الاستشارات النيابية مسألة تحتاج الى اجتهاد قانوني يحدد اطارها العام، لافتاً الى ان صلاحيات الرئيس ليست احتساب الاصوات حصراً.

وقال صفير، في حديث الى صحيفة “النهار”، “ان النائب عندما يقترح اسم مرشح او اكثر ويبلغه الى الرئيس فانه ملزم السرية حتى اعلان الرئيس عن اختياره الرئيس المكلّف. اذ ان صلاحية الرئيس ليست محدودة باحتساب الاصوات، كما ان للنائب الحق في اختيار اكثر من اسم. والا لكان النص الدستوري قد اتى على غير ذلك.”

ولفت الى انه لو أراد المشرّع إلزام الرئيس الاحتساب العددي للاصوات لكان ذهب في منحى آخر وهو اعتماد مبدأ انتخاب رئيس الحكومة في مجلس النواب وفق ما جاء في اوراق ومشاريع اصلاحية عدة وردت قبل اتفاق الطائف، وابرزها الوثيقة الدستورية، مشيراً الى انه لذلك فإن للرئيس صلاحيات استنسابية في اختيار من يراه مناسباً للمرحلة السياسية، ومن يحقق منطق الوفاق الوطني في الحد المقبول، وذلك من بين الاسماء التي نالت عدداً متقارباً من الاصوات. وخيار الرئيس يصبح نافذاً بعد اعطاء مجلس النواب الحكومة الثقة، واذا حجبها المجلس، اصبح الرئيس ملزماً اعادة الاستشارات وفق توجهات المجلس.

وشدد صفير على ضرورة التمييز بين الاكثرية البرلمانية الموجودة في مجلس النواب والاكثرية العددية التي نالها شخص معيّن بغية تكليفه تشكيل الحكومة، لافتاً الى ان الرئيس غير ملزم بشكل حصري من نال العدد الاوفر، لكن هذا لا يعني انه مطلق الصلاحية في اختيار من يشاء، اذ ان للاستشارات النيابية دوراً محورياً في اعطاء الرئيس هامشاً ولكنه هامش محدود يستعمله، باعتباره الساهر على الدستور وحارس الوفاق الوطني بحكم انه وفق الدستور “رئيس الدولة ورمز وحدة الوطن، يسهر على احترام الدستور والمحافظة على استقلال لبنان ووحدته وسلامة اراضيه وفقاً لاحكام الدستور.

واضاف: “ان الموجب الواقع على الرئيس باطلاع رئيس مجلس النواب على نتائج الاستشارات يأتي تكريساً للديموقراطية التوافقية المعمول بها لكي لا يتفرّد رئيس الجمهورية بالموضوع. ولكن هذا لا يعني ان الرئيس ملزم اختيار من نال العدد الاعلى من الاصوات، فخياره كما أسلفت، ينطلق مما يراه مناسباً تحقيقاً لمقتضيات الوفاق الوطني. وبعد التكليف، يبقى للرئيس الحق الدستوري في عدم توقيع تشكيل اي حكومة لا تتناسب مع العيش المشترك تطبيقاً لنص الفقرة “ي” من مقدمة الدستور التي ترتدي القوة الالزامية للدستور نفسه. وهي تشير الى ان “لا شرعية لاي سلطة تناقض ميثاق العيش المشترك”.

واكد صفير ان الرئيس ليس صندوق بريد ولا صندوق اقتراع على الاطلاق، لافتاً الى ان اعتبار الدستور ان “الاستشارات ملزمة” فهو تأكيد ان الرئيس ملزم اجراء الاستشارات النيابية وليس كما كانت الحال قبل التعديلات الدستورية التي وردت تطبيقاً لاتفاق الطائف، عندما كان يختار من يريد.

واعلن ان منطق تصريف الاعمال ينطلق تطبيقاً لمبدأ استمرارية المرفق العام، بمعنى انه لا يجوز ارساء الفراغ في السلطة الاجرائية، لافتاً الى ان مجلس الشورى الفرنسي (1966) ميّز كما مجلس شورى الدولة في لبنان (1969) بين الاعمال العادية وتلك التصرفية، اي اتخاذ قرارات تنفيذية لا تفرضها الضرورة او السرعة او موجبات ناشئة عن التزامات لبنان الخارجية.

واشار صفير الى ان لا مدة زمنية محددة لتصريف الاعمال، ولكن المنطق يشير الى انها مدة معقولة، مؤكداً ان تصريف الاعمال هو حالة قانونية استثنائية يجب ان تكون قصيرة المدة.

ولفت الى انه كلما طالت مدة تصريف الاعمال، توسع اطارها بحكم الضرورات والمتطلبات، مشيراً الى ان اعتبار الحكومة مستقيلة “حكماً” يفتح الباب “حكماً” لانعقاد مجلس النواب الذي يعتبر في عقد استثنائي، وذلك لتأكيد دور المجلس كسلطة ام بعدما اعتبرت الحكومة مستقيلة، وبالتالي فقدت ثقة المجلس اذا جاز التعبير.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى