الأخبار اللبنانية

الوزير فيصل كرامي في صالون فضيلة فتال الادبي

تساءل وزير الشباب والرياضة فيصل كرامي “هل طرابلس قادرة على تغيير بحصة في صراع دولي يبدأ من واشنطن ولا ينتهي عند موسكو؟ وماذا جنت طرابلس من 14 آذار ومن 8 آذار وما هي علاقتها بالفريقين معاً”؟ وأوضح كرامي أنه في حال ربحت 14 آذار فسيعم الخير وسط بيروت وجزء من جبل لبنان، واذا انتصرت 8 آذار فإن الخير سيعم وسط بيروت والضاحية الجنوبية وجزء آخر من جبل لبنان وطرابلس في الصفوف الخلفية لزوم التصفيق والهتاف”.
ودعا النخب الطرابلسية وأهل الرأي والهيئات الشعبية الى السير في عكس 8 وعكس 14 آذار، وقال: “يا جماعة لم نعد نحب آذار”. وكرر موقفه الذي اطلقه منذ توليه المنصب الوزاري الى “التكاتف ومد اليد للجميع من أجل انماء طرابلس وامن طرابلس والى حلف طرابلسي خارج كل الاصطفافات السياسية”. ووصف كرامي “أي ورقة تنزل في الصندوق في أي قانون انتخابي لدعم معارك آذار وليس معركة طرابلس هي ورقة خيانة للمدينة وخيانة للذات والعقل”. كلام الوزير كرامي جاء خلال ندوة له أقيمت في صالون فضيلة فتال الأدبي في طرابلس تحت عنوان “طرابلس بين الواقع والمرتجى” بحضور نخبة من الشخصيات السياسية والاقتصادية والبلدية ورؤساء جمعيات وشخصيات ثقافية وانمائية ونقابات مهن حرة من مهندسين ومحامين وأطباء وهيئات ومنظمات انسانية محلية ودولية.
في البداية تحدثت مسؤولة الصالون عضو المجلس البلدي في طرابلس السيدة فضيلة فتال مرحبة بالوزير كونه سليل بيت سياسي عريق في طرابلس وهو الأجدر الذي يحكي عن طرابلس بين الواقع والمرتجى فأهل مكة أدرى بشعابها، وقالت: “حقاً كان بيت كرامي ولا يزال رقماً صعباً بين بيوت السياسة في طرابلس ولبنان فقد بني على أسس قوية جمعت بين الدين والزعامة وكان الافتاء تراثاً لهذا البيت جمع بين الدين والسياسة والعلم مع جده عبد الحميد كرامي الذي كان أصغر المفتين”. واستعرضت “مسيرة الرئيس الشهيد رشيد كرامي ودوره الانمائي ودور رجل الدولة الرئيس عمر كرامي الذي كان له ارث سياسي ثقيل بالرغم من كل العواصف التي ضربت لبنان في عهد حكومتيه الأولى والثانية”. وعددت فتال انجازات الوزير فيصل كرامي “انطلاقاً من تيار الكرامة وفي المؤسسات الكرامة للعمل الخيري في المستوصفات والنوادي والمدارس المجانية والهيئات الشعبية والتعليمية والأجيال الشبابية، وصولاً الى نجاحاته وانجازاته في وزارة الشباب والرياضة ومتابعاته الحثيثة لكل قضايا وهموم وشجون مدينته طرابلس”.
ثم تحدث الوزير كرامي فقال: “من أين أبدأ الكلام في صالون فضيلة واصف فتال؟
اني لا أخفي عليكم مدى تأثري على المستوى الشخصي وأنا في هذا البيت الكريم الذي تربطني به وشائج المودة والصداقة المتوارثة عبر السنين، فها هنا زرع الآباء شجراً لا يشيخ نتفيأ ظلاله نحن الأبناء ونسعى بعون الله تعالى إلى مواصلة مسيرة الخير والحب والعطاء، بل مسيرة بذل الغالي والرخيص من أجل فيحاء شامخة، كانت وستبقى الى الأبد شامخة بإذن الله.
يعز علي يا ابنة واصف فتال، ويعز عليك حتماً، أن نجتمع اليوم مع نخبة من اهل المدينة لنتباحث في هموم وشجون المدينة، وقد غاب عن مجلسنا حبيب طرابلس الشهيد الغالي رشيد كرامي رحمه الله، وعاشق طرابلس وعشير الرشيد واصف فتال شفاه الله.
ان افضل مقدمة لهذا الحديث عن طرابلس هو الحديث عن واصف فتال، هذا الرجل العصامي الذي حفر في الصخر اسماً ومكانة ودوراً، وقدم النموذج المشرق للمغترب الطرابلسي الذي اختار أن يعود الى مدينته ويلتصق بهمومها وهموم ناسها، والأهم هو واصف فتال صاحب الأدوار السياسية وصاحب المبادرات في الأزمنة الصعبة التي عاشتها طرابلس، مع زهد وتواضع وابتعاد عن دائرة الضوء وعن السعي الى مكاسب ومناصب لم يشته منها سوى الاقتراب من الرشيد وقد كانا صديقين وقريبين في السراء والضراء.

لكأني ايها الأحبة اذا أغمضت عيني هنيهة، أرى وأسمع رشيد كرامي وواصف فتال وعشير الداية وطه الصابونجي وباقة من رجالات المدينة يتطارحون هموم مدينتهم أو يتبصرون في ما يعود بالنفع على أهلها، أو حتى يتسامرون برقي وظرف، ويملأون المكان والزمان…
هل لي في هذه اللحظة أن أطلب منكم طلباً غريباً وهو أن نتحدث وكأن هذه الهامات معنا، تسمعنا وترانا وترشدنا وقد تخفف من حماستنا اذا بالغنا وقد تدفعنا الى الاقدام اذا أحجمنا؟ وثقوا ان هؤلاء الذين حرسوا طرابلس في المحن التي عاشتها، لا يزالون، عبرنا وعبركم، حراس المدينة الغالية في المحن المستجدة التي نواجهها”.
أضاف: “طرابلس بين الحاضر والمستقبل… أو طرابلس بين الواقع والمرتجى…
هذا هو العنوان الذي اختاره صالون فضيلة فتال الأدبي لكي نبحث فيه.
واني اسارع الى القول ان بوسعنا ان نحكي الكثير عن حاضر طرابلس، ولكني أخشى حقاً حين نستعرض هذا الحاضر معاً ان نكتشف اننا على وشك أن نقتل المستقبل، ولا أتردد في اطلاق السؤال المفجع: هل هناك مستقبل لطرابلس؟
ما يشجعني على قول الكلام بلا مواربات، هو انني بين نخب تشكل صفوة الوعي الفكري والاجتماعي والوطني الذي نحتاجه، ونحتاج الى تعميمه، لكي نعيد انتزاع حقنا في أن نحلم ونعيش وننتج ونبني، وهو حق لا يُهدى لنا من أحد، بل علينا أن نصنعه بأيدينا، وبعقولنا وقلوبنا، مهما كانت الصعوبات والتضحيات.
طرابلس اليوم أيها السيدات والسادة، حسب أحدث دراسة صادرة عن الاسكوا هي كما يلي:
1-    51 بالمئة من السكان لا يتجاوز مدخولهم اليومي 4 دولارات.
2-    نسبة الأمية بلغت 11 بالمئة! هل تصدقون اننا في عام 2013 بيننا 11 بالمئة لا يقرأون ولا يكتبون؟
3-    73 بالمئة من عائلات المدينة ليس لديها تأمين صحي.
4-    70 بالمئة من السكان يشربون من مياه الشفة الملوثة، اي من “الحنفية”.
5-    20 بالمئة من العائلات لا يملكون وسائل تدفئة وتبريد في منازلهم.
6-    25 بالمئة من العائلات يقل مدخولها عن 500 دولار شهرياً.
والأرقام كثيرة. وكلها مؤسفة ومخيفة.
ولكن، هل نحن بحاجة لدراسات الاسكوا لكي نكتشف واقعنا وواقع مجتمعنا؟
طبعاً لا.
نحن نعيش بين الناس ونعرف وجع الناس وندرك ان طرابلس كمجتمع وكنسيج اجتماعي وكبنية تحتية بشرية، هي على شفير الانهيار.
واني أزيد على أرقام الاسكوا وقائع اعرفها وتعرفونها:
أولاً: طرابلس هي اليوم مدينتان يفصل بينهما نهر أبو علي، والجزء الذي هو ما وراء النهر، والذي شكل على مدى قرن من الزمان عصب المدينة الاقتصادي والاجتماعي والعائلي هو مرتع للفقر والحرمان والانفلات الأمني. أما الجزء الثاني من المدينة فهو يرزح تحت ضغوط الانكماش الاقتصادي وانعدام الاستثمارات الانتاجية وغياب الحيوية العصرية والجنوح الهائل صوب الهجرة الدائمة أو المؤقتة.
ثانياً: طرابلس بدأت تفقذ خلال العقد الأخير خصوصيتها كمدينة وتجنح صوب مزيد من الريفية المغلقة، وبصريح العبارة المسيحيون يغادرون طرابلس الى بيروت وجبل لبنان، والعلويون يغادرون الى زغرتا والكورة، والسنة يهاجرون الى الخليج واوروبا وكندا وأميركا. وبعد قليل لن يبقى في طرابلس سوى “نواطير الذكريات”، أي نحن.
ثالثاً: لا أدري اذا كانت البلدية تضع لافتات على مداخل المدينة كما في كل المدن تقول فيها: طرابلس ترحب بكم. ولكن سواء كانت هذه اللافتات موجودة أو غير موجودة، فإن لا حاجة لها، لأن لا أحد يزورنا، ولسنا بحاجة للترحيب بأحد. نعم، المدينة، يتجنبها اللبنانيون والعرب والأجانب بسبب السمعة التي تم تكريسها وترويجها عبر الاعلام عن أنها مدينة متطرفة.
وأنا أقول هنا أن طرابلس كل عمرها مدينة محافظة وملتزمة ومحتشمة، وصدقاً لا أعرف لماذا تنشط فيها بكثرة جمعيات الهداية، فغيرنا أحوج منا الى الهداية، مثلاً من المؤكد أن هناك الكثير من الأماكن في لبنان التي تحتاج الى هذه الجمعيات أكثر من حاجة طرابلس اليها. وأسارع هنا الى التوضيح فأقول ان هذا الموضوع فيه من السياسة أكثر مما فيه من الدين، و”الله لا يسامح السياسة” التي لم تدخل في شيء الا وأفسدته”.
وتابع الوزير كرامي: “اكتفي بهذا العرض السريع لواقع الحال، لأنتقل الى البحث في الحلول.
والسؤال: ماذا نفعل، وما هو دورنا؟ وكيف نمارس هذا الدور؟
لا تتفاجأوا اذا قلت لكم، علينا أن لا نتكل على الدولة، أي بتعبير أدق علينا أن لا ننتظر الدولة، فقد انتظرناها بما فيه الكفاية وآن الأوان لكي نعمل، و”ما حك جلدك مثل ظفرك”.
يعني، لن أكرر عليكم معزوفة المرفأ والمعرض والمصفاة والمطار والمحجر والمشاريع التي لم تبصر النور.
ولن أكرر الكلام الممل عن السياحة والصناعة وانعاش المدينة الأثرية والمعالم التراثية، فهذا الكلام تحول من كثرة التكرار الى نكتة طرابلسية غير مضحكة.
أنا بوضوح كامل أدعوكم الى اقتحام المشكلة من بابها العريض اذا كنا فعلاً نطلب حلولاً، والباب العريض هو “السياسة”.
ان كل مصائب طرابلس، كلها بلا استثناء، ناتجة عن توظيف المدينة لخدمة مشاريع سياسية لا علاقة للمدينة بها. لقد فعلها في الماضي الفلسطينيون، وفعلها السوريون، ويفعلها اليوم لبنانيون وقوى اقليمية ودولية كبرى.
هذا باختصار ما يسمونه الاستتباع السياسي. وقد صار هذا الاستتباع سهلاً ومتاحاً بفعل الفقر والضائقة المعيشية، وبفعل الحرمان والتهميش وانعدام التنمية، وأيضاً بفعل التحريض والشحن المذهبي. وتعلمون كما أعلم أن مدينتنا لم تعرف عزاً وازدهاراً ومكانة في لبنان الا يوم كانت “رأس”، و”الراس” ايها الأخوة لا يكون تابعاً لأحد مهما علا شأنه!
بربكم قولوا لي، ما معنى الكلام الذي يقال عن دور طرابلس في نصرة الثورة السورية على النظام السوري؟ أو في نصرة النظام السوري على الثورة السورية؟
وهل طرابلس قادرة على تغيير بحصة وليس حجرة في صراع دولي يبدأ من واشنطن ولا ينتهي عند موسكو؟ ان هذا تهريج، ولعب بالنار، لأنه ينذر بكوارث ودمار ودماء في حال تمادوا بنا
(ولا أقول تمادينا) في هذه اللعبة.
بربكم قولوا لي، ماذا جنت طرابلس من 14 آذار؟ ومن 8 آذار؟ وأصلاً ما هي علاقتها بالفريقين معاً؟ حين تنتصر 14 آذار فان الخير سيعم وسط بيروت وجزءاً من جبل لبنان، وحين تنتصر 8 آذار فان الخير سيعم وسط بيروت أيضاً والضاحية الجنوبية وجزءاً آخر من جبل لبنان. وطبعاً طرابلس ستكون في الصفوف الخلفية لزوم التصفيق والهتاف وبذل الدماء والمظاهرات وحرق الدواليب مجاناً”.
وقال كرامي: “نحن على أبواب انتخابات نيابية، وهي العملية السياسية الديمقراطية الأهم والتي تؤسس   للمستقبل.
لن أدخل في متاهة القوانين المطروحة.
ولن أبشر بأن الانتخابات لن تحصل.
بل علينا جميعاً أن نتصرف وكأن هذه الانتخابات هي فرصة لنا، لا ضدنا.
أدعوكم كنخب وكقادة رأي وكأهل فكر وذوي تأثير في محيطكم الى السير عكس التيار. أي عكس 8 وعكس 14!
يا جماعة والله لم نعد نحب آذار… مع انه شهر الربيع، وشهر الأمومة والطفولة، وشهر التجدد والحياة.
نريد 8 طرابلس و14 طرابلس…
لا يهم اختلافنا في الرأي، المهم أن نختلف على أمور تخصنا نحن وليس على أمور تخص الآخرين.
واني أعيد تكرار موقفي المعروف منذ توليت منصباً وزارياً، وهو انني اضع مصلحة طرابلس فوق كل الخلافات، وامد يدي الى الجميع من أجل انماء طرابلس، والأهم من أجل أمن طرابلس.
وهذا ينطبق على الانتخابات، فأنا لا أتردد لحظة في الدعوة الى حلف طرابلسي خارج كل الاصطفافات السياسية.
واياً يكن القانون، فان اي ورقة تنزل في الصندوق لدعم معارك آذار وليس معركة طرابلس، هي ورقة خيانة للمدينة، وخيانة للذات وللعقل والمنطق، وهي اهدار لآخر فرصة يمكن أن تتاح لنا لكي ننتشل مدينتنا من هذا الواقع المرعب، ولكي نجنبها اذا قدرنا الله مصيراً قاتماً وظالماً.
عود على بدء،
لو كان رشيد كرامي بيننا، ولو كان واصف فتال حاضراً بحيويته الدائمة، لقال له رشيد أفندي: أبو السعد، اجمعوا أهل البلد، وشكلوا هيئة تنسيق، هيئة تشاور، هيئة انقاذ، أي هيئة، واستعدوا لأن مهمتنا الأولى هي أن ننقذ طرابلس، بحكمة وروية وذكاء.
واني اضيف على الحكمة والروية والذكاء، صفة لا بد منها في هذا الزمن الصعب، وهي التضحية… وقد فعلها رشيد كرامي من غير أن يباهي بها في حياته، فبذل دمه من أجل طرابلس، ومن أجل لبنان.
يا ابنة واصف فتال، يا فضيلة، هكذا بلا ألقاب ومجاملات، اني أتوخى ان تتصدي لهذه المهمة وأنا بكل تواضع جاهز لكل ما تطلبه مني مدينتي. وفقكم الله الى ما فيه خير طرابلس. أما في البلدية فاتكالنا عليكم وعلى مجلس بلديتها”.
بعد ذلك دار نقاش وحوار بين الوزير كرامي والحضور شارك فيه نائب رئيس بلدية طرابلس جورج جلاد ورئيسة سيدات الاعمال ليلى سلهب كرامي وأعضاء مجالس بلدية ومهندسين ومحامين. وفي الختام أقيم حفل كوكتيل على شرف الوزير كرامي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى