ثقافة

خمس ركائز لتكوين الإنسان المسؤول

بقلم الأستاذة الدكتورة فاطمة الزهراء سالم محمود

تعد عملية التكوين أو الإعداد من أصعب العمليات التى يواجهها المربون والقيادات التربوية والسياسية ، خاصةً عندما يتعلق الأمر بتكوين النشء،وتعويدهم على تحمل المسئولية ،والإعتماد على الذات فى شتى مناحى الحياة .

وتزخر المكتبة العربية بالعديد من الكتب والدراسات عن تحمل المسئولية، وإدارة الذات ، ومن ثم إدارة المجتمع أو السياق المحيط .

إلا أن الخبرة الحياتية ،والممارسات الفعلية لخير مصدر لتكوين الشخص المسؤول.

ويجدر بنا قبل الإرتقاء إلى وضع ركائز للشخص المسؤول علينا بادئ ذى بدء تعريف من هو الشخص المسؤول؟

كلمة المسئولية فى حد ذاتها تشير إلى الواجب المُفترض على المرء العاقل أن يؤديه ناصية نفسه، وناصية الأفراد المحيطين به، وناصية المجتمع والدولة التى ينتمى إليها.

وحمل الأمانة أو المسئولية ليس بالأمر الهين فقد حملها الإنسان لتمتعه بالحكمة العقلية، والقدرة على التمسك بالمبادئ القيمية التى يتمثلها فى تصرفاتها ،وسلوكياته الفردية والجمعية على السواء .

والشخص المسؤول هو ذلك الشخص القادر على حمل الأمانة، وأداء الواجب بجدارة، ويُقتدى به فى كافة المواقف والمحافل المحلية والدولية.

كما أنه شخص موثوق به، ويتمتع بتأييد شعبى ،ومجتمعى لقدرته على تحقيق آمال وطموحات الناس.

ومن ثم فالشخص المسؤول ليس بالضرورة أن يكون قيادى أو صاحب منصب، وإنما هو شخص يأخذ على عاتقه أهمية أداء الواجب بإقتدار، وأن ذاتيته ستتحقق عندما يخدم الجموع ،ويسعى إلى تحقيق مطالبهم وآمالهم وطموحاتهم .

ووفقاً لهذا يمكن الإرتقاء إلى الخمس ركائز التالية لتكوين الإنسان المسؤول :-

الركيزة الأولى ( بزوغ الضمير أو الوعى الداخلى)

إذ أن الوعى الداخلى أو الإحساس بالواجب ينمى لدى الإنسان القدرة على الأداء الأمثل الذى يرتضيه المجتمع، والقيادات، ويشعر الإنسان أنه فى المسار الصحيح .

فإعلاء الضمير فى كل شئ، ووضع مبادئ لا يمكن التنازل عنها مهما تغير الحال أو تبدل الوضع ومع مختلف المواقف، فهذا الثبات القيمى هو ما يجعل قيمة المرء عالية فى نظر نفسه، وفى أعين الآخرين أيضاً مهما اختلفوا معه فى الرأى أوتباين الحوار.

الركيزة الثانية ( العمل الهادف)

لا يمكن تصور شخص مسؤول منصرف عن أداء الواجب والمهام وينشغل بتوافه الأمور، أو القضايا السطحية أو المنازعات الشكلية التى تعطل مسيرة العمل أو تؤخر تحقيق مصالح الآخرين .

الركيزة الثالثة ( الإنصات الجيد للآخرين)

مهما كانت سلوكيات الآخرين أو تصرفاتهم المتنوعة والتى لا تتماشى مع المبادئ القيمية للشخص المسؤول ،ومبادئ وقيم المجتمع عليه دوماً مباشرة فعل الإنصات الجيد، واستيعاب كافة الأنماط والتصرفات السلوكية حتى يكون قادراً على اتخاذ قرارت حاسمة ورشيدة بشأن تلك الأنماط السلوكية الجانجة أو البعيدة عن تحقيق المرامى والأهداف.

الركيزة الرابعة ( الحوار المتمدن)

الشخص المسؤول محاور جيد ، ولديه قدرة على تبادل الرأى بهدوء وحكمة واتزان، ولديه رؤية يريد بثها فى الآخرين بحنكة ،وذكاء بحيث يشعر الآخرين أن الفكرة نبعت منهم ،وليس منه كمسؤول، ومن ثم يحظى بالتأييد والإجماع على أفكاره القيمة ،والتى تدل على شعوره بالواجب.

الركيزة الخامسة ( المسئولية المشتركة)

يُشرك الشخص المسؤول الآخرين فى تحمل المسئولية معه، وأن السلوك الإنسانى يُؤثر فى السلوك الجمعى.

كما يؤكد على أن الأداء الجمعى الجيد يحقق كافة أهداف التنمية ، إذ لا يمكن إلقاء التبعة على الشخص المسؤول وحده ،ويقف الجمهور المستهدف متفرجاً دون مشاركة حقيقية تُسرع من تحقيق الإنجازات المنشودة .

ومن ثم فالخمس ركائز السابقة تعد بمثابة بنى أصيلة فى نفس كل مسؤول راشد وحازم فى الوصول بالمجتمع المحيط أو الجمهور المستهدف إلى صفوف التقدم .

[email protected]

أستاذ فلسفة واجتماعيات التربية والسياسات التعليمية

كلية التربية -جامعة عين شمس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى