الأخبار اللبنانية

كلمة وزير المال محمد الصفدي في مؤتمر اتحاد المصارف العربية

معالي الأستاذ علي بابكان نائب رئيس مجلس الوزراء التركي معالي الدكتور أميّة طوقان، وزير المالية الأردنية
السادة المشاركين،
أيُّ مستقبل ينتظر العالم العربي في ضوء التحولات الكبيرة الحاصلة فيه؟
إذا كانت الأسباب ذاتها تولّد النتائج ذاتها” فإن تحقيق النهضة في العالم العربي مرهون بإزالة الأسباب التي أدّت إلى تراجعه في القرن العشرين.
لقد عبّر الناس في الدول التي تشهد تغييراً بوضوح أنهم يريدون الديمقراطية وفرص العمل.
وفي سبيل هذين المطلبين فإنهم مستعدون لدفع الثمن مهما كان غالياً. وفي انتظار أن تسلك الدول المضطربة طريق النمو، فإنها بحاجة إلى الحد الأقصى من الدعم الاقتصادي والمالي في المرحلة الانتقالية للحفاظ على الاستقرار وعدم الجنوح إلى الفوضى أو المجهول.

إن الدول العربية بأكملها وبالأخص تلك التي شهدت متغيّرات في أنظمتها السياسية تعاني أساساً ضعفاً في إنتاجيتها الاقتصادية، وهذا يتسبب بإرتفاع معدّلات البطالة وتراجع النمو.
إن حل هذه الأزمة يحتاج الى استثمارات كبيرة في القطاعات الإنتاجية مما يستوجب وجود يدٍ عاملة متمرّسة وخبيرة.
ولكن الأنظمة التعليمية المعتمدة في العالم العربي لا تنتج عمالةً كفوءة،
بسبب تدنّي مستوى التعليم وافتقاده إلى الجودة على الرغم من الحجم الكبير للإنفاق في بعض الدول.
هذه هي الدوّامة التي نحتاج الى الخروج منها ليكون التغيير العربي في إتجاه الربيع فعلاً.

أيها السادة،
تعلمون أنه إذا استثنينا عائدات النفط فإن الحجم الإجمالي للاقتصادات العربية مجتمعةً لا يوازي حجم الاقتصاد في دولةٍ متوسطة من دول أوروبا.
نستنتج من ذلك أن إقتصاداتنا غيرُ مُنتجة، وللدلالة تؤكد الإحصاءات أن حجم البطالة في الدول العربية يزيد عن 16% بالاستناد إلى أرقام منظمة العمل العربية.
أما المؤشر الأكثر خطورة فهو أن نسبة البطالة مرتفعة في صفوف الشباب وبالتحديد أصحاب الشهادات الجامعية.
أضف إلى ذلك أن نسبة الأمييّن الراشدين بحسب إحصاءات البنك الدولي تتجاوز الـ 25%.

أيها السادة،
إن مصير الديموقراطية والحرية والسلام في الدول العربية المضطربة يتوقف على إعطاء الشباب الذين انتفضوا وثاروا أملاً فعلياً بأن مطالبهم تتحقق من خلال التداول الديمقراطي للسلطة،
في جوٍ من الاستقرار، وليس عن طريق القمع والفوضى.
وفي موازاة الديمقراطية تحتاج هذه الدول الى تغيير نوعي في المناهج التعليمية وفي الخيارات الاقتصادية بحيث تتأمّن للشباب كميات وازنة من فرص العمل.
إن البطالة المسيطرة هي العدو الأول للاستقرار ولا يمكن محاربتها إلاّ بتوليد فرصٍ للعمل يشعر الناس معها أن شيئاً ما قد تغيّر في حياتهم ويلمسون تحسناً ولو بطيئاً في مستوى معيشتهم.
وعلى الرغم من تراكم المشاكل فإنني واثق من حيوية الشباب العربي الذي يشكل عصب الحياة الاقتصادية والاجتماعية.

أيها السادة،
إن الدول العربية مدعوة إلى تعاون أكثر عمقاً وجدّية في ما بينها لقيام سوق اقتصادية عربية حقيقية، لا حواجز فيها أمام انتقال الأشخاص والبضائع والرساميل والأفكار .
إن الدول العربية كما القطاع الخاص والمصارف ورجال الأعمال مسؤولون جميعاً عن إرساء نمط اقتصادي مُنتج وعن توفير شبكات الأمان الاجتماعي للناس.
وستحمل السنوات المقبلة تحديات فعلية لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية في العالم العربي.
أتمنى لمؤتمركم النجاح والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

بيروت، فينيسيا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى